الهدر وارتفاع النفقات وضعف الإنتاجية في الحكومة

وليد دليل
الهدر وارتفاع النفقات وضعف الإنتاجية في الحكومة: هل هي قدر الإدارة الحكومية؟
حقيقة الهدر وارتفاع النفقات
الهدر وارتفاع النفقات في الحكومة هو كل ما ينجم عنه زيادة النفقات الحكومية بحيث لا تؤدي إلى تحقيق الأهداف المرجوة بأعلى كفاءة وأقل تكلفة ممكنة, وتلك هي الإدارة الناجحة التي تحدث عنها كثير من علماء الإدارة المعروفون. إذا فان نتيجة الهدر هو تأدية العمل الحكومي بتكاليف أكثر مما يجب أن يكون. وهذا الهدر قد يكون مباشراً أو غير مباشر، وقد يكون هدرا ماديا (مثل هدر المال) أو معنويا (مثل هدر الوقت). ولهدر المال الحكومي مظاهر متعددة منها مثلاً:
زيادة عدد الموظفين بدون منهجية مدروسة لحاجة المؤسسة أو الوزارة.
هدر مالي تسببه البيروقراطية جراء إطالة مدى تنفيذ القرارات والأنظمة والإجراءات.
تعدد السفرات في المهمات الرسمية غير المبررة لعدد كبير من الموظفين بطريقة غير منطقية.
سوء استخدام الآلات والمعدات في الأجهزة الحكومية مما يؤدي إلى سرعة تلفها.
زيادة نفقات الإيجارات والهاتف والماء والكهرباء بطريقة ملحوظة.
استخدام أبنية أو مركبات رفاهية لا تتناسب والوضع الاقتصادي للبلد.
استخدام الموظفين للسيارات ومختلف الممتلكات الحكومية للأغراض الشخصية.
سوء التخزين في المستودعات الحكومية مما قد يعرض المواد المخزنة للتلف.
مصروفات الإدارات الحكومية غير المبررة تحت بنود متعددة.
هدر الوقت….. ضعف في الإنتاجية أيضا
من أشكال الهدر المعنوي هدر الوقت, والذي يتصل تماما بالهدر المالي من جهة وبضعف الإنتاجية من جهة أخرى. بل إن ذلك يندرج تحت معاني الفساد الإداري. إن انشغال الكثير من موظفي الدولة في متابعة أمور خاصة تعنيهم كمتابعة الانترنت لفترات مبالغ فيها, أو قراءة الصحف اليومية، أو النقاشات الجانبية المطولة، أو الخروج المتكرر أثناء ساعات الدوام تحت أي مبرر على حساب أعمالهم الرسمية يؤثر حتما على أدائهم المهني. إن أداء المهمة الرسمية التي تحتاج ساعة من الزمن لإنجازها قد تحتاج إلى أكثر من ذلك بكثير بسبب هدر الوقت المتكرر. وان ذلك لا يؤدي إلا إلى عجز أو على الأقل ضعف الإنتاجية العامة للمؤسسة. إذا فان النتيجة هنا هي ضياع وقت الموظف دون إنتاجية، وبالتالي هدر لوقت الدوام الرسمي, مما يعني بشكل غير مباشر هدر مالي كبير.
حلول مقترحة
ضمن خطط الدول المختلفة لتطوير كفاءة العمل الحكومي ومحاربة الفساد، فانه يمكن تفعيل آلية الحد من الهدر المالي ومن ضمنه إهدار الوقت والذي يحمل الدولة تكاليف كبيرة وغير محسوبة في ميزانيتها السنوية. ولإيقاف هذا الهدر يتعين تفعيل الرقابة بأنواعها التالية:
تعميق معاني الانتماء والولاء للوطن والمؤسسة والتأكيد على الرقابة الذاتية للموظف.
تفعيل الرقابة الداخلية للمؤسسة، من خلال إنشاء وحدات رقابية داخلية في كل مؤسسة حكومية، تكون مرتبطة مباشرة بإدارة المؤسسة.
تفعيل دور ديوان المراجع العام ، وهي الجهة المختصة لإجراء الرقابة اللازمة للكشف عن المخالفات المالية والإدارية والتحقيق فيها.
السير المنتظم ضمن خطط للحد من الهدر المتكرر والتقليل من النفقات في شتى المجالات.
والمهم في الرقابة ليس مجرد الحديث عن وجودها وحسب، بل أن يكون وجودها فعلياً ومؤثراً وأن تكون الأنظمة والتعليمات في ذلك واضحة. وبما أن محاربة الفساد وتطوير كفاءة العمل الحكومي أحد محاور السياسة الداخلية لأي حكومة ناجحة، فالأمر يتطلب بذل المزيد من الجهود كي ترى نتائجها.
ما الاستراتيجية المطلوبة؟
إن مواجهة مثل هذا الخلل في هدر النفقات لا يكمن فقط في انتهاج سياسة الحد من النفقات ووقف الهدر في الطاقات، بل الحاجة ماسة إلى حكومة تنتهج منهجية التخطيط الاستراتيجي بعيد المدى في جميع القضايا التي تهم المصلحة الوطنية للبلد. ففي مجال الطاقة مثلا يكون البحث الجاد والمستمر عن مصادر بديلة للطاقه مثل الطاقه الشمسيه إن توفر كفيلا للتخلص من كثير من نفقات فاتورة النفط الباهظة. . وفي قطاع الزراعة يجب التركيز على السياسات الزراعية التي تخدم سياسة الوصول إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي في الإنتاج النباتي والحيواني. وحتى في قطاع التنمية الاجتماعية لا بد من البحث عن البدائل المتاحة التي تؤكد على عدم الاكتفاء بإعالة الأسر المعوزة عن طريق الدعم المادي والمخصصات الشهرية، بل اللجوء إلى طرق أخرى أكثر نفعا للاقتصاد الوطني، من خلال إقامة مشاريع صغيرة أو متوسطة الحجم لمجموعة من الأسر تديرها بنفسها تحت إشراف الجهات الحكومية المختصة.