بعد دعمها للجيش السوداني، الخرطوم وأسمرا … خطوات لتطوير العلاقات

الأحداث – عبدالباسط إدريس

 

على عكس حجم التحديات المشتركة التي تواجه السودان وأريتريا، يبدو تقدم العلاقات وزيادة التعاون بين البلدين أقل بكثير مما يجب أن تكون، غير أن السودان يأمل في تطوير العلاقات مع أسمرا بشكل أكبر خصوصاً بعد موقفها المساند للمؤسسات الشرعية للدولة المتمثلة في الجيش السوداني.

 

مشاركة سودانية:

يزور أريتريا نائب رئيس مجلس السيادة مالك عقار، مترئسا وفد السودان للمشاركة فى احتفالات أريتريا بالعيد الوطني، وبحسب تعميم صحفي صادر عن مجلس السيادة فإن عقار سيجري محادثات مع الرئيس أسياس أفورقي وعدد من المسؤولين في الحكومة الأريترية لبحث تطوير العلاقات الثنائية وإطلاع القيادة الأريترية على تطورات الحرب في السودان.

 

موقف ثابت:

ومنذ اندلاع الحرب في 15 أبريل من العام الماضي اتخذت الحكومة الأريترية موقفاً ثابتاً، حيث نأت بنفسها عن التورط في دعم المليشيا المتمردة، وأعلنت بوضوح إلى جانب مصر دعمها لمؤسسات الدولة الشرعية في إشارة للجيش، وقد وجه الرئيس أفورقي انتقادات للمنظومات الأفريقية وطريقة معالجتها للأزمة السودانية وانخرطت بلاده في مبادرة دول الجوار التي نادت بعدم التدخل الخارجي في حرب السودان، فالجانب الأريترى بدأ مهتماً بالتداعيات الإنسانية، فقد زار الرئيس أفورقي المناطق الحدودية مع السودان، موجهاً الأجهزة الحكومية باستقبال السودانيين، ورفض أفورقي أي تناول إعلامي للنازحين، قائلاً إن السودانيين إخوة الأرتريين ولن نقوم بتصويرهم وإظهار معاناتهم للتكسب الدولي بها، وأشار إلى أنه سيكون مرحباً بهم وستتم معاملتهم أسوة بمواطني بلاده.

 

علاقة متأرجحة:

وبرغم ماتبدو عليه العلاقة بين الخرطوم وأسمرا فى هذه الأيام من تواصل وقنوات دبلوماسية مفتوحة، إلا أن العلاقات الثنائية السودانية الأريترية، تتسم بالفتور أو الهدوء الحذر، فإدارة العلاقات الرسمية بين البلدين تحيط بها اللقاءات المغلقة والاجتماعات الأمنية والعسكرية، أكثر من إدارتها عبر لجان وزارية مشتركة تناقش العلاقات الاقتصادية والتكاملية في الهواء الطلق، فمنذ حقبة البشير توترت علاقات الخرطوم وأسمرا ودخل البلدان في سجال طويل من حروب الوكالة، ولكن للمفارقة، احتفظ أفورقي بذات موقفه من الخرطوم الجديدة بعد التغيير.

فبعد أن رحب بتشكيل المجلس العسكري، قال أفورقى معلقاً على اندلاع الحرب في تلفزيون بلاده، إنه حذر جنرالات المجلس العسكري من إبرام اتفاقيات وشراكة في الحكم مع السياسيين لكنه سرعان ما بدأ يتعامل بقدر من الحذر، بعد تشكيل الحكومة الانتقالية بقيادة حمدوك، وبحسب محللين فإن أكثر مايخشاه أفورقي هو انتقال نموذج الثورة السودانية إلى بلاده، في ظل ساحة أريترية داخلية حبلى بعوامل الانفجار ومعارضة متمرسة تنشط في المنافي تحرض على الثورة والإطاحة به.

ورغم ذلك تبدو الفترات القليلة التي مرت فيها العلاقة بهدوء هي الأكثر فاعلية للتأثير الأريتري في الشأن السوداني بخاصة اتفاقية أسمرا للسلام عام 2006 بين الحكومة ومؤتمر البجا بشرق السودان بجانب اتفاق سابق عرف بالحريات الثمانية وقع بين الخرطوم وأسمرا عام 1996 ولكنه لم ينفذ.

 

تبادل منافع:

وخلال الشهر الماضي شرع الجانبان في تنشيط العلاقات الاقتصادية عبر فتح المعابر الحدودية لتنشيط حركة التجارة والمواطنين، وشهدت مدينة بورتسودان محادثات قادها مدير الجمارك السودانية مع الجانب الأريترى بهدف فتح المعابر تمهيداً لإعداد اتفاقية مرنة للتجارة، وتحيط بالخطوة تعقيدات فنية كثيرة أهمها غياب قاعدة معلومات محققة ودقيقة حول حجم التبادل التجاري والاقتصادي بين البلدين، ووجود روابط وعلاقات بين المستثمرين في البلدين.

 

تحديات مشتركة:

ويواجه البلدان المطلان على البحر الأحمر تحديات خارجية مشتركة فالسودان وأريتريا تعانيان من التدخلات الغربية وتوتر فى العلاقات مع واشنطن ودعم للمعارضة المدنية والمسلحة، في هذا السياق حسمت الحكومة الأريترية موقفها الرافض للتدخلات الغربية وأبرمت اتفاقية إطار استراتيجية مع روسيا ووظفت الاحتفال بمناسبة مرور ثلاثين عاما على العلاقات بين أسمرا وموسكو، بتعاون عسكرى كبير وإجراء مناورات عسكرية بحرية بين البلدين بالبحر الأحمر. بالمقابل ماتزال السلطة السيادية في السودان تدرس خيارات خطواتها لتحديد موقفها من الغرب أو الشرق، فالخرطوم الرسمية لحسابات جيوسياسية ولمعرفة مسبقة بتأثير الخطوة في منطقة نفوذ تقليدي غربي وأمريكي يبدو أنها تخشى مسألة ” المحورية” ومايترتب عليها من وضع داخلي لم يحسم بعد على نحو يمكنها من اتخاذ قرار مصيري بمثلما فعلت أريتريا.

 

إدارة مخاوف:

بالمقابل تدرك كل من الخرطوم واسمرا، خطورة انزلاق العلاقة بينهما، وتخشيان دخول طرف ثالث من شأنه الدفع بعلاقات البلدين نحو التوتر والاشتباك، فكل طرف يدرك أهمية الطرف الآخر في معادلة الأمن والاستقرار بالنسبة للبلدين ومايمكن أن يعكر صفو العلاقات التي يبدو أن كل طرف ملم بأسبابها، في جوار يحتوي ويمثل العمق الحيوي للسودان وأريتريا.

Exit mobile version