تقرير – أمير عبدالماجد
في الوقت الذي حاول فيه ممثل الإمارات في مجلس الأمن لبس رداء المرعوب من قتل المدنيين السودانيين بسبب الحرب كانت دولته تمد المليشيا بآلاف الدانات التي تقتل السودانيين يوميا.. وفي الوقت الذي كان يشكو فيه من أن عدم فتح المسارات الانسانية وتفشي الجوع كوسيلة للضغط من أجل السماح له بادخال شحنات السلاح عبر تشاد وجنوب السودان كانت مليشياته على الأرض تنفذ فعلياً ما تعتقد أنه ضغط على المواطنين والجيش عبر التدوين اليومي على منطقة كرري والثورات وأم درمان القديمة وهو أمر بات معتاداً إلى حد كبير للمواطنين الموجودين في الخرطوم، إذ كلما اقترب موعد مفاوضات زادت وتيرة الدانات التي تسقط على رؤوس المواطنين في ام درمان اعتقادا منهم على مايبدو أن هذا القصف ربما سيكسر عزيمة الناس ويجبر الجيش على التفاوض معهم وهو أمر بدا معتادا هنا، إذ شهدت المنطقة دانات كثيرة جداً قبل وأثناء انعقاد كل جولات التفاوض في جدة لذا فالتوقعات أن عاصفة من الدانات ستسقط على رؤوس المواطنين قبل وأثناء انعقاد جولة التفاوض في جنيف من واقع ما يعتقده قادة المليشيا ومن واقع التجربة معهم.
استعطاف المجتمع الدولي
والملاحظ هذه المرة أن المليشيا ترسل داناتها بصورة عنيفة يوميا وتزداد وتيرتها أثناء هطول الأمطار مع ملاحظة هامة وهي أن كثير من صفحات المواطنين الموجودين في المنطقة على (فيس بوك) والذين كانت تشير للأمر في وقت سابق تجنبت هذه المرة الإشارة إلى الدانات وسقوطها ما دفع بالصفحات الشخصية المؤيدة للمليشيا للخروج والإشارة للأمر من زاوية أن أهلهم يتعرضون للتدوين أملاً في الحصول على تعليقات تدعو لوقف الحرب وهو أمر بات مفضوحاً ومستهلكاً.
على الجانب الآخر تواصل الامارات محاولات استعطاف المجتمع الدولي حتى يسمح لها بتنفيذ مخططها الرامي للضغط على الحكومة السودانية وادخال ما تسميه شاحنات المساعدات الانسانية إلى الداخل السوداني وعدم استخدام الجوع كسلاح ضد الشعب السوداني كما قال ممثل الامارات في مجلس الأمن عن ما قال إن حكومته تدين وبشكل قاطع استخدام المجاعة كسلاح في الحرب لان حرمان المدنيين من الوصول إلى المساعدات الإنسانية التي يحتاجونها وشن الهجمات بشكل عشوائي يجعل من المستحيل على السكان طلب المساعدة، واعتبر مايحدث انتهاكا واضحا للقانون الإنساني الدولي وممثل الامارات هنا يدعو لفتح معبر أدري الحدودي بين السودان وتشاد وهي إشارات التقطها مندوب السودان لدى الأمم المتحدة الحارث إدريس وأكد أن دولا ومنظمات دولية تستخدم معبر أدري على الحدود مع تشاد دون موافقة الحكومة وتستغله في نقل عتاد حربي ووقود لمليشيا الدعم السريع تحت غطاء العمل الإنساني، وشرحت الخارجية بعدها في بيان لها رداً على ما ذكره ممثل الامارات في مجلس الأمن عندما قالت إن الإمارات العربية المتحدة تدعو صراحة لانتهاك سيادة البلاد بعد مطالبتها مجلس الأمن بمنح الوكالات الأممية تفويضا لإيصال المساعدات الإنسانية للمتأثرين عبر خطوط النزاع، وأضافت “أن مطالبة أبو ظبي لمجلس الأمن تمثل محاولة بائسة للتنصل من مسؤولية الإمارات عن الحرب التي تشنها المليشيا بتخطيط وتسليح وتمويل كامل منها”، وتابعت “إن كانت الإمارات حريصة على دماء وسلامة السودانيين فلتتوقف عن تزويد المليشيا بالأسلحة التي يقتل بها الشعب السوداني ويحرم من إنتاج غذائه ووصول المساعدات إليه عندها سيتحقق السلام وتنتفي المعاناة الإنسانية”.
مخطط واضح
يقول الخبير اللواء مدني الحارث كبير الاستراتيجيين بالمعهد الافريقي إن الأمور باتت الان واضحة وأصبح على المكشوف لان الامارات لم تعد تجد مايستر عورة مؤامراتها وماتقوله مردود عليه لان العالم بات يعلم موقفها الداعم للمليشيا لذا من الصعب أن تلعب دور المحايد.
بالمقابل قال اللواء (م) راشد السمحوني إن “الامارات لم تعد قادرة الان على خداع المجتمع الدولي والاقليمي لان موقفها بات واضحا كمخطط وداعم ومستفيد من هذه الحرب التي استهدفت وجود الدولة السودانية وهدفت لاستبدال شعبها بشعب اخر هذا أمر خطير جدا ويتجاوز السعي نحو المكاسب إلى إنهاء وجود شعوب وقتلها وتهجيرها لذا لا أعتقد أن الإمارات قادرة الان على تمرير ماكانت تمرره العام الماضي شأنها في ذلك شأن تنسيقية تقدم التي أتضح الان انها الجناح السياسي لحرب إنهاء وجود السودانيين”، وأضاف “الإمارات لديها بعض الشواغل في الدول التي تدخلت فيها مثل اليمن وليبيا لكنها هناك كانت تعمل من أجل مصالح واضحة لاتتجاوز الاخوان المسلمين والثروات وهو ما اختلف في السودان إذ عملت في حربها هذه على إنهاء وجود الشعب واستبداله باخرين من شتات غرب افريقيا”، وزاد قائلا”لو كانت الإمارات جادة ومشغولة بالجوع في السودان عليها أن تأمر قواتها على الأرض بايقاف الدانات التي تقتل يوميا أكثر مما يقتل الجوع”، وتابع “هم يضغطون الان على الجيش والحكومة عبر قصف المواطنين وفتح ملفات في مجلس الأمن والجنائية حتى يذهبوا إلى مفاوضات جنيف وهو أمر بات مفضوحا لذا على الحكومة الا تذهب إلى جنيف الا بعد تفكيك الألغام التي زرعت في طاولة المفاوضات”.
مصالح على المحك
بالمقابل أكد السفير جمال محمد إبراهيم الناطق الرسمي السابق باسم الخارجية أن إحالة المرجعية إلى مفاوضات جدة يعني أنها ستتم بين كتلتين عسكريتين وسنعود للمربع ذاته الذي أوقعنا في أخطاء جدة بان يفاوض الجيش وتستبعد الحكومة، وأضاف “في الجولة الأولى من منبر جدة ضم وفد الجيش ممثلا مدنيا من وزارة الخارجية لكن للأسف تم سحبه وكانت حجة المليشيا في ذلك الوقت أن الجلسة مخصصة فقط للجيش والدعم السريع فلا حاجة لوجود أي مدني أو موظف من الخدمة المدنية أو سياسي لأن النقاشات تتعلق بكيفية وقف إطلاق النار بين الأطراف المتصارعة”، وقال “يجب أن نفكك الالغام كلها قبل أن نجلس على الطاولة لان مصالح عديدة لدول إقليمية وعالمية على المحك الان”.