تقارير

عادل الباز يكتب: الأجاويد.. طلعوا… جنجويد!!

فيما أرى

1
غافل من ظن أن الأشياء هي الأشياء، وكذلك من ظن أن الرؤساء هم رؤساء…. إذ يمكن أن يرئسونهم و(يتيسونهم) أو يشترونهم من بازارت السياسة وأسواق نخاستها، كما حدث بالأمس القريب بأديس أبابا.
الذين تابعوا المسرحية الهزلية التي جرت وقائعها خلال هذا الأسبوع فى أديس أبابا أدركوا أن المال القذر يمكن أن يفعل أي شيء.. إذ بإمكانه أن يمسخ الديمقراطيين الثوريين ويحولهم إلى مجرد أبواق للجنجويد، ويمكن أن يحول الرؤساء لخدام للميليشيات التي طالما حاربوها في بلادهم، وبإمكانه أيضاح أن يجعل من مسؤولي المنظمات الإقليمية والدولية مجرد أراجوزات في مسرح العبث الدولي (ولد لبات وموسى فكى أنصع نموذجين).
2
أفضل ماحدث في اجتماعات أديس هو سقوط الأقنعة، إذ كان بالإمكان لو أن القوم تمتعوا بشيء من الذكاء أن يتدثروا على الأقل بأقنعة الوسطاء النزيهين ويمارسوا انحيازاتهم القميئة للجنجويد سراً، ولكنهم لحكمة ما كشفوا عن وجههم وأجندتهم المنحازة للمتمردين، فسقطت عنهم أهم أسس الوسيط النزيه، وقضوا على وساطتهم بأنفسهم وانتحروا في معركة الدبلوماسية كما انتحرت مليشيات الدعم السريع في مقرن النيلين. قبل شهرين كتبت منوهاً عن تحالف المتآمرين في نيروبي فاتهمني بعضهم بأنني أنسج من خيالي مؤامرات لا وجود لها، وأن تحليلاتي السياسية مجرد أوهام، والآن بعد أن سقطت الأقنعة وأسفر المتآمرون عن وجههم وخرجوا للعلن، أطالب جوقة العميان باعتذار رسمي لي. الآن نُسفت الوساطة الأفريقية نهائياً وأُزيحت كاملة من الطاولة والحمد لله.
3
بعد أن عجز الرئيسان وليام روتو وآبي أحمد عن تمرير أجندتهما الداعمة للجنجويد داخل اجتماع الإيقاد الهزيل، خرجوا في مؤتمرات صحفية ليحاولوا نزع الشرعية عن الحكومة السودانية، بل حتى عن مشروعية الجيش في ممارسة الحكم وهو الذي أتى للسلطة بناءً على وثيقة دستورية اعترف بها العالم، وإلى الآن يتعامل مع حكومة شرعية معترف بها في السودان. تحدث الرئيسان وليام روتو وآبي أحمد عن فقدان القيادة أو غيابها في السودان، وكان ذلك مدهشاً للمراقبين، إذ أن آبي أحمد قبل ساعات من تصريحاته تلك كان متواصلاً مع تلك القيادة، وظل يترجاها أن يصل وفد السودان إلى أديس أبابا، تمت مجاملته وأرسل الوفد من جده فإذا به يسمع الرئيس آبي يقول (هناك فراغ في القيادة في السودان ولن نقف مكتوفي الأيدي). تستاهل القيادة في السودان.!!. أما روتو فقال (الوضع يتطلب قيادة طارئة تخرج البلاد من الكارثة.).
السؤال.. لماذا يحاول الرئيسان روتو وآبي نزع الشرعية عن الحكومة السودانية؟. سببان أولهما أنهما يشعران بأن القيادة ضعيفة ويسهل التلاعب بها وأضعافها أكثر بمثل تلك التصريحات، ويقدران أن رد فعل الحكومة السودانية سيكون باهتاً فهي لا حول لها ولا قوة، وقد صدق حدسهما فحكومتنا لا زالت تهدد وتدرس وتصدر نوع تلك البيانات وهرطقات العاجزين، تصوروا لو أن أحد الرؤساء قال ماقال عن حكومة أسياس أفورقي أو موسيفني ماذا سيكون رد فعلهما ؟.. فعلاً من يهن يسهل الهوان عليه، يا سيادة الرئيس برهان!!.
السبب الثاني والأخطر إذ هما يعلنان فراغاً في قيادة الدولة السودانية، إنما ينسجمان مع المؤامرات الجارية الآن لمنح الشرعية لآخر حكومة تكونت قبل 25 اكتوبر 2021م بمعنى اعتبار حكومة حمدوك (قحت) هي الحكومة الشرعية، وعليه تمرير تكوين حكومة منفى أو طوارئ أو حكومة انتقالية يعترف بها الإقليم والعالم، ويعود حلفائهم للسلطة (قحت والجنجويد) للحكم من بوابة الإيغاد للسلطة وهذا هو المدخل الوحيد الذي يمكن لقحت أن تعود عبره إلى السلطة، بعد أن فقدت بندقية الجنجويد وفقدت نهائياً أغلب أفراد الشعب السوداني… ومعلوم أن العملاء لا يأبهون لشعوبهم من لدن الجلبي حتى أخدام الجنجويد، الآن هدفهم دائماً الوصول للسلطة على ظهر الدبابة الأمريكية أو فوق تاتشرات الجنجويد.
4
الأخطر من كل ذلك هو محاولة نزع سيادة الدولة نفسها بفرض الوصاية عليها وفرض أجندة خارجية تخص فقط الرئيس الكيني وليام روتو، والإثيوبي آبي أحمد. فالتهديد بإرسال قوات للخرطوم وحظر استخدام أسلحة معينة وفرض حظر طيران وإخلاء العاصمة من الجيش كلها تضرب في صميم السيادة الوطنية لأي دولة . ذات اجندة الجنجويد الان تتبناها بكل صفقاتة دولتين رغم أن ذلك يدخل في حيز الهذيان العبثي الفارغ الذي لن تستطيع أي دولة تنفيذه، ولكنه دلالة على عجرفة الرئيسان روتو وأبي وتنمرهما على السودان وذعرهما من هزيمة حلفائهم الجنجويد، الذين تتسارع خطى دحرهم وسحقهم في معارك الخرطوم وكل السودان، إضافة لصلابة مواقف الشعب السوداني الأبي في مناهضة مخططات الجنجويد وقحت، وهو ما يخيفهما، إذ هما يشعران بدنو أجل الجنجويد ويعملان على انقاذه، يُسرعان بيأس لارتكاب أكثر الأفعال حماقة في السياسة وهو الدعوة لانتهاك سيادة دولة مؤسسة للاتحاد الأفريقي (منظمة الوحدة الإفريقية سابقاً)، ثم هي المؤسس الفعلي للإيقاد، ولكن هيهات.. فلو أنهم قدروا أن هناك ضعفاً في القيادة الآن يسمح لهما بممارسة العبث السياسي بسيادته، فإن السودان قوي بشعبه، وهو خلف قيادته التي تمثل أعز وأكثر مؤسسة احتراماً ومحبة لديه وهي مؤسس الجيش، ولابد أنهم سيدفعون ثمن هذا الاستهتار بسيادتنا والتدخل في شؤوننا عاجلاً أم آجلاً، وعلى الباغي دائماً تدور الدوائر.
ختاماً:
قال المغني (أبداً ما هنت يا سوداننا يوماً علينا). وقال (ماكَ هوين سهل قيادك… سيّد نفسك مين أسيادك.)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى