رأي

عبدالرحيم دقلو يقول ما لا يفعل

 

د.حسن محمد صالح 

*عندما يهدد قائد ثاني مليشيا الدعم السريع عبد الرحيم دقلو باجتياح الولاية الشمالية فإنه لا يختلف عن أي مليشيا تقول ما لا تفعل ولكنها ترسل رسائل بالوكالة يريدها الكفيل الداعم (الامارات) لذاتها.

*مليشيا الدعم السريع تتبع ذات النهج الإعلامي والسياسي للحركة الشعبية لتحرير السودان الجنوبية سابقا, فعندما قال العقيد جون قرنق دي مبيور رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان : نريد أن نشرب جبنة في شندي أو المتمة, جاء ذلك القول على طريقة أهل الجنوب (الناعمة ) بأسلوب يختلف عن الأسلوب (الفظ) لآل دقلو الذين ينطلقون من ثقافة قوامها التهديد اللفظي ورفع العقيرة بالسباب والشتم وإذا حمى الوطيس يكون العريد أو الهروب هو سيد الموقف.

 

*هناك حقيقة يجب أن تعلمها كل مليشيا وغرف إعلامها الموجهة أن الشعب السوداني يرفض التهديد بكل صوره الظاهرة والباطنة وقد عبرت إمرأة سودانية (ووالدة مجاهد ) بفطنتها وفطرتها وأرسلت رسالة إلى العقيد جون قرنق قالت فيها:

 

هاك من دار جعل لي جون قرنق مكتوب

 

من الجيلي لي عند دامر المجذوب

 

جبنتك جاهزة بهبان متنية

 

بس كيفن طريقة الجية

 

إلي أن تقول له:

 

لا بضوقا لا بتمرق كمان من موته

 

و قالت في تحدي:

 

أشرب جبنة في بورمحل ما ولدت

 

هذا الرد على لسان إمرأة سودانية يفهم في صياغ أن صاحب رسالة شرب القهوة أو الجبنة كان في حالة حرب وقتال وليس في حالة سلم.

 

*لم تعد رسالة عبد الرحيم دقلو ومليشيا الجنجويد باجتياح الولاية الشمالية وولاية نهر النيل الاولى فقد كانت بداية تمردهم وغزوهم للشمالية بمروي وتصدى لهم المواطنون قبل الجيش وتم ردهم على أعقابهم.

 

*يا عبد الرحيم دقلو أنت عجزت عن إسقاط الفاشر وعلى وشك أن تهزمك القوات المسلحة في نيالا وزالنجي والجنينة فكيف تتحدث عن اجتياح الشمالية ؟.

 

*بالعودة إلى خطاب المتمرد عبد الرحيم أمام فلول الدعم السريع المندحرة في نجوع نيالا البحيروهو يدفع المليشيا لقتل بعضهم البعض باسم منع تجارة السلاح فإن قوله باجتياح الولاية الشمالية ونهر النيل معنية به الجارة مصر على وجه التحديد, واياك أعني واسمعي يا جارة ذلك لأن الشمالية تقع على الحدود الجنوبية لمصر ووجود مليشيا التمرد في الشمالية ونهر النيل يشكل نوعا من الضغط على القاهرة وهذا الضغط لا تريده مليشيا الدعم السريع المغلوبة على أمرها من شدة الهزائم ولكن دولة الإمارات العربية المتحدة تمارس الضغط على مصر لكي تتوقف عن مساندتها للجيش السوداني والشرعية برئاسة القائد العام للقوات المسلحة رئيس المجلس السيادي الفريق اول ركن عبد الفتاح البرهان,وقد سعت الإمارات بكل الطرق الدبلماسية والاقتصادية لإقناع مصر بالتخلي عن السودان ولكنها لم تنجح في هذا المسعى, وسبب فشل القيادة الإماراتية رغم ما بذلت من مال وجهد وزيارات آخرها زيارة حاكم الإمارات محمد ابن سلمان إلى القاهرة مؤخرا يعود إلى كون مصر تنظر إلى السودان بأنه عمقها الاستراتيجي ولن تفرط فيه وأن حماية جنوب مصر لن تتحقق إلا في وجود القوات المسلحة السودانية صاحبة الولاية والقيادة في السودان.

 

*دولة الإمارات العربية المتحدة المسيطرة على مليشيا آل دقلو تعلم تماما رفض القيادة المصرية والرئيس عبد الفتاح السيسي للمليشيا في السودان وهي بعيدة عن حدودها مع شمال السودان وذلك لا يعني أن مصر سوف تقبل أو تخاف من المليشيا عندما تحتل الشمالية ولكنها سوف ترضخ إلى الطلب الاماراتي وترفع يدها عن السودان ودعم الرئيس البرهان وجيشه.

 

*الإمارات تعتقد أنها استطاعت تطويق السودان من الناحية الغربية عبر تشاد وافريقيا الوسطي والجنوب الليبي في الشمال الغربي وفي الشرق عبر دولة اثيوبيا ولم يتبقى للسودان غير الجارة مصر التي يمكن إخضاعها لرغائب ابو ظبي بتهديدها بوجود مليشيا آال دقلو الإرهابية في حدودها الشمالية ومعلوم أن المليشيا ظلت تحارب مصر اقتصاديا وتمنع التداول التجاري بين البلدين وعملت على ايقاف الصادرات السودانية إلى مصر ولم تتوقف حربها التجارية على مصر بل امتدت إلى مدن الولاية الشمالية ومنع التجارة بين الشمالية ودارفور وكردفان بغرض التجويع وزعزعة الاستقرار وآخر ذلك ضرب محطات الكهرباء في مروي ودنقلا لإيقاف الخدمات في هذه المناطق قبل غزوها.

 

*هناك من يقول إن قائد ثاني مليشيا التمرد أراد من التهديد باجتياح الولاية الشمالية حشد قواته حول مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور لاسقاطها ولكنه بالحديث عن اجتياح الشمالية ونهر النيل يريد تغذية الحقد الدفين لمقاتلي مليشيا التمرد ضد أهل الشمالية ونهر النيل وإعادة تعبئة قواته المندحرة في الخرطوم وهذا يؤكد ما ذهبنا إليه من أن الدولة الراعية هدفها من خطاب المتمرد عبد الرحيم دقلو الذي تم نشره علي نطاق واسع إرسال رسالة إلى مصر في المقام الاول لأن تغيير الموقف المصري من السودان في هذه المرحلة يعتبر بداية للسيطرة على كل السودان وهو يعيد إلى الاذهان الحملة العسكرية المعروفة بالامطار الغزيرة في العام 1996م والتي انطلقت من كل يوغندا وارتريا وإثيوبيا ضد السودان وكان الجيش السوداني لها بالمرصاد ولم تكن مصر في ذلك الوقت بعيدة عنها ولكنها لم تجرؤ على الدخول المباشر لأسباب استراتيجية تتعلق بالأمن المصري, لم تتبدل ولكنها أكثر جلاءا وضوحا في هذه المرحلة من تاريخ العلاقة بين مصر والسودان اللذان يواجهان تحديات مشتركة.

نقلا عن “أصداء سودانية”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى