بين قتلى حافلة كرري وخطاب البرهان الأخير، هل من أمل في العودة إلى مفاوضات جدة؟

تقرير – أمير عبدالماجد

 

سقطت دانة بشارع الحارة (30) علي حافلة ركاب، الثلاثاء، راح ضحيتها تقريباً كل ركاب الحافلة الذين سقطوا بين قتيل وجريح  بالإضافة إلى بعض المارة وأصحاب المحال التجارية بالشارع المكتظ في العادة بحافلات الركاب والرقشات وبعض الباعة الذين تراصوا علي امتداد الشارع وهؤلاء هنا لأن الحركة وسط المواطنين كبيرة، فموقف الحارة (30) مثله مثل أسواق صابرين وخليفة وغيرها انتعش بعد الحرب التي دمرت أسواق أم درمان العتيقة كالسوق الكبير وسوق الشهداء وغيره من الأسواق التي انتقل مركزها بعد الحرب إلى شمال أم درمان.

 

اكتظاظ أسواق

هذه الأسواق ومواقف المواصلات مكتظة بالمارة والركاب وشوارعها أيضاً لا تخلو من سيارات النقل العام والرقشات والدفارات التي تنتظر من يطلبها لنقل العفش من منطقة إلى أخرى خاصة من مناطق أم درمان القديمة التي نهب أغلب مافي بيوت أهلها إلى داخل كرري والثورات أو من داخل كرري والثورات نفسها إلى الولايات لأن بعض الأسر نقلت مافي منازلها إلى منازل استأجرتها في الولايات.. الأمر في مناطق مثل الأسواق ملتبس إلى درجة كبيرة ذلك أن دانات مليشيا الدعم السريع وصلت تقريباً إلى كل هذه الأسواق وأسقطت ضحايا، ومن يزور هذه الأسواق يعلم أن إلقاء حجر فيها سيصيب عدد من المواطنين لازدحامها ناهيك عن سقوط دانات تعتمد في حصد حياة الناس على الرائش الذي ترسله لحظة سقوطها واصطدامها بأي جسم صلب.. وهو أمر مرعب فالدانة تقتل لو اصطدمت بك مباشرة ستجعل جسدك ألف قطعة وهو أمر حصل لكثير من المواطنين الذين رحلوا ودفنوا بعد التقاط أجسادهم من الأرض و(لملمة مايمكن لملمته) منها.. دفن أغلبهم قطع مبعثرة لكن العدد الأكبر ممن سقطوا في الأسواق والمنازل قتلهم الرائش الذي ترسله هذه الدانات لحظة اصطدامها بجسم صلب.. وهي مصممة لترسل الرائش لتقتل وبصورة مرعبة.

 

عودة الدانات

وقال صلاح أبونوفل وهو صاحب محل لبيع الفول في المنطقة إنه لم يشاهد الدانة وهي تسقط لكن رائشها وصلهم وسمعوا أصوات من كانوا بالحافلة، وأضاف “يقيني أنها لم تسقط عليهم مباشرة وإلا لما وجدنا الحافلة هي سقطت إلى جوارهم وأرسلت روائشها لتقتل الركاب والسائق”، وأردف “هذه ليست المرة الأولى ففي المنطقة نفسها سقطت دانات قبل الآن وأوقعت قتلى وأظنك سمعت بصاحب الحافلة الذي ترك أسرته في السيارة ونزل لشراء بعض حاجياته من البقالة وضربتهم دانة قتلتهم جميعاً زوجته وأبناءه الصغار.. هذا حدث هنا إلى جوارنا”، وتابع “توقفت الدانات خلال الأشهر الماضية لكنها عاودت الآن بكثافة وبصورة يومية”.

 

انتصار الجيش

وقال عبدالرحمن آدم بشر سائق حافلة نقل ركاب تعمل من كوبري الحتانة إلى مناطق السروراب والبادوبة وغيرها إن الأمر ويقصد الدانات بات مستمراً هنا وكلها تأتي من شرق البحر ويقصد مدينة بحري وفقدنا سائقين كثر حصدتهم الدانات وحصدت سياراتهم بل ووصلت هذه الدانات إلى بيوت سائقين وقتلت أسرهم لدينا أحد زملائنا فقد زوجته مؤخراً بعد سقوط دانة على منزلهم بالحارة (20)، وأضاف (لدينا مواقف مواصلات إلى جوار كبري الحتانة وهنا في الحارة (30) كلها استهدفت بالدانات كما حدث مؤخراً) وتابع (السائقون هنا من مناطق عديدة ليسوا جميعاً ممن كانوا يعملون هنا قبل الحرب معظم هذه الحافلات كانت تعمل في أمبدة وبحري وغيرها من المناطق بسبب الحرب نزح أصحابها إلى هنا وهم يعملون معنا).

ويعتقد سعد الدين الرحومة إدريس وهو جندي سابق بالجيش أن ازدياد وتيرة الدانات التي تسقط على مناطق في كرري والثورات لها علاقة بالحديث عن عودة التفاوض بين الجيش والدعم السريع، وأضاف (كلما وصل رئيس مجلس السيادة إلى ام درمان يزداد عدد الدانات وكلما كثر الحديث عن مفاوضات زادت الدانات هذا مانلاحظه وما وصلنا من خلال أكثر من عام على اشتعال الحرب.. صحيح أن الدانات هذه لم تتوقف طوال هذه الفترة لكن وتيرتها تزداد كلما كان هناك حدث مثل وصول مسؤول كبير أو انتصار للجيش أو هزيمة للدعامة في منطقة ما أو الدخول في مفاوضات). وجزم سعد الدين أن انعقاد جلسات مفاوضات الآن يعني أن مزيد من الدانات ستصل بيوتنا وحافلاتنا وشوارعنا).

 

جلوس للتسوية

سألت الباحث السياسي وأستاذ العلوم السياسية أحمد عمر خوجلي فلم ينفي فرضية أن الدانات هذه مرتبطة بطريقة ما بالضغط على الجيش من خلال الضغط على المواطنين من أجل الجلوس للتسوية وأضاف (تصريحات البرهان الأخيرة في عزاء أحد ضباط الجيش التي قال فيها إن الحرب بدأت للتو لا تشير إلى أن المفاوضات حتى لو عقدت ستسفر عن شيء لأن الرجل يبدو مصمماً على المضي في المعركة كما أن عودة الطيران الحربي ليحلق بهذه الكثافة يومياً فوق سماء الخرطوم والأصوات المرعبة التي تصدر عن قصفه لمواقع الدعم السريع في بحري وامبدة وغيرها لا تشير إلى أن الذهاب إلى المفاوضات من أولويات الجيش حالياً) وتابع (الدعم السريع ومن يقف خلفه ربما يعتقد أن سقوط هذه الدانات على كرري ستضع ضغوطاً على الجيش لكن من واقع ما أراه أمامي على الأرض هذا لايحدث)، وقال (بين سطور تصريحات البرهان الأخيرة يمكنك قراءة أن الجيش سيتعامل مع الأمور بصورة مختلفة في الفترة المقبلة وأعتقد أن عودة الطيران الحربي وكثافة عملياته مقدمة لما سيأتي).

Exit mobile version