الأحداث – وكالات
في ظل إدارة جو بايدن، لم تتعامل واشنطن مع الأزمة في السودان على مستوى عالٍ. أما في عهد ترامب، فمن المرجح أن يُنظر إلى السودان على أنه ورقة مساومة في صفقة إقليمية.
فبعد وقت قصير من تأكيد فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، أعلن قائد الجيش السوداني الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان أنه يتطلع إلى “تطوير العلاقات بين البلدين خلال فترة رئاسة ترامب لما فيه مصلحة البلدين”.
ولم يتأخر حميدتي قائد مليشيا الدعم السريع في تقديم تهانيه.
وحولت الحرب التي امتدت أكثر من 18 شهرا السودان إلى أكبر كارثة إنسانية في العالم من حيث الحجم، حيث فرّ ما يقارب 30٪ من السكان من منازلهم، وسقط عشرات الآلاف من القتلى، وانتشر الجوع.
وقال أحد الدبلوماسيين في المنطقة لموقع “ميدل إيست آي”: “أنا متأكد من أن ترامب لا يمكنه تحديد موقع السودان على الخريطة”. وأضاف: “وبالطبع هو ليس من النوع الذي يهتم بالتفاصيل. يحب تسليم كل ذلك لمن حوله. لكنه يحب اختيار جانب”.
غياب بايدن عن السودان
لن يشكل عدم الاهتمام بالسودان تغيراً بالنسبة لرئيس أمريكي. فبينما استمر القتال وتفاقمت الأزمة، أصبحت غياب المشاركة الحقيقية من واشنطن أكثر وضوحاً.
فعلى الرغم من أن بايدن تولى الرئاسة متعهداً بإصلاح العلاقات الأمريكية مع أفريقيا بعد فترة ترامب الأولى، إلا أنه لم يزر القارة حتى الشهر الماضي. كما نادرا ما ذكر السودان علنا ولم يشارك فيه دبلوماسيا، مفضلاً التركيز على دعم بلاده لأوكرانيا وإسرائيل.
وقالت الخبيرة السودانية خلود خير، المديرة المؤسسة لشركة “كونفلونس أدفايزري” في الخرطوم: “السودان لم يصل إلى طاولة بايدن فعليًا. لم يصدر شيء يُذكر من مستوى القيادة العليا في إدارة بايدن بشأن السودان”.
وأشارت إلى أن الولايات المتحدة كانت متورطة جدًا في اتفاق الإطار الذي كان من المفترض أن يمهد الطريق للعودة إلى الحكم المدني في السودان. وكان أحد النقاط العالقة الرئيسية في هذا الاتفاق هو إعادة دمج قوات الدعم السريع في الجيش، والتي لم تُحل، وفشل الأمريكيون في إدراك أن هذه ستكون الشرارة للحرب.
وتابعت خير: “كان للأمريكيين دور كبير في اتفاق الإطار، لذا فإن عدم مسؤوليتهم عند اندلاع الحرب كان أمراً فظيعاً بشكل أكبر”.
ترامب والسودان
بالرغم من أن عودة ترامب إلى البيت الأبيض حدثٌ كبير، إلا أن بعض المحللين يجادلون بأنه بالنسبة للسياسة الأمريكية في السودان والشرق الأوسط، فقد لا يتغير الكثير على المدى القريب.
وقال جليل حرشاوي، زميل مشارك في المعهد الملكي للخدمات المتحدة: “عودة ترامب للرئاسة تتسم بموقف أكثر قوة مناهض لليبرالية، مدعوم بتفويض شعبي أكثر قوة وفريق من صانعي السياسات متسق أيديولوجياً”.
وأضاف: “قد يبدو هذا نظرياً في صالح شخصيات استبدادية مثل حميدتي في السودان، ومحمد بن زايد في الإمارات، وخليفة حفتر في ليبيا. لكن في الواقع، إدارة بايدن تخلت عن أي شكل من أشكال المثالية الليبرالية في السودان”.
أما بالنسبة للسودان، فقد يظل “كملحق” للسياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط والخليج، حيث سيكون أداة تُعرض مقابل شيء آخر، ولا يبدو أن حل الأزمة في السودان تحت إدارة ترامب سيكون سوى نتيجة لصفقة أكبر.
السودان واتفاقات أبراهام
خلال فترة ترامب الأولى، كان الاهتمام بالسودان مرتبطا بإسرائيل. ففي أكتوبر 2020، تم شطب السودان من قائمة الولايات المتحدة للدول الراعية للإرهاب، وبعد ذلك بوقت قصير أعلن ترامب أن السودان قد ينضم إلى الإمارات والبحرين كدولة عربية ثالثة تطبع علاقاتها مع إسرائيل، كجزء من اتفاقات أبراهام.
قالت خلود خير: “تماماً كما في عهد بايدن، أعتقد أن السودان لن يكون على طاولة ترامب”.