عبد العزيز عبد الوهاب
وأول الأمنيات وأشرفها وما أحوجنا إليها، بعد تسمية السفير علي يوسف وزيرا ، هو أن تعود لوزارة الخارجية هيبتها وجدارتها ، ولكن هل كانت لديها هيبة وجدارة من الأصل ؟
وهل يستطيع الرجل الذي يتاخم الثمانين أو هو في الطريق إليها ، ويمشي على ثلاث ، المضي نحو تحقيق أمجد رجاءاتنا التي خاب أكثرها ، وقد أقلقت منامنا ليلا وشغلتنا نهارات لافحة شمسها ؟
رغم كون الرجل متوج بخبرات سابقة عمرها نصف قرن ، أمضى أربعة أخماسها في (الحديث الناعم والأكل الطاعم) مما توصف به دبلوماسية زمانذاك !.
بينما تحتاج خارجية ( معركة الكرامة) إلى دبلوماسية جديدة ، يجب أن يتحلى رجلها بمهارة التصويب ليفوز في جميع صولاتها (بسوبر هاتريك) على نحو :
أما الأول : أن يكون في الشدة بأس ..
والثاني : أن يتزيٌا بلامة الدواس
قيل ثم ماذا ؟
قال : أن يقطع دابر كل جاسوس خنٌاس
لن يكون كافيًا ؛ والحال كما ترون ؛ ولا واجبا أن يأتي الوزير محمولا على أكتاف ( الخبرات السابقة) بل من الضروري جدًا أن يتجمل بما نسميها ( الخبرات اللاحقة) عملا بالنصيحة التي تقول :
ربٌوا وزراءكم لزمان غير زمانكم ..
وزماننا يا هذا ؛ ممتليء بالمكاره والخبائث وناكري الجميل ثم … بدويلة الشر العربية ، العبرية مبنًى ومعنى !
وخارجيتنا لم يفتح الله عليها ، منذ كذا وكذا ، بوزير همام ، يحفظ للوطن المقام ويرد عنه كيد اللئام . ففي عهد الخائن البارد الباهت حمدوك شهدنا كيف أن سفراء أمريكا وبريطانيا وفرنسا والسعودية والإمارات ، يشترون الذمم ويفترشون الأرض رفقة معتصمي القيادة ، ويرسمون خط سير التصعيد ضد الدولة .
يجوبون أزقة أم درمان الغميسة ويشربون القهوة في ( أم الحسن) ويجمعون العملاء في بيوتهم وينخرطون في أدق تفاصيل جهاز المخابرات و مركز الصناعات الدفاعية .
وجميع ذلك يحدث ، بينما خارجيتنا في أضان طرش ، هذا إن لم تكن نفسها مخترقة أو مشتراة ؟.
يجب أن ينتفض السيد علي يوسف ليرينا منه جسارة وجدارة ، فيرسل من فوره فرقا للتفتيش والمحاسبة لسفاراتنا في الرياض وسلطنة عمان والقاهرة وأبو ظبي وبكين ، فعن بعضها راجت حكايات تشيب لها رؤوس الأجنة في الأرحام ، وفاحت منها روائح فساد مشت بسيرته الركبان !
على قيادة الدولة وبعد دراسة تقارير ( لجان تقصي الحقائق) كما تقول أدبيات عصبة الأمم ، التي تتولاها الخارجية ؛ بناءً على قاعدة إقتصاد الحرب ؛ أن تبادر فورًا بإنفاذ سياسة تقشفِ حاسمة وسريعة ، تطال البعثات الخارجية إما بالدمج أو التقليص أو التسريح بإحسان .
لا نقول ذلك أو نطلبه تنمرا أو تنكرا ، وإنما لحاجات يقتضيها الحال المائل وتوفيرا للدولار السائل .
ربما يدعم هذا الرأي ، لو أننا فتحنا كتاب منجزات سفارات لنا في بلاد منقطع طاريها .
ثم ماذا لو تم التركيز على سفارات لنا منافع ومصالح وأواصر محبة ترفع لها القبعات ؟
أما وقد حدث ما حدث ، وحيث أنه لا عودة عن قرار تسمية يوسف وزيرُا ، فإن إلحاقًا ضروريا يجب أن يتم بوزير ثانٍ باذخ الخبرة في التدابير الأمنية والمخابراتية ، ماهر في تضاريس السفارات التي ظاهرها دبلوماسي بينما باطنها يستبطن العجب والشغل الكعب !