نشر الخبير الأمريكي والمختص بالشأن الأفريقي عامة والسودان خاصة، كاميرون هدسون، سلسلة من التغريدات حول بيانين، الأول صدر عن الدول الأربع المعروفة باسم الرباعية، وهي الولايات المتحدة الأمريكية والإمارات العربية المتحدة ومصر والمملكة العربية السعودية. والثاني هو بيان العقوبات الصادر عن وزارة الخارجية ووزارة الخزانة الامريكية.
الافكار الاساسية في المقال
التغريدات، كانت في شكل مقال مكثف ولكن بسبب من المساحة التي تتيحها منصة X، قام بتقسيمه إلى مقاطع صغيرة، كلها تقريبًا تنتقد المحتوى والحجج التي ساقها مَن أعدوا البيانين المذكورين ونشروهما، وهي باختصار، أن الدول الأربع تفتي في ما لا تعرف و تنقاد إلى الإمارات، وأن عليها تحديد وتسمية – وهي تدرك ذلك – الإمارات العربية المتحدة، كمصدر لإطالة أمد الحرب في السودان وتوفير الأسلحة والذخيرة للدعم السريع، وإلا فإن ما يقومون به وبياناتهم تصبح من قبيل الجهد العقيم.
الفكرة الرئيسية الثانية هي أنه على الرغم من أنه يرى أن نظام وحكومة عمر البشير لا يمكنهما العودة إلى السلطة مرة أخرى، إلا أن مسألة تسمية الإسلاميين والعقوبات برمتها ليست سوى عمل غير صالح من الإمارات العربية المتحدة. وقد قدّم بعض الحجج القوية في ذلك حول الدكتور جبريل واتهامه بالعمل مع إيران.
ماذا كتب في تعليقاته على البيانين ؟
يقول هدسون: بيان مبادئ الرباعية بشأن السودان، هو التعبير الأكثر جدية منذ أكثر من عام عما تتوقعه الدول الأكثر نفوذاً للمسار المُستقبلي. ويجب أيضاً النظر إلى هذا البيان في سياق العقوبات الأمريكية.
هذا البيان ليس خارطة طريق، كما وصفته بعض وسائل الإعلام، ولا عملية مضطردة، ولا توجد فيه عواقب أو آليات إنفاذ. إنه مجرد بيان مبادئ يمكن للدول الأربع المؤثرة الاتفاق عليه بمفردها، ويبدو أنه لا يقوم على الإطلاق على أي محادثات سياسية أو عامة مع المجتمع المدني السوداني أو الجهات السياسية الفاعلة. لقد تم استعراض الكثير مما جاء فيه مع الأطراف نفسها، ونعلم ذلك جزئياً من التقارير العامة، لذا يُفترض أنهم كانوا أيضاً على استعداد لقبول هذه المبادئ، خاصةً أنه لا يوجد أي شرط لتطبيقها أو احترامها. وقد تم الاتفاق علناً منذ أشهر على النقاط الثلاث الأولى، المتعلقة بسيادة السودان، ووصول المساعدات الإنسانية، وعدم وجود حل عسكري.
نعم من المهم إعادة التأكيد على هذه النقاط، لكنها ليست جديدة
ما يُطرح في البيان هو الجزآن الرابع والخامس. يُشير هذا إلى أن أيًا من الطرفين المسلحين لن يكون له دور طويل الأمد في حكم البلاد، ويدعو إلى عملية انتقالية قصيرة للغاية مدتها تسعة أشهر لإنشاء حكومة بقيادة مدنية تتمتع بشرعية واسعة النطاق”. كما يرفض أي دور للنظام السابق، المعرف هنا أيضًا باسم الإخوان المسلمين، في الحكومة المستقبلية.
وعلى الرغم من أهمية هذا، إلا أنه يبدو طموحًا في أحسن الأحوال. هناك سبب يدفع الدبلوماسيين إلى استخدام جداول زمنية مصطنعة، ولكن هناك خطر عليهم إذا لم تتوافر الإرادة السياسية لمواصلة الالتزام بتطبيقها. هذه الإرادة السياسية هنا موضع شك. وكذلك عواقب عدم الامتثال، على أي من الجانبين. يكمن خطر هذا البند في أنه يتطلب قدرًا كبيرًا من العمل بحسن نية من جانب الأطراف المتحاربة، التي لا تُلزمها هذه الوثيقة بالتصرف بحسن نية، كما يتطلبه من الدول الموقعة عليها، التي لم تُظهر حتى الآن التزامًا ثابتًا بشأن السودان.
على الرغم من وعود “البقاء ملتزمين”، أجد صعوبة في إيجاد سبب للاعتقاد بإمكانية تحقيق تقدم كبير في عملية الانتقال السياسي. في السودان بناء على هذه المطالبات ومرة أخرى، ينبغي الالتفات إلى أن جماعات المدنيين الذين لم تُذكر أسماؤهم، والذين من المفترض أن يرثوا السلطة، فإنهم في الواقع إما أنهم مدعومون سياسيًا من الموقعين الرئيسيين على هذه الوثيقه ”الإمارات العربية المتحدة ومصر” أو أنهم لا يزالون ضعفاء وغير منظمين لدرجة أنني أرى أسبابًا عديدة تدفع الكثيرين للقول إنهم أضعف من أن يحكموا.
فإن كان لهذا البيان أو هذا القسم أي فائدة، فسيكون ذلك إحلال وقف إطلاق النار الإنساني لمدة ثلاثة أشهر
إن كان لهذا المطلب أي فائدة، فهو مقياس لمدى قدرة الإمارات العربية المتحدة ومصر على إجبار طرفيهما في القتال على احترام هذا البند، تمامًا كما هو الحال بالنسبة للأطراف المتحاربة. لكن أي تقدم، لأي سبب من الأسباب، على هذه الجبهة سيكون نجاحًا.
الدعم العسكري.. الكذبة الكبرى
ويمضي هدسون للقول:
لكن ما يهمنا جميعًا هو النقطة الخامسة في البيان وهي الدعوة إلى إنهاء الدعم العسكري الخارجي. من المعروف أن هذا الدعم يُطيل أمد الحرب، لكن من المعروف أن الإمارات العربية المتحدة، المزود الرئيسي للدعم العسكري، قد أنكرت بشد أنها لا تفعل ذلك، ولهذا ما لم تعترف الإمارات العربية المتحدة علنًا بما كانت تفعله عبر تشاد وليبيا وجمهورية أفريقيا الوسطى وجنوب السودان وإثيوبيا وبونتلاند لتهريب الأسلحة إلى قوات الدعم السريع، فإن هذه الوثيقة بأكملها ستصبح غير شرعية. إذا لم يُعترف بالكذبة الكبرى التي هي جوهر الحرب، وظلت محور هذا البيان السياسي، فإن هذا الأمر برمته مجرد مهزلة دبلوماسية.
بيان الخزانه و الخارجية الامريكية
أخيرًا – يقول هدسون – أعتقد أنه يجب قراءة هذه الوثيقة في سياق الإجراء الأمريكي الأحادي الجانب لمعاقبة وزير المالية السوداني جبريل إبراهيم وميليشيا البراؤون.
أولًا، لا أستطيع أن أتخيل أن مصر أو السعودية تعتقدان أن جبريل إسلامي متشدد. شعوري من معرفتي به ومن حوله هو أنه ليس كذلك. وهذا يدل على أحد ثلاثة أمور (أ) لدى الولايات المتحدة معلومات استخباراتية عن جبريل لإيهامهم بأنه ينطبق عليه هذا الوصف، وهو أمر أشك فيه. (ب) فهم الولايات المتحدة للإسلاموية في السودان سيء للغاية لدرجة أنهم يعتبرون جبريل مناسبًا تمامًا وهدفًا سهلًا – وهذا هو التفسير الأكثر ترجيحًا. (ج) تم ذلك بناءً على حثّ ودفع من قِبل الإمارات العربية المتحدة لأجل إثبات دعواها القائلة بأن الحكومة الحالية المعينة من قبل القوات المسلحة السودانية مليئة بالإسلاميين.
هل من عودة لنظام البشير؟
حتى الآن – يقول هدسون – وبينما أتفق أنا ومعظم الناس على أن النظام السابق “لا ينبغي أن يستعيد السلطة في السودان مجددًا”، تبدو هذه العقوبات بمثابة فوز أكبر بكثير للإمارات العربية المتحدة، التي استخدمت هذه الحجة، التي تكاد تكون مطابقة للبيان الأمريكي في بعض المواضع، لتبرير دعمها المستمر لقوات الدعم السريع سرًا.
وفي نهاية المطاف، تعكس هذه الوثائق جهدًا أمريكيًا للتوسط بين الدول القوية المتنافسة على النفوذ في منطقة البحر الأحمر التي يهتمون بها جميعًا أكثر من كونها جهدًا حقيقيًا لإنهاء الحرب.
لا بأس بهذا الجهد إذا كان سيخلق عملية ويُلزم الولايات المتحدة والآخرين بالبقاء على التزامهم. هذه هي القيمة النهائية لبيان المبادئ. ومع صدور هذا البيان، قبل عشرة أيام من اجتماعات الأمم المتحدة في مقرّها، دعونا نرى ما إذا كان هذا البيان سيُحدث أي زخم، وما إذا كانت الأطراف ستفي بهذه الالتزامات.
