هدم الهدنة

راشد عبد الرحيم

الحديث عن الهدنة إكتنفه شيء غير قليل من الغموض المقصود والتوجيه الخاطئ مِن قبل مَن يتولون شأن الرباعية، وهي الولايات المتحدة ومبعوثها مسعد بولس ، وكذا الدعم السريع وصمود ، وكلا من هذه الأطراف لها أهدافها الخاصة بها.
الهدنة تعني توقف لأمد محدود عن القتال لإنجاز مهمة، ولكن هؤلاء صوروها وكأنها إتفاق لوقف الحرب، في وقت يخططون فيه لتحقيق مكاسب للتمرد وحليفه صمود.
أمريكا تسعي لتكسب من ذلك نفاذا وسيطرة علي أو في السودان ، ولتكسب أيضاً لرئيسها المتطلع للجوائز ما يرضي غروره وتطلعه .
صمود تسعي لأن تحسِّن من صورتها ، وتجد مدخلا لها في مستقبل العمل السياسي في البلاد .
الدعم السريع فشل في تشكيل حكومة له في نيالا ، وفشل في تجاوز آثار ما قامت به قواته في الفاشر .
إجتماع مجلس الأمن والدفاع جاء وهو يحمل رسالة مكتملة لا تجعل من سبيل لمن يقول أن الرئيس البرهان تخلف عن الإجتماع لأنه يريد الهدنة ، ولا لمن يقول أن هنالك خلافاً في قيادة الجيش علي الهدنة ، وجاء الإجتماع مكتملا بكل العضوية ومجمعاً علي القرارت التي إتخذها وبها تم رفض الهدنة ، وأضاف الإجتماع قرارا يزيد الأمر وضوحا بأن تستمر جهود الإستنفار والتعبئة حتي هزيمة التمرد.
موقف واضح لا مزيد فيه لمستفيد .
لم يكن مناسبا من البداية أن يوافق السودان علي الدخول في مسعي للرباعية تقوده الولايات المتحدة ، لأنها أكدت مرارا أنها دولة متراجعة، وما يهمنا في هذا الأمر أنها أوكلت أمرنا لمن لا خبرة له في التفاوض ولا العلاقات الدولية ، ولأول مرة يدخل في شأن لتحقيق سلام في عالم ، هو بعيد عنه وقضايا هو غريب عليها .
رجل خبرته تجارة السيارات القديمة والقربي من رئيس دولته ، وصلة النسب بينهما.
أصبحت الرئاسة الأمريكية متخلفة وكأنها في دولة متخلفة تحكم بالقوة والمنعة ، ويختار الحاكم مساعديه من الأسرة فيوكل المهام الجسام لإبنه وإبنته ونسيبه وأصدقائه .
وساطة الولايات المتحدة في شأن التفاوض وهي بهذا التردي تشكل سببا كافيا لرفض أي عمل تقوم به .
علي السودان التقدم خطوات في طريق أصبح واضحاً، وعلينا أن نكمل خطوة هدم الهدنة التي سار فيها مجلس الأمن والدفاع .
إن الأهم لنا حاليا أن نستفيد بأقصي ما يمكن من الوقفة الدولية والعالمية معنا بعد أحداث الفاشر ، وأن لا نضيعها بسبب عجز وتكاسل عن مواصلة العمل بربط الأصدقاء الجدد وخلق علاقة تجعلهم علي صلة مستمرة بنا وبقضايانا ، وأن نضع خططا و برامج لربطهم بنا سواء بالزيارات للسودان او بإعداد قنوات تواصل مستمر بالمعلومات .
تحركت السفارات السودانية حركة واسعة والتحديات التي نواجهها يجب أن تجعل من جهدها وعملها فعلا مستمرا وليس موسمياً.
القضية أمامنا اليوم واضحة أن السلام المنشود لا يكون إلا بهزيمة التمرد وتسليمه لعتاده العسكري وخروجه من المدن والمواقع التي سيطر عليها.
قد نواجه عهدا وزمان شدة لقوة ما إتخذناه من مواقف ومع علمنا بتبعات قراراتنا ، فلا بد أن نكون علي يقين أننا قادرون علي دفع ثمن النصر ونظافة البلاد كلها من التمرد .

Exit mobile version