بدأ مصمماً على إنهاء المليشيا.. البرهان في عطبرة.. حسم الجدل

تقرير – أمير عبدالماجد

تتسارع الخطى الان للوصول إلى تسوية في الملف السوداني كجزء من ملفات المنطقة التي تعمل قوى دولية فاعلة على رأسها الولايات الامريكية والغرب وبعض دول المنطقة على ترتيبها مسفيدة من مناخ الاتفاق الذي تم التوصل له في غزة، ويبدو أن هذه القوى اتجهت إلى السودان إذ بات وقع خطواتها قريباً جداً ومسموعاً ورسائلها بدأت تصل بورتسودان عبر الخط الهاتفي للقاهرة التي ابتعثت مسؤولين كبار للقاء رئيس مجلس السيادة قائد الجيش الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان في بورتسودان قبل أن يشد الرجل الرحال بنفسه إلى القاهرة للقاء نظيره المصري وهو لقاء تناوشته الشائعات قبل وبعد انعقاده .. منها ما اتجه إلى لقاء ثلاثي يجمع البرهان والسيسي برئيس الوزراء المستقيل عبدالله حمدوك ومنها ما اتجه إلى الترتيبات الامريكية في المنطقة وعلاقة النظام الحالي بايران ومنها ما تحدث عن اجتماع الرباعية القادم وماقد يتوصل له.. وإن كانت التسريبات بعد اللقاء اتجهت مباشرة إلى الرسائل الامريكية والغربية التي تسعى الان لترتيب المنطقة بما يتواءم مع مصالحها والى الوصول إلى سلام بموجهاتها ووفق رؤية تحقق مصالحها وهو ما اصطدم برؤية رئيس مجلس السيادة الذي يواجه حاليا ضغوطات كبيرة جداً من اجل الاتجاه نحو التسوية والوصول إلى اتفاق ينهي الحرب ويحقق مصالح الدول الراعية لها.. التسريبات قالت إن الرجل وضع اشتراطاته على الطاولة وهي أن تكون اي التفاهمات السياسية القادمة بناء على اتفاق جدة وأن يتم تجميع قوات المليشيا في معسكرات يشرف عليها الجيش والا يشارك آل دقلو في المفاوضات أو يكون لهم مستقبل سياسي في السودان وهو ما أعلنه لاحقاً من ولاية نهر النيل وتحديدا مدينة عطبرة التي زارها لتقديم العزاء في الشهيد مزمل عبدالله ميرغني اذ قالها الرجل صراحة وتحرر من الضغوطات حوله، مؤكداً انه سيستمر في قتال العدو اينما وجد ولن يفاوض الا بما يصلح البلاد وينهي الحرب ويعيد كرامة السودان ووحدته ويبعد احتمال حدوث تمرد مستقبلا، وذكر اللجنة الرباعية تحديدا عندما قال ( لن نفاوض اي جهة كانت الرباعية او غيرها الا بما يضمن صلاح البلاد ) وهو ما فسره مراقبون على انه رسالة للراي العام السوداني القلق من زيارة مصر وما اثير حولها ومن تدخلات الرباعية التي يعتقد د. سعيد سلامة مدير مركز فيجن للدراسات الاستراتيجية أنها لاتستطيع فعل شيء بسبب اشكالات داخلها يقول “صحيح أن مايحدث الان يعكس رغبة دولية حقيقية في وضع حد للقتال وسفك الدماء لكن هل سيصل إلى مايرغب به الجميع”، ويضيف “بعيدا عن ماطرح على الرئيس السوداني ورد الرئيس اعتقد أن الوصول إلى صيغة يعتمدها جميع الشركاء في الرباعية الان أمر صعب لان الجميع يعتقد أن الرباعية على قلب رجل واحد وهو أمر غير صحيح هناك تباينات بين الوسطاء وغياب للالتزام الجاد من الاطراف المتقاتلة على الارض ما يجعل من هذه المبادرات أقرب إلى جهود دبلوماسية تراكمية تبحث عن اختراق لم تتحول بعد إلى نقطة تحول استراتيجية واضحة”، ويتابع “الرؤية المطروحة الان لحل الصراع في السودان من قبل الرباعية فيها مسارين رئيسيين هما الوقف الفوري للأعمال القتالية ومحاولة الجمع بين قادة الأطراف المتحاربة على طاولة الحوار وهي رؤية رغم ان البعض يعتقد بواقعيتها نظرياً الا أنها تواجه تحديات كبيرة على الأرض في ظل استمرار الاشتباكات المسلحة وعدم وجود توافق حول تمثيل الأطراف السودانية في المفاوضات”، ويضيف “داخل اللجنة الرباعية هناك دول تصر على إشراك ممثلين عن الجيش السوداني وهناك دول ترفض مشاركتهم ما يعكس ما قلته سابقا عن وجود انقسامات عميقة حتي بين الوسطاء تعيق انطلاق حوار جاد وفاعل”، ويقول “البرهان يعلم حجم الرهانات والضغوطات لكنه يعلم ايضا هذه التباينات والشروخ داخل لجنة الوسطاء و هو يستثمرها لمصلحة قضيته بذكاء”.
أما د.أبوبكر محمود أحمد اسماعيل الاستاذ بجامعة وادي النيل فيرى أن الأمر كله لاعلاقة له بلقاء كان من المفترض ان يتم بين البرهان وحمدوك لان هذا الامر لم يطرح اصلا في القاهرة ولم يدرج في برنامج اللقاء حتى يقال إن البرهان رفض اللقاء أو اعتذر عنه وكل ماقيل عن الرباعية كان في هامش الاجتماع الذي ناقش المخاوف الامريكية بشأن نقل السلاح إلى غزة باعتبار السودان من حلفاء ايران بالاضافة الى أمن البحر الاحمر والعلاقات مع الصين وروسيا”، وأضاف “لم يناقش الاجتماع امر الرباعية إلا علي الهامش ضمن ترتيبات امن المنطقة وايجاد تسوية للصراعات في الشرق الاوسط”.
ويعتقد اللواء معاش صلاح محمد خالد أن البرهان قرأ المشهد جيداً وهو يعلم أن اي تسوية تعيد تموضع المليشيا في المشهد سياسيا وعسكريا مرفوضة شعبيا وهو امر لم تستوعبه معظم دول الرباعية التي لاتزال تعتمد الوصفة القديمة، واضاف “لن يقبل الناس اعادة من قتل احبائهن واهلهم ونهب ممتلكاتهم واغتصب حرائرهم للمشهد مرة اخرى”، وتابع “التسوية يجب ان تمر بالاشتراطات التي وضعها قائد الجيش ورئيس مجلس السيادة لان اعادة المليشيا للمشهد ستدخل البلاد في ازمات اكبر”، وقال “الحرب ليست غاية بطبيعة الحال ولا أحد يرغب في استمرارها لكن ايقافها يجب الا يتجاوز تصفية هذه المليشيا وتسليم أسلحتها وانهاء أي مغامرة سياسية لال دقلو”، وختم “الرد على ما أثير مؤخراً عن تسوية قادمة تعيد المليشيا وداعميها للمشهد جاء من عطبرة على لسان البرهان وبارسال وحدات قتالية كبيرة إلى مناطق العمليات في كردفان”.

Exit mobile version