بحري.. الاتجاه إلى (منطقة القتل)

تقرير – أمير عبدالماجد

 

ماذا حدث في بحري صباح الجمعة، ولماذا بدأ أن عمل القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى مفاجئاً للجميع بما فيهم مليشيا الدعم السريع المتواجدة بكثافة في المدينة، والتي عاثت فساداً هناك حتى اعتقدت أنها بمنأى عن أي عملية عسكرية برية تستهدفها.. ورغم أن الطيران لم ينقطع عن سماء المدينة طوال عام كامل لكن معظم مقاتلي الدعم السريع هناك لم يخوضوا عمليات عسكرية مباشرة مع الجيش إلا لماماً وفي تحركات محدودة  بالهجوم الذي شنوه هنا وهناك على حطاب والكدرو ومعركة كوبري الحلفايا التي وقعت أكثر من مرة، والهجوم على سلاح الإشارة ما أسس لانطباع عام لدى أعداد مقدرة من المتابعين لسير العمليات العسكرية في الخرطوم بأن المعركة النهائية لتحرير المدينة ستكون في بحري وفي شرق النيل تحديداً بالنظر لأعداد مقاتلي مليشيا الدعم السريع بالمدينة والتحصينات التي أقاموها خلال أكثر من عام، وبالنظر إلى تداخلهم المجتمعي واختلاطهم بمجتمعات عديدة بشرق النيل التي امتلكوا فيها كما امتلكوا في بحري منازل عديدة.

 

عمليات عسكرية

دخلت قوات من الجيش صباح أول أيام العام الحالي إلى شمال بحري، ودخلت مباشرة في عمليات عسكرية توجتها بحصار مصفاة الخرطوم وتنظيف مناطق عديدة هناك، وفي الأثناء كان الدعم السريع يتحرك بحرية داخل المدينة ويحشد قواته من شرق النيل وغيرها لفك حصار المصفاة ومهاجمة سلاح الإشارة بغرض تحقيق نصر ولو معنوي بدخول إحدى قواعد الجيش وهو هدف استعصى عليهم طوال الأسبوع الماضي.. صباح الجمعة غيّر الجيش من أسلوب الدفاع وهاجم بصورة مفاجئة مستخدماً كل الأسلحة من طيران ومسيرات ومدفعية وضفادع بشرية ومشاة ومدرعات شل عبرها بنيران كثيفة حركة العدو.. ضفادع تسللت عبر البحر ومقاتلين عبر الجسر وكمين لاستدراجهم إلى  مايسمى عند الجيش بـ (منطقة القتل).. المفاجأة والتوقيت والسرعة قادت أعداد مقدرة دون أن يفهموا ما يحدث حولهم إلى (منطقة القتل) التي حاول فزع قدم من شرق النيل إخراجهم منها لكن الطيران كان حاضراً ومستعداً لأن من قادوا المعركة كانوا يعلمون أن فزعاً سيأتي من شرق النيل، ويعلمون الطرق التي سيسلكها لذا كانت منطقة القتل معدة للفزع الذي احتاج إلى من يفزعه وانتشر جنود الجيش وآلياتهم صباحاً بعد أن عبرت أعداداً كبيرة منهم جسر الحلفايا الرابط بين أم درمان والخرطوم بحري وتوغلوا إلى عمق بحري بعد أن تمكنوا من تدمير إرتكازات كانت تقيمها مليشيا الدعم السريع في الجهة الشرقية من الجسر.

 

اشتباكات عنيفة

وقال شهود عيان لـ(الأحداث) إن جنوداً عبروا صباح الجمعة من أم درمان اشتبكوا مع ارتكازات الدعم السريع شرق الكوبري وقتلوا معظم جنود الدعم السريع هناك وأحرقوا سياراتهم قبل أن يتجهوا إلى عمق المدينة وإلى المزارع، وأكدوا أن اشتباكات عنيفة دارت في شارع مور ومزارع الحلفايا والمناطق المحيطة بها.

فيما أفاد شهود عليان من شمال بحري أن جنود قاعدة حطاب انفتحوا إلى المنطقة ودخلوا منطقة دردوق ومناطق أخرى بالمنطقة، وأكدوا أن مقاتلي الدعم السريع هربوا من المنطقة، وأشاروا إلى أن الطيران الحربي للجيش قصف أكثر من مرة أهدافاً بالمنطقة. وكان الطيران الحربي قد اعترض متحركاً من شرق النيل كان في طريقه لإسناد القوات المشتبكة مع الجيش في شارع مور ومحيط جسر الحلفايا والمزارع.

وكان المتحدث باسم الجيش العميد ركن نبيل عبد الله أكد في بيان له أن القوات المسلحة نفذت عملية نوعية ناجحة فجراً أدت إلى تدمير عدد كبير من آليات العدو وخلفت العديد من الهلكى من قادة وعناصر مليشيا آل دقلو الإرهابية كما تمكنت القوات من الوصول إلى عمق العدو في منطقة الخرطوم بحري والحلفايا، وأشار إلى سقوط سبعة قتلى و28 جريحاً من قوات الجيش.

 

عنصر المفاجأة

يقول أستاذ العلوم السياسية د. أسامة حنفي إن عنصر المفاجأة كان الأهم فيما حدث صباح الجمعة بالإضافة إلى  الرسالة التي وصلت الجميع بأن الجيش عازم على تحرير بحري وأن معارك المصفاة ليست معزولة بل هي امتداد لمعركة تحرير المدينة التي سيطر عليها الدعم السريع لأكثر من عام، وأضاف (أيا كانت المحصلة فهذه المعركة مهمة جداً لأن الوصول إلى عمق المدينة وانتشار الجيش هناك وانفتاح قواعده العسكرية على المدينة مهم ولايقل أهمية عندي من عملية تحرير قاعدة المهندسين التي انفتحت بعدها واحدثت تغييراً كبيراً في ميزان العمليات العسكرية)، وتابع (الآن فك الخناق حول سلاح الإشارة وانفتاح مقاتليه على المدينة مع القادمين من كرري ونهر النيل وحطاب والكدرو ومع الإسناد الجوي والمدفعي الذي يتوافر لهم أعتقد أن إقامة الدعم السريع في بحري انتهت وحان وقت تحرير المدينة التي عبثت بها هذه المليشيا وهجرت سكانها)، وقال (ماحدث هو أن الجيش بات يمتلك زمام المبادرة وبات أكثر قدرة ونجاعة على تغيير الواقع العملياتي في الميدان ليس فقط في الخرطوم بل في كل مناطق العمليات)،  وأضاف (لو استمرت العمليات بهذه الكثافة وفي كل المحاور أعتقد أننا سنختصر الوقت).

 

كتلة مدربة

في السياق قال كبير خبراء المركز الأفريقي الفريق مدني الحارث إن المناطق العسكرية في السودان كلها الآن تحمل بندقيتها ومتأهبة، وأضاف (ماحدث في جبل موية يشرح للجميع أن الجيش بات أكثر قدرة على التعامل مع العدو)، وتابع (الدعم السريع لا يملك الآن كتلة مقاتلة مدربة كبيرة لأن القوات الرئيسية تم سحبها لمعارك الفاشر ومعظمها هلك هناك لذلك الموجودين الآن نهابة وقطاع طرق لديهم مدافع تقصف من بعيد وهؤلاء لايملكون القدرة على مواجهة قوات مدربة تملك إسناد جوي)، وتابع (المتواجدون الآن في الخرطوم معظمهم مرتزقة أجانب ومجرمين أطلق الدعم السريع سراحهم من السجون وأنظر إلى الذين هاجموا سلاح الإشارة ستجد أنهم مرتزقة من دولة جنوب السودان).

Exit mobile version