عندما تتحول الأوضاع الإنسانية إلى كرت ضغط بيد داعمي المليشيا
تقرير – أمير عبدالماجد
كان لافتاً أن تحرك مليشيا الدعم السريع قوات لها في الخرطوم لتهاجم في وقت واحد هو فجر العيد مواقع للجيش في الخرطوم وهو امر اثار الدهشة لان القوة التي هاجمت هنا وهناك قليلة، وربما تعلم هي نفسها انها غير قادرة على إحداث تغيير ومع ذلك هاجمت مقار للجيش، وحاولت دخول منطقة كمنطقة كرري التي فشلت في دخولها وهي في أوج قوتها في الأشهر الأولى للحرب، كما هاجمت المدرعات وسلاح الاشارة والذخيرة وغيرها بقوات قليلة رغم أنها – أي المليشيا- هاجمتها في وقت سابق بارتال من المقاتلين والاليات وفشلت في دخولها وفي اليوم نفسه قصفت المليشيا أحياء محلية كرري بالدانات منذ الساعات الأولى للعيد وحتى ظهيرة ذلك اليوم، وعادت لتضرب في اليوم الرابع للعيد بالدانات أحياء ما أدى لسقوط قتلى وجرحى بين المدنيين حيث طال القصف أحياء عديدة وسقطت أكثر من (26) دانة خلال دقائق في مساحة محدودة جغرافيا.
فك ضغط
وأسفر هذا القصف عن مقتل ثلاث أشخاص في اليوم الرابع للعيد بينهم الشاب شرف وهو من أميز الشباب المتطوعين بمستشفى النو وأصيب عدد كبير من المواطنين باصابات متعددة، فما المقصود من هذه التحركات؟ وهل تعتقد المليشيا أن قتل المواطنين يشكل ضغطاً على القوات المسلحة وقد يجبرها على الجلوس للتفاوض كما قال أحدهم وهو من عربان الشتات في إحدى التسجيلات المسجلة والمنتشرة في الميديا؟ أم أن المنظرين لها يعتقدون أن فك الضغط على الامارات دبلوماسياً يجب أن يمر باجسام السودانيين خاصة بعد خطاب ممثل السودان في مجلس الأمن عن الدور الاماراتي المباشر في حرب السودان وكونها شريكاً أصيلاً فيما حدث وليست مجرد داعم، فضلا عن التحركات الأوروبية والاقليمية التي تدعو إلى الجلوس على مائدة التفاوض لايقاف الحرب والدخول في مفاوضات سياسية تقود لاكمال الفترة الانتقالية.
أمر مستفز
والسؤال هنا هل يتطلع السودانيون فعلا الان لاكمال الفترة الانتقالية بعد كل ماحدث لهم؟ أم أن الأمور يجب أن تخضع لمعايير جديدة لتحديد ملامح الفترة التي تعقب ايقاف الحرب؟
يقول محمود السر الموظف في إحدى شركات الاتصالات والذي فقد ثلاثة من أفراد عائلته في هذه الحرب جراء الاشتباكات والقصف المدفعي “إن الحديث عن فترة انتقالية وحتى عن تحديد ملامح الفترة القادمة أمر مستفز للناس لاننا الان تحت وابل من الرصاص، صدقني لا يستطيع شخص لم يعش هذه اللحظات ويعرف رعبها ويرفع الموتي والمصابين تحت قصف المدافع والراجمات والدوشكات وغيرها لايستطيع أن يعرف أو يقدر قيمة أن تنام وانت لا تخشي دخول مسلحين إلى غرفتك لقتلك او سقوط دانة تفتك بك وباهلك وأبناءك”.
وأضاف “من يتحدثون عن السلام الان معظمهم لم يعش الحرب الا في إطار تهجيره وأغلبهم إما موجود ومقيم أصلا بالخارج أو غادر في الأشهر الاولى للحرب، لن نترك هؤلاء يقررون مستقبل ابنائنا بعد الذي عشناه والذي ذقناه هنا، لانريد الحديث الان عن فترة انتقالية تأتي بهؤلاء العملاء والخونة إلى الحكم مرة أخرى”.
وزاد قائلا “لنوقف الحرب أولا ونرى حقيقة ماحدث لبلادنا ونقرر بعدها نظام الحكم نفسه هل سنبقى كولايات وحكم فيدرالي أم نذهب الى خيارات أخرى مثل الكونفدرالية قبل أن نقرر من يحكم وأي انتخابات ستجري”.
تدمير السودان
بالمقابل قال حسن أرباب الذي استنطقته (الأحداث) من أمام مستشفي النو بالثورة ويعمل استاذا بالمرحلة المتوسطة باحدى مدارس أم درمان قال” نحن هنا لان الدانات التي سقطت على الحارة الثامنة أصابت إبن أخي بشظية”، وأضاف “هو بخير الان لكن أحد اصدقاءه توفي وهو الشاب شرف لذا أثر هذا عليه كثيرا”.
وكان الشاب قد استشهد إثر سقوط دانة بالمسجد الملحق بمستشفي النو.
وقال ارباب “نحن لا نتطلع لمرحلة انتقالية الان، لم نعد نثق بالأحزاب بعد ما رايناه من حمدوك وخالد سلك ومن معهم، هؤلاء ربما للمرة الأولى في تاريخنا أفصحوا عن وجه سافر للعمالة إذ لايمكن فقط لانهم يرغبون في الكراسي أن يدمروا السودان وأن يتحالفوا مع عرب الشتات ضد أهلهم هذا امر غير منطقي”، وتابع “أنظر إلى هذه الدانات التي تتساقط علينا ليل نهار وتقتل أهلنا هل يمكن لاي شخص هنا أن يقف ويساند من يطلق هذه الدانات بل ويعتقد أنه سيصل إلى الحكم عبر بندقيته”، وقال “الدعم السريع لو اعتقد ان هذه الدانات ستكسرنا واهم لاننا أقوى منها وسننهض ونتجاوز عثرتنا وحتى لو بقي رجل واحد منا سينافح ويموت لأجل بلاده”، وعن استراتيجية الدعم السريع في الهجوم على مقرات للجيش هو يعلم أن عدته وعتاده أقل من المطلوب لدخولها.
ضغط وتفاوض
وعن الاصرار على ارسال الدانات إلى محلية كرري يوميا قال د. أسامة حنفي أستاذ العلوم السياسية بجامعة السودان إن “ما يظهر هنا أن الأمر مقصود لذاته بمعنى أن الهجوم ليس الهدف منه دخول مناطق عسكرية بل القول أنهم لازالوا هنا ويمكنهم التسبب في الأذى لذا من الأفضل الجلوس معهم والتفاوض هذا في تقديري هو تفكير الدعم السريع الان ومن خلفه جناحه السياسي والدول الراعية للحرب في السودان”، وتابع “هم يعلمون أن هذا الضغط على القوات المسلحة لن يغير شيء لكنهم يخاطبون من خلال هذه الأفعال المجتمع الدولي بزعم يثبت سطحية من يحركهم أن الضغط على الجيش بالوضع الانساني سيجبره علي القبول بالتفاوض”.