الأحداث – عبدالباسط إدريس
تواجه دعوة الأمم المتحدة للحكومة السودانية ومليشيا حميدتي إلى مفاوضات غير مباشرة في جنيف بالانهيار حتى قبل إطلاقها وذلك على خلفية الانتهاكات المتواصلة للمليشيا على الأرض، في وقت وضع الجيش السوداني شروطاً للتفاوض مع المليشيا.
تفاوض محدود:
وقالت مصادر ل(الأحداث) إن المفاوضات التي تعتزم الأمم المتحدة إطلاقها محدودة وغير شاملة لمحاور الأزمة الإنسانية ومن تسبب فيها، وتنحصر فقط في إيصال الجيش والدعم السريع إلى توقيع اتفاق لوقف إطلاق النار في الفاشر وإدخال المساعدات الإنسانية عبر المعابر الحدودية مع تشاد وأفريقيا الوسطى دون قيود، وتساءل المصدر هذا الاتفاق لم تسع له الأمم المتحدة لتطبيقه في الجنينة، عندما أباد الدعم السريع 15 ألف من أبناء المساليت وهجر قسرياً مئات الآلاف، ولايشمل حتى بقية مدن السودان التي تمنع المليشيا انسياب الخدمات لها فلماذا الإصرار على الفاشر فقط؟.
دعوة لعمامرة:
ودعت الأمم المتحدة الحكومة ومليشيا الدعم السريع إلى مفاوضات في العاصمة السويسرية جنيف، وقال موقع “سودان تربيون” إن الدعوة تهدف لعقد مفاوضات غير مباشرة الأسبوع المقبل، لبحث تسهيل وصول المساعدات للمتضررين من القتال وحماية المدنيين.
وأرسل المبعوث الخاص لأمين عام الأمم المتحدة، رمطان لعمامرة، خطاباً إلى رئيس مجلس السيادة القائد العام للجيش، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، في 26 يونيو الماضي مقترحاً إرسال وفد محدود رفيع المستوى إلى جنيف في العاشر من يوليو الجاري، لبدء نقاشات مع الدعم السريع تحت رعاية الأمم المتحدة.
وبحسب الخطاب الذي اطلعت عليه “سودان تربيون”، فإن التفاوض سيركز على الإجراءات التي يتعين اتخاذها لضمان توزيع المساعدات الإنسانية على جميع السكان السودانيين المحتاجين، بجانب بحث الخيارات لضمان حماية المدنيين.
وتابع: “الهدف من هذه المناقشات هو تحديد سبل التقدم في التدابير الإنسانية المحددة وحماية المدنيين من خلال وقف إطلاق النار المحتمل”.
مرجعيات الدعوة:
وطبقاً لمتابعات (الأحداث) يأتي القرار على خلفية إسناد مجلس الأمن أمر معالجة الأوضاع الإنسانية للأمين العام للأمم المتحدة بعد إفشال إصدار قرار جديد من المجلس فى جلسة أعدت لهذا الخصوص، وطلب مجلس الأمن من الأمين العام إحاطته بالتدابير التي سيقوم بها حول نتائج مشاوراته مع السلطات السودانية وجهات أخرى حول الأمر.
قلق أممى:
مؤخراً أعربت الأمم المتحدة عن قلقها من تفاقم الأزمة الإنسانية فى السودان بفعل الحرب، وحذرت من انفجار الأزمة لتصبح الأكثر كارثية في العالم.
وقال مدير العمليات في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إيديم ووسورنو
ومنذ ذلك الحين، قُتل ما لا يقل عن 14600 شخص، من بينهم العديد من النساء والأطفال، وأصيب 26000 آخرون، وفقاً لأحدث البيانات الصادرة عن مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
كما دفعت الحرب حوالي 6.5 ملايين شخص إلى الفرار من منازلهم في السودان، في حين فر 1.8 مليون شخص إضافي إلى البلدان المجاورة، فيما وصفه ووسورنو بأنه “أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم”.
وحذر ووسورنو كذلك من مجاعة تلوح في الأفق في السودان حيث يواجه أكثر من 18 مليون شخص – أكثر من ثلث إجمالي سكان السودان – بالفعل انعدام الأمن الغذائي الحاد.
وفي وقت سابق قال وزير المالية جبريل إبراهيم إن السودان لايواجه مجاعة لكن مليشيا حميدتي تعرقل انسياب المساعدات والسلع لبقية الولايات.
عجز أم تباطؤ؟
ولم تتخذ الأمم المتحدة أو مجلس الأمن أي تدابير لحمل مليشيا حميدتي على وقف مهاجمة المدن والقرى الآمنة الخالية أصلاً من قواعد الجيش، فقد أدت هجمات المليشيا لتهجير ملايين السودانيين من مدنهم وقتل آلاف بجانب نهب منظم لممتلكاتهم كان آخرها هجوم مليشيا حميدتي على مدينتي سنجة والدندر ما أدى لنزوح أكثر من 55 ألف شخص من ولاية سنار في ظروف إنسانية مأساوية نتيجة سيرهم على الأقدام لمسافات طويلة ومواجهتهم الجوع وهطول الأمطار بكثافة.
واستقبل إقليم النيل الأزرق نحو 700 ألف نازح، وأكد حاكم الإقليم أحمد العمدة توفير الأمن والحماية لنازحي سنار وتقديم المساعدة لهم، فيما أعلنت ولاية القضارف عن وصول 90 ألف نازح، وقال مسؤول بحكومة الولاية إنهم يعملون على تجهيز المدارس والميناء البري لاستقبال المزيد من النازحين الذين أكدت متابعاتهم تواجدهم بكثافة فى الطريق الذي يربط القضارف بسنار.
والأسبوع الماضي أعلنت الأمم المتحدة عن فشل إدخال قوافل مساعدات إلى ولاية وسط دارفور بعد أن تعرضت لاعتداء مسلح من قبل مجهولين، وحملت الأمم المتحدة مليشيا الدعم السريع وحركة عبدالواحد نور المسؤولية لما اسمته اتباعهما إجراءات بيروقراطية حالت دون وصول تلك المساعدات.
هل يلبي السودان الدعوة؟
رئيس مجلس السيادة القائد العام للجيش الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان كشف عن رفضه التوقيع على اتفاق آحادي لوقف إطلاق النار في الفاشر في ظل هجمات المليشيا، وحث البرهان الوسطاء بمطالبة مليشيا حميدتي بالخروج من منازل المواطنين والكف عن مهاجمة المدنيين.
في السياق وضع الجيش السوداني شروطاً للتفاوض مع المليشيا، وقال مساعد القائد العام الفريق أول ركن ياسر العطا بحسب (الجزيرة نت) إن شروط الجيش للتفاوض مع الدعم السريع هي: استسلام قوات الدعم السريع، “وقد تم تحديد 5 معسكرات لنقل قواتهم إليها مع تعهد بعدم التعرض لهم أو استهدافهم ما داموا في تلك المواقع”. والانسحاب من كافة المناطق السكنية وإخلاء المباني التي سيطروا عليها خلال الأشهر الماضية. وتسليم الأسلحة والمعدات القتالية، وإعادة المقاتلين الأجانب إلى بلدانهم، وتسليم المتابعين قضائياً بتهم تتعلق بالانتهاكات التي حدثت خلال الفترة الماضية “والتي شملت أعمال النهب وجرائم الاغتصاب والتعدي على حقوق المواطنين”.
وقال إنه لن يكون هناك وجود سياسي أو عسكري لقوات الدعم مستقبلاً في القوات المسلحة.
بالمقابل يقول الباحث المختص فى شؤون الامم المتحدة أباذر كمال ل(الأحداث) إن المفاوضات ذات الطبيعة العسكرية الفنية المتعلقة بوقف القتال ومستقبل قوات التمرد تختلف عن المحادثات ذات الطبيعة الإنسانية، وفي ظل تعثر معالجة القضيتين في إطار شامل يرى كمال أن تستجيب الحكومة للمفاوضات الإنسانية تأكيداً لالتزامها المعلن أمام مجلس الأمن، ويقترح أن تستصحب معها اتفاق جدة والموقف السعودى الموثق بمجلس الأمن من أن الدعم السريع لم يلتزم باتفاق جدة، وشدد كمال على ضرورة عدم توقيع اتفاق يخدم منطقة ويستثنى مناطق أخرى، معتبراً أن أي حكومة تقدم على مثل ذلك لاتحترم شعبها.