المخرج محمود عبدالله يوثق لحرب أم درمان

كتب – الطيب سعد الدين

الحرب رتبت حياتنا على نسق مغاير لما كان سائداً قبلها، فجأة فقدنا التواصل مع الأماكن والأشخاص، افتقدنا الكباري والطرقات فأصبحنا في جزر معزولة، كل يتحرك في محيط محدود، كل شيء فيه مكرر، تغيرت العلاقات، غابت وجوه وأطلت وجوه جديدة.. ولعلنا أكثر حظاً حينما قررنا التحرك والخروج للشارع لأن الارتهان لحوائط المنزل أمر قاتل.

على صعيدي الشخصي جمعتني ظروف المهنة بالأخ المخرج محمود عبد الله محمود فهو مبدع جمع بين المهارة في التصوير والإخراج وبين أنه يمتلك ناصية قادرة على توليد الأفكار على نحو متسارع، فبحكم عمله زار كل بقاع السودان تصويراً وإخراجاً

فهو الحاصل على بكلاريوس الدراما من كلية الموسيقى والدراما، نال دورات متخصصة في عدد من البلدان وعمل في عدد من شركات الإنتاج الإعلامي التي تنتج لكبريات القنوات الدولية كالجزيرة التي أخرج لها أكثر من عشرين فيلماً وثائقياً منها، عودة الناقة، نزع العظم عن اللحم، أيام كارلوس في الخرطوم، فلم اللوري، فلم أورشليم إفريقيا كنائس الملك لالبيلا في أثيوبيا وسلسلة أفلام السودان.. إلى أين !! وسلسلة ضد حكم العسكر… فصار متخصصاً في صناعة الأفلام الوثائقية، أكثر ما يجعلني أسيراً له أنه لا يتجمل ومتصالح مع نفسه، يستمد حكاياته وقصصه من عالمه المبسط، يذكرني بالروائي العالمي نجيب محفوظ الذي كان يجلس على مقهى في حي شعبي يستمد منه تفاصيل شخوص رواياته.

محمود ود الإشلاق، فلأنه نشأ وترعرع في الديم تجده مفعم بثقافة أولاد الديم (شفوت ويفهموها طائرة) بإمكانه أن يحكي لك مائة نكته في اليوم ثم يأتي اليوم التالي بمائة أخرى، يكره النكد ويميل للضحكة المجلجلة، هذا بخلاف المطبات والفاولات التي وقع فيها ويحكيها بكل صدق كمن يسخر على حاله.

يمارس التفكير الإيجابي،، وحينما يردد عبارته الأشهر (أسمعني يا الطيب) تأكد انها لحظة ميلاد عمل جديد، في عشرة ونسة وجدت نفسي منغمساً في التفاصيل، فدعاني محمود لكتابة سيناريو لأكون شريكاً على ميلاد أضخم عمل توثيقي للحرب، ولأن المشاهد ضاجة بالحياة حفزتني على الكتابة ولم تمض ساعات حتى فرغت من كتابة سلسلة تتكون من ٦ أفلام.

محمود وصديقه (الديامي) أحمد آدم فارونا وحضرة الصول ابو الربيع يوثقون لحرب أمدرمان كما لم تراها من قبل، مشاهد من زوايا لا تخطر على البال استخدم فيها كل خبراته المتراكمة ووظف فيها تقنية ال4K والدون، في تقديري سلسلة محمود عبدالله ستنال جوائز عالمية.

Exit mobile version