تقرير – وكالات
أعلنت وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي، مساء الأربعاء، ختام المؤتمر الاقتصادي الأول لمواجهة تحديات الحرب بمدينة بورتسودان تحت شعار (معاً لتحقيق التعافي الاقتصادي المستدام ) والذي نظمته الوزارة واستمرت جلساته ليومين، وشرف الجلسة الافتتاحية رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان مع مشاركة واسعة للوزراء وحكام الأقاليم وولاة الولايات فضلا عن رؤساء البعثات الدبلوماسية والمنظمات الدولية والإقليمية المعتمدة بالسودان فضلا عن الخبراء والمختصين.
أوراق اليوم الأول:
واستعرض المؤتمر في يومه الأول أوراق عمل متخصصة وتجارب اقتصادية للعديد من الدول بغرض الوصول إلى خطط تفضي إلى استقرار اقتصادي مستدام في السودان في ظل الحرب التي تشنها مليشيا الدعم السريع المتمردة على البلاد, وقد استعرضت الورقة الأولى تحليل واقع القطاع المصرفي في ظل تداعيات الحرب قدمها د. عبد المنعم محمد الطيب متحدثاً عن واقع القطاع المصرفي وتأثير الحرب عليه على مستوى المصارف الحكومية والخاصة والمتخصصة وخروج عدد من أفرع البنك المركزي من الخدمة بالولايات المتأثرة بالحرب وتدمير المصارف فيها, فيما قدم عبد الرحمن محمد عبد الرحمن ورقة عن دور البنك المركزي في إدارة السياسة النقدية والمصرفية أثناءالحرب, وقدمت أمال الكبير من وزارة المالية ورقة عمل عن تحديات الحرب وجهود حشد الموارد ، فيما قدم المهندس محمد الطيب أبوكساوي ورقة عن تحديات التكنولوجيا المالية في إدارة المال العام.
واختتمت الجلسة الأولى من المؤتمر بورقه عن دور إيرادات الذهب في إدارة السياسة النقدية قدمها بروفيسور إبراهيم أحمد أونور, وناقش المؤتمر في الجلسة المسائية برئاسة د. محمد بشار وكيل التخطيط بوزارة المالية عدد أربع أوراق عمل ناقشت الأولى دور شركات التامين وإعادة التامين في تعويضات الحرب قدمها صلاح الدين موسى من شركة شيكان للتأمين واعادة التامين شرح فيها تجربة السودان في التأمين الإسلامي وإعتماد أكثر من 300 شركة عالمية عليها .وجاء موضوع الورقة الثانية “نحو شراكات فاعلة بين القطاعين العام والخاص في السودان استعرض فيها الأمين أبو القاسم من وزارة المالية تجربة الشراكة في السودان والوقوف على تجارب الدول الشبيهة..فيما تحدث د. منجد عباس خبير اقتصادي عن الاستثمار في السودان ومقوماته والمعوقات ومتطلبات تشجيعه.وتحدثت الورقة الرابعة المقدمة من منال صديق وزارة التجارة عن تحديات التجارة الخارجية في ظل تداعيات الحرب ومقترحات الحلول.
أوراق اليوم الثاني:
وفي اليوم الثاني قدم البنك المركزي ورقة البنك ودوره في إدارة السياسة النقدية والمصرفية أثناء الحرب ، أما ورقة تحديات القطاع المصرفي في ظل تداعيات الحرب: (التشخيص والإجراءات المطلوبة ) فقدمها د.عبد المنعم محمد الطيب ، كما تم تقديم ورقة إيرادات الذهب في إدارة السياسة النقدية للبروفيسور إبراهيم أحمد أونور والورقة الرابعة كانت عن دور شركات التامين وإعادة التامين في تعويضات الحرب ، وناقش المؤتمر أوراق أخرى هي تحديات توظيف التكنولوجيا المالية في إدارة المال العام ، تقويم أداء الشركات والوحدات الحكومية ، دور الإصلاح الإداري والمؤسسي في تحسين أداء القطاع العام (الرشد الإداري) ، تجارب الشراكة بين القطاع العام والخاص ( الواقع والتحديات ) ، تحديات القطاع الزراعي في ظل الحرب ، تحديات القطاع الصناعي في ظل الحرب ، وورقة واقع وتحديات أداء القطاع الخدمي في ظل تداعيات الحرب . كما صاحبت الأوراق ورشتان حول إنتاج وتسويق الذهب تحدياته البيئية وأخرى حول تحديات البيئة والتغيير المناخي.
تحديات الحرب:
وكان رئيس مجلس السيادة الإنتقالي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان قد خاطب أمس الأول الجلسة الافتتاحية للمؤتمر مشيرا إلى الحاجة للتوقف بعد قرابة العامين من حرب أنهكت الاقتصاد والشعب وأفقرت جزءً منه ؛ داعيا المختصين لمعالجة الكثير من التحديات بهدف التخفيف عن الشعب السوداني الذي قال البرهان إنه يعاني فظائع الحرب المستمرة من المليشيا المتمردة وداعميها ، وأكد أهمية خروج المؤتمر بتوصيات قابلة للتنفيذ ومخرجات ترفد الموازنة المقبلة وتسهم في رفع العبء عن الشعب ليكون المؤتمر قد أتى أكله.
وشكر الرئيس القائمين على العمل بالوحدات الحكومية الذين يعملون في ظروف قاسية تمكنوا من خلالها من استدامة الحياة ، وحيا القطاع الخاص الذي يبذل جهده لضخ الدماء في شرايين الاقتصاد ، وشكر أشقاء السودان والدول الصديقة لمساندتهم للشعب الذي عرف الآن صديقه من عدوه.
حديث الوزير:
وخاطب المؤتمر أيضا د. جبريل إبراهيم وزير المالية والتخطيط الاقتصادي رئيس اللجنة العليا للمؤتمر وقال إن الحرب فرضت على الوزارة ظروف تطلبت تدابير إستثنائية وأن المؤتمر الاقتصادي الأول أتى لتقييم السياسات التي اتبعتها وزارة المالية عبر حوار شفاف يعلي مصلحة الوطن والمواطن وقال أن معالجة تحديات الوضع الاقتصادي تحتاج تحليلات دقيقة وعميقة يشارك فيها الخبراء والمختصين العارفين بإحتياجات معاش الناس ، وبين أن المؤتمر يهدف لتحليل الراهن الاقتصادي وتقديم رؤية للمعالجة.
وقال إن الحرب داهمتنا والبلاد مقبلة على إصلاحات اقتصادية شملت البنى الأساسية و الاستثمار في الإنسان ، وإن الحرب أفسدت الخطط الطموحة وأجبرتنا على سياسة تقشفية قاسية ،حيث لم نفقد المصادر الإيرادية فقط بل فقدنا جزءً معتبراً من رأس المال البشري وفقدت البلاد جزءً مهماً من بياناتها وذاكرتها القومية ، مشيراً إلى أن قوة الاقتصاد الريفي واعتماد جزء كبير من المواطنين على الإنتاج الزراعي والحيواني هو ما دعم الاقتصاد الوطني ولم يتحقق لأعداء السودان ماخططوا له لإنهيار الاقتصاد.
ووعد الوزير بسداد كآفة إستحقاقات العاملين بالدولة بنسبة 100% خلال الموازنة المقبلة 2025م ؛ مشيراً إلى أهمية تطبيق الفدرالية المالية لتتبع الفدرالية السياسية
استراتيجية شاملة:
وأشار محافظ بنك السودان المركزي د. برعي صديق إلى أن المؤتمر هدف للبحث عن حلول واقعية للتعافي الاقتصادي من تأثير الحرب و تدمير البنى التحتية وتعطل الأنشطة الاقتصادية وما وقع من أثرعلى القطاعات الحيوية والمصرفية ،وإرتفاع التضخم وتراجع قيمة العملة الوطنية وتزايد معدلات البطالة.
وكشف عن إستراتيجية شاملة يتبناها البنك المركزي للتعافي الاقتصادي تهدف لإستقرار سعر الصرف وإستعادة نظم الدفع الإلكتروني وضبط إستدانة الحكومة من الجهاز المصرفي ومتابعة حصائل الصادر المتأخرة ؛ واشار المحافظ إلى تكوين محفظة بمليار دولار لتمويل السلع الاستراتيجية،وذكّر أن البنك أصدر منشوراً بضوابط مؤقتة لمعالجة الأوضاع المالية للمصارف والخسائر التي تعرضت لها ، وكشف عن السعي لاستعادة وإحلال وتحديث الأنظمة والبيانات واستعادة نظام الإستعلام الإئتماني واستخدام الترميز وتشغيل نظام الصادر والوارد ،مشيراً إلى أن المحول القومي للنقود قيد التنفيذ ويتم الآن التدريب عليه.
وأبان أن قرار استبدال العملة جاء نتيجة لإنتشار العملة المزيفة وتم تصميم العملة الجديدة وفق المعايير الدولية وبالتنسيق التام مع جميع أجهزة الدولة والوزارات ذات الصلة وبإشراف مباشر من مجلس السيادة .وأكد المحافظ إلتزام البنك الكامل بدعم كل الجهود الرامية لتحقيق الاستقرار الاقتصادي والتعافي المستدام و الإلتزام التام بالتنسيق مع الجهات المعنية كآفة لإصلاح وتحسين البيئة التشريعية وتحديث الأطر التنظيمية ، وقال إن التعافي الاقتصادي لا يتحقق دون شراكات محلية وأجنبية معلناً إلتزام البنك بتطبيق أعلى معايير الحوكمة، وقال إن المؤتمر فرصة حقيقية لإعادة النظر في استراتيجيتنا والسعي لخلق مناخ استثماري ملائم.
توصيات شاملة:
ولقد توصل المؤتمر إلى جملة من التوصيات المهمة التي عالجت كافة المحاور التي تتطرقت إليها الأوراق ودار حولها النقاش ، ستكون الوسيلة العملية والواقعية التي ستتم عبرها معالجات أزمة الاقتصاد الوطني في ظل راهن الحرب وما بعدها ، بعد تحولها إلى سياسات وموجهات وتشريعات وقرارات.
نقلا عن موقع “أصداء سودانية”