المبعوث الأمريكي في بورتسودان.. أجواء غائمة ولقاءات ساخنة

تقرير – وكالات
وسط أجواء غائمة، ودرجة حرارة لم تتجاوز 30 درجة مئوية في مدينة بورتسودان، العاصمة الإدارية المؤقتة للحكومة السودانية، جاء المبعوث الأمريكي للسودان توم بيريللو إلى المدينة التي تقع على شاطئ البحر الأحمر، حيث ترغب واشنطن وموسكو في إقامة قواعد بحرية عسكرية تضمن للدولتين نفوذاً وتحكماً في حركة التجارة العالمية عبر الموانئ.
بورتسودان، غير مشغولة بالضيف الأمريكي الذي تأجلت زيارته منذ أغسطس الماضي، لعدة مرات إلى المدينة التي تضج بالحياة، بعد أن تعلل المبعوث الأمريكي بالبرتكول الأمني لعدم وجود سفارة لبلاده في بورتسودان، حيث اشترط لقاء المسؤولين السودانيين في مطار المدينة ، لكن تلك الشروط قوبلت بالرفض السوداني القاطع.
ووفق تقارير إعلامية، وصل عشرات من عناصر البحرية الأميركية “المارينز” ترافقهم مروحيتان ومركبات مصفحة وباخرة عسكرية رست في ميناء بورتسودان قبل وصول المبعوث بيرييلو، منذ يوم الاحد كوفد مقدمة للزيارة.
غير أن بورتسودان لم تشهد إجراءات أمنية مشددة، أو إغلاق للطرق الرئيسية كما كان متوقعاً على الرغم من تزامن زيارة المبعوث الأمريكي ، مع المبعوث الألماني للقرن الأفريقي، هايكو نيتشكي، وجون ايجلاند الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين، وكأنها رسالة خاصة في بريد واشنطن، بينما عززت السلطات الأمنية من اجراءاتها حول مقر اللقاءات لضيوف البلاد.
البرهان والمبعوث الأمريكي
قال مجلس السيادة الإنتقالي السوداني في بيان إن رئيسه البرهان، التقى المبعوث الأمريكي الخاص للسودان توم بيريللو، بحضور السفير عمر عيسى وكيل وزارة الخارجية بالإنابة و سفير السودان لدى الولايات المتحدة الأمريكية السفير محمد عبدالله إدريس.
وعقب اللقاء قال السفير محمد : “لقاء رئيس المجلس السيادي بالمبعوث الأمريكي للسودان كان لقاء مطولاً وشاملاً وصريحاً، تم فيه تناول كل مايدور بشأن الأزمة الراهنة خاصة فيما يتعلق بالأضرار الكبيرة التي لحقت بالمواطنين جراء الإستهداف الممنهج الذي مارسته مليشيا التمرد في حق المدنيين والنازحين واللاجئين “.
وتابع :” الحديث تناول خارطة الطريق وكيفية إيقاف الحرب وإيصال المساعدات الإنسانية ورتق النسيج الإجتماعي، فضلا عن العملية السياسية كمخرج نهائي لما بعد الحرب “.
وأضاف سفير السودان بواشنطن إن المبعوث الأمريكي قدم مقترحات في هذا الصدد ، ووافق عليها رئيس مجلس السيادة وقال أن الحكومة السودانية أوفت بكل الإلتزامات التي قطعتها بشأن فتح المعابر والمطارات من أجل تسهيل وصول المساعدات الإنسانية مؤكداً انفتاح الحكومة نحو كل ما من شأنه إيصال هذه المساعدات للمحتاجين.
وأكد رئيس المجلس السيادي للمبعوث الأمريكي عدم موافقة حكومة السودان على إستغلال معبر أدري لتوصيل السلاح للتمرد. وقال السفير محمد إن البرهان شكر الولايات المتحدة الأمريكية وبرنامج الغذاء العالمي والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية على المساعدات الإنسانية التي قدموها للشعب السوداني.
وأوضح السفير محمد، الذي شارك في لقاءات المبعوث، أن الأخير إبتدر زيارته للبلاد بعقد سلسلة من اللقاءات شملت وزير الخارجية السفير د. علي يوسف، حيث تمت مناقشة العديد من القضايا السياسية والعلاقات الثنائية والقضايا الإنسانية وكيفية إيقاف الحرب.
كما التقى أيضاً السلطان سعد بحر الدين سلطان عموم دار مساليت ، حيث وقف على الأحداث التي وقعت بولاية غرب دارفور والتي إرتكبت فيها مليشيا الدعم السريع الإرهابية سلسلة من الجرائم الشنيعة في حق المدنيين من تهجير قسري وقتل على الهوية وإغتصاب.
وذكر بيان مجلس السيادة بأن نائب رئيس المجلس مالك عقار ، التقى المبعوث الأمريكي كذلك، و اتسم اللقاء بالصراحة وتم فيه التطرق لكل القضايا بما فيها قضية كيفية إيقاف الحرب في السودان وتوصيل المساعدات الإنسانية لمستحقيها فضلاً عن الأدوار السالبة لبعض الدول الإقليمية وبالأخص دولة الإمارات العربية المتحدة التي تدعم مليشيا الجنجويد بالسلاح والعتاد الحربي.
من جانبه أعرب المبعوث الأمريكي الخاص للسودان عن سروره بزيارة السودان ولقائه مع عدد من المسؤولين بالدولة وزعماء قبائل مبيناً أن زيارته للسودان تحمل رسالة واضحة من الولايات المتحدة الأمريكية بأنها تقف بجانب الشعب السوداني مثلما كان يحدث دائما خلال العقود الماضية وقال أنه من دواعي الفخر والإعزاز أن تكون الولايات المتحدة من أكبر الداعمين للمساعدات الإنسانية للنازحين في داخل السودان أو للاجئين الذين عبروا الحدود نحو دول الجوار ، معربا عن سعادته لما حدث من تقدم خلال الفترة الماضية الأمر الذي وسع من فرص حصول المواطنين على الدواء والغذاء وقال أن بلاده ستظل تعمل مع السودان لضمان حصول أي شخص على المساعدات اللازمة من دواء وغذاء وماء بكرامة وأضاف “نتشارك الطموح من أجل أن تنتهي هذه الحرب حتى تقف الفظائع والانتهاكات التي شاهدناها مؤخراً في الجزيرة وغيرها مضيفاً أن الولايات المتحدة الأمريكية تشارك الشعب السوداني طموحه نحو مستقبل ديمقراطي شامل.
وشكر توم بيريللو المسؤولين بالدولة الذين إلتقاهم فضلاً عن زعماء القبائل والمجتمع المدني مشيراً الي الحفاوة والاستقبال التي حظي بها خلال زيارته للسودان، وفق بيان لمجلس السيادة.
وقالت قناة الشرق السعودية بأن اللقاء بين رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان و المبعوث الأمريكي توم بيريللو في بدايته لم يكن ودياً و أنتقد البرهان مواقف الإدارة الأمريكية و انتقد بيرييلو عرقلة إيصال المساعدات الإنسانية.
ووفق القناة السعودية ناقش البرهان وبيريللو مستقبل مليشيا الدعم السريع و أكدا علي ضرورة إنهاء تعدد الجيوش و تشكيل جيش وطني ، ضمن عملية سياسية شاملة.
تصريح مالك عقار
‏وقال نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي مالك عقار في تدوينة له على الفيس بوك: “التقيت بالمبعوث الأمريكي توم بيريللو والذي أوضح أن الغرض من هذه الزيارة هو بناء علاقات جديدة مع السودان بغرض مناقشة إيصال المساعدات وانهاء الحرب وأكد اهتمام الادارات الامريكية المتعاقبة بالشأن السوداني.
وتابع: “شكرت المبعوث على الزيارة وإن تأخرت، وأبلغته بأننا تابعنا المجهودات التي بذلها والمؤتمرات والاجتماعات التي عقدها في عدد من الدول من أجل حل الأزمة السودانية واكدت له بان العلاقات السودانية الامريكية شهدت فترات مد وجزر في مراحل مختلفة ولكننا الآن في حكومة السودان نتطلع إلى بناء علاقات صحية متناسقة مع أهداف الشعب السوداني ومبنية على الاحترام المتبادل، وأكدت له أن زيارته بداية جيدة لبناء علاقة صحية جديدة لاسيما وإنها قد بدأت من مقار الحكومة السودانية وليس عبر المطارات أو من خارج السودان أو عن طريق مكالمات هاتفية وهذا ما سيساهم في خدمة مصالح البلدين”.
وأضاف عقار :” أشرت خلال الاجتماع الي أن الأزمة التي يمر بها السودان الآن هي صنيعة أيادي سودانية ومباركة أمريكية وأوروبية إلى جانب الدعم المادي من دولة الإمارات وإذا رغبت الولايات المتحدة بصورة جادة في إنهاء هذه الحرب فعليهم بحكم علاقاتهم مع دولة الإمارات أن يطلبوا منها أن تكف عن دعم مليشيا آل دقلو، وأكدت للمبعوث الأمريكي أنه لا يمكن أن تكون هنالك ديمقراطية واستقرار في المنطقة بأكملها في ظل وجود مليشيا الدعم السريع”.
واستطرد نائب رئيس مجلس السيادة: “تطرقنا خلال نقاشنا إلى اتفاق جدة الذي يسرته الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية واكدت للمبعوث أننا ننظر إليه كاتفاق جيد، ولكن ما يعيبه هو أنه يفتقر إلى آليات التنفيذ، واتفقنا في ختام اللقاء بأن تستمر المناقشات بين قيادة البلدين.”.
وزير الخارجية والمبعوث الأمريكي
وقالت الخارجية السودانية في بيان تلقى “إستقبل د. علي يوسف أحمد الشريف وزير الخارجية بمكتبه ظهر الاثنين توم بيرييلو المبعوث الأمريكي الخاص للسودان والوفد المرافق له”.
وتابع :”أكد الوزير ترحيب السودان بالزيارة، مثمناً جهود الولايات المتحدة الأمريكية في تقديم المساعدات الإنسانية للسودان، ومساهمتها في التوصل إلى إعلان جدة”.
وجدد الوزير السوداني رغبة الحكومة في التوصل إلى سلام ينهى معاناة السودانيين الذين يتعرضون لأبشع الإنتهاكات بسبب جرائم المليشيا المتمردة.
وأوضح أن الحكومة لا يمكن أن تعرقل وصول المساعدات الإنسانية لشعبها وأن من يفعل ذلك هي المليشيا المتمردة، بهدف إستدعاء التدخل الخارجي بعد أن تعرَّضت لهزائم في مناطق عديدة،
وأكد الوزير إلتزام الحكومة بتمديد فتح معبر أدري وجميع المعابر الأخرى التي حددتها من أجل توصيل المساعدات للسودانيين حتى في المناطق التي تسيطر عليها المليشيا المتمردة.
من جانبه عبَّر المبعوث عن شكره لحكومة السودان لإتاحة الفرصة للزيارة، وأوضح أن هناك إجماع بين الحزبيين في الولايات المتحدة علي تقديم المساعدات الإنسانية، والسعي نحو إنهاء الحرب وعودة السلام والاستقرار للبلاد. وأكد ضرورة استمرار الحوار بين الجانبين من أجل التوصل إلى تسوية لإنهاء الحرب ومعاناة السودانيين في الداخل والخارج نافياً أي دعوة من الولايات المتحدة لفرض أجندة للتدخل الخارجي.
وقال إنه لا يرى مستقبلا سياسيا أو عسكريا للدعم السريع في السودان.
نقلا عن موقع “المحقق” الإخباري
Exit mobile version