ياسر العطا من أم درمان:  مواصفات المرحلة ورسم الميدان

الأحداث – عبدالباسط إدريس

 

من بين دوي الرصاص وأدخنة المعارك أطل عضو مجلس السيادة، مساعد القائد العام للجيش الفريق أول ركن ياسر العطا، ليحدد شروط ومواصفات المرحلة المقبلة، العطا أغلق الباب أمام وجود السياسيين في مرحلة التأسيس التي تلي انتهاء الحرب.

 

حديث أم در

 

الفريق أول ركن ياسر العطا قال إن المقاومة الشعبية ستكون حاضنة الحكومة المقبلة بعد انتهاء الحرب، وأكد أن العمليات العسكرية تسير وفقاً لما هو مخطط لها تماماً.

وقال العطا خلال زيارته  لغرف العمليات والمواقع المتقدمة بأم درمان برفقته القيادة الجوالة لإسناد عمليات القيادة العامة في حرب الكرامة إنه بعد تحقيق الانتصار ستكون هنالك فترة تأسيسية لعدد من السنوات لا توجد بها أي حاضنة سياسية وسيكون الشعب والمقاومة الشعبية هما الحاضنة.

 

مؤشرات المعركة:

 

حديث العطا يزيح الستار عن ما ستحمله الأيام المقبلة من متغيرات ميدانية تدل على انتقال الجيش إلى مرحلة جديدة من سير المعارك، فواقع أوضاعه بعد عام تكشف عدة نقاط أهمها، أن مليشيا الدعم السريع وبقوة تقدر بحوالي 120 ألف جندي وعشرات الآلاف من الأسلحة والمركبات العسكرية المدرعة، فشلت في الاستيلاء على القيادة أو أي موقع للجيش له مزية، وبالمقابل استطاع الجيش من نقطة الهجوم عليه على أبواب القيادة العامة الصمود وفك الحصار عن وحداته، بل أن أهم ماميز خطة امتصاص الصدمة بحسب خبراء عسكريين، هي المحافظة على عناصره بما في ذلك عدم تعريض كامل قوات المنظومة الأمنية لخطر الإفناء من قبل عدو حشد لمعركته الفاصلة كل عوامل الانتصار الساحق.

المعطى الأهم أن الجيش تمسك بالمحافظة على أم درمان وعمل مع القوات النظامية الأخرى بصبر  لتخليص هذه الرقعة الحيوية من سيطرة المتمردين، فأمدرمان تمثل الحلقة الأهم وعنوان رئيسي للانتصار بما تحتويه من موقع جغرافي وخطوط إمداد مفتوحة لصالح التمرد.

ويقول الخبير الأمني والعسكري محي الدين محمد دفع الله ل(الأحداث) إن الجيش تحول الآن من امتصاص الصدمة إلى مرحلة التقدم وحصار مليشيا الدعم السريع، مؤكداً أن انفتاح الجيش على نطاق واسع بالعاصمة الخرطوم مسألة وقت وليس أمام مليشيا حميدتي، بحسب محي الدين غير الاستسلام وإلقاء أسلحتهم أو مواجهة الموت.

 

عنوان مرحلة

 

من زاوية أخرى وضع الفريق أول العطا رسالة في بريد القوى السياسية، مشدداً على أن المرحلة المقبلة ستكون “تأسيسية” دون مشاركة أي جهة سياسية وهي رسالة تعزز ما أدلى به في وقت سابق عضو مجلس السيادة الفريق إبراهيم جابر من أن القوات المسلحة لن تكون طرفاً في أي اتفاق مع أي جهة سياسية.

ويعتبر حديث جابر والعطا ترجمة عملية للآءات الثلاثة التي قال بها البرهان، مؤكداً أن لا عودة لما قبل الإنقاذ أو الخامس والعشرين من أكتوبر أو ما قبل الخامس عشر من أبريل من العام الماضي تاريخ اندلاع الحرب.

ولا يمكن حصر حديث العطا في إغلاق الباب أمام محاولة تنسيقية تقدم بقيادة عبدالله حمدوك لإجبار الجيش عبر ضغط خارجي للتفاوض معها بهدف تسليمها السلطة المدنية، ولكن فيما يبدو أن حديث الفريق أول العطا يتجاوز ذلك إلى ماهو أبعد ويظهر جنرالات الجيش ومن خلفهم المنظومة الأمنية والعسكرية وكأنهم منشغلون بأولويات قصوى على رأسها التنفيذ الصارم للترتيبات الأمنية والعسكرية مع الحركات المسلحة التي تقاتل الآن إلى جانب الجيش واستكمال السلام مع حركتي عبدالواحد نور وعبدالعزيز الحلو، ومن ثم هندسة الساحة الداخلية وانتظار ما على القوى السياسية والمدنية من مهام أساسية على رأسها التوافق على دستور دائم وقانون ومفوضية للانتخابات.

فحديث الفريق أول العطا رسالته الأساسية أن الجيش في هذه المرحلة التاريخية قد حاز تفويضاً من الشعب وليس أدل على ذلك من قوله إن المرحلة التأسيسية ستكون حاضنتها الشعب والمقاومة الشعبية.

 

تأييد شعبي

 

من زاوية أخرى فإن تصريحات العطا قد تثير قلق المدنيين وقطاع أوسع من الشباب السوداني الراغب في الحكم المدني والتحول الديمقراطي، هؤلاء ربما يخشون من قيام نظام عسكري صارم يوظف التأييد الشعبي للجيش لصالحه وإدخال البلاد فى دورة عدم استقرار جديدة، وهنا يقول المحلل السياسي إبراهيم عثمان ل(الأحداث) إن على قادة الجيش التوازن بين مطالب استعادة الأمن وبين مطلوبات التغيير، مؤكداً في ذات الوقت أن المرحلة التأسيسية نفسها بحاجة إلى تعريف وتشاور مع القوى المدنية لتحديد آجالها وبرامجها بهدف الاتفاق عليها.

 

 

Exit mobile version