لاهبيب تحذر في الأمم المتحدة: الفاشر على حافة كارثة شاملة والمجتمع الدولي مطالب بالتحرك
مواطنون – نيويورك
على هامش أعمال الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة، أطلقت المفوضة الأوروبية للشؤون الإنسانية هادجا لاهبيب تحذيرات غير مسبوقة بشأن تدهور الأوضاع في السودان، واصفة النزاع بأنه “أكبر أزمة إنسانية في العالم” ومحذرة من أن مدينة الفاشر بإقليم دارفور تقف على حافة كارثة شاملة قد تهدد حياة مئات الآلاف من المدنيين.
انهيار كامل وانتهاكات ممنهجة
قالت لاهبيب، في كلمة أمام فعالية جانبية للأمم المتحدة خُصصت للأزمة السودانية، إن السودان يعيش حالة انهيار شامل، مع انتهاك يومي للقانون الدولي الإنساني. وأوضحت أن الوضع في الفاشر وكادقلي والدلنج “مقلق إلى أبعد الحدود”، إذ يحاصر القتال آلاف المدنيين، محرومين من الغذاء والماء والدواء، فيما تتزايد موجات النزوح داخليًا وخارجيًا.
وأضافت أن “الخسائر البشرية صادمة، والأسواق تتعرض للقصف، والمجاعة تُستخدم كسلاح حرب، بينما تواجه النساء والفتيات انتهاكات جنسية وعنفًا قائمًا على النوع الاجتماعي بشكل يومي”.
دعوة إلى وقف إنساني فوري
وحثت المسؤولة الأوروبية الأطراف السودانية المتحاربة على الالتزام بمقترح الأمم المتحدة بوقف إنساني لإطلاق النار في الفاشر، امتثالًا لقرار مجلس الأمن رقم 2736، مؤكدة أن هذه الخطوة ستفتح “نافذة حياة” أمام إدخال مساعدات عاجلة للنساء والأطفال وكبار السن.
وقالت: “الفاشر تقف على حافة كارثة إنسانية غير مسبوقة، ووقف إنساني مؤقت يمكن أن يكون الفارق بين الحياة والموت لعشرات الآلاف”.
التمويل الأوروبي: الأكبر في أفريقيا
كشفت لاهبيب أن الاتحاد الأوروبي خصص هذا العام أكثر من 272 مليون يورو للاستجابة الإنسانية في المنطقة، بينها 160 مليون يورو للسودان وحده، معتبرة أن هذا هو “أكبر غلاف تمويلي إنساني يقدمه الاتحاد في أفريقيا اليوم”.
وأوضحت أن الدعم الأوروبي يشمل الجسور الجوية الإنسانية والشحن البحري، إلى جانب تمويل المنظمات العاملة على الأرض، مؤكدة أن التمويل الأوروبي “محايد ويستند حصراً إلى الاحتياجات الإنسانية، بغض النظر عمّن يسيطر على الأراضي”.
المخاطر على العاملين الإنسانيين
أشارت لاهبيب إلى أن السودان أصبح واحدًا من أخطر الأماكن في العالم بالنسبة للعاملين في المجال الإنساني، حيث سجل العام الماضي أعلى عدد من الحوادث الأمنية ضدهم، ومعظم الضحايا كانوا من السودانيين أنفسهم. وأضافت: “العاملون الإنسانيون هم آخر شريان حياة لملايين الناس، ويجب حمايتهم”.
الحاجة إلى حل سياسي
ورأت المفوضة أن الحل لا يمكن أن يكون عسكريًا أو إنسانيًا بحتًا، بل يجب أن يكون سياسيًا ودبلوماسيًا، داعية المجتمع الدولي إلى توحيد الجهود والضغط على الأطراف السودانية للالتزام بتعهداتها. وأكدت أهمية العودة إلى إعلان جدة (مايو 2023) كأساس لبناء الثقة وخفض التصعيد.
خلفيات: الفاشر تحت الحصار
تأتي هذه التحذيرات في وقت تعيش فيه مدينة الفاشر، آخر معاقل الجيش السوداني في دارفور، تحت حصار خانق تفرضه قوات الدعم السريع منذ أكثر من 500 يوم، ما جعلها بؤرة الصراع وأحد أطول الحصارات الحضرية في الحروب الحديثة. وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن أكثر من 260 ألف مدني، نصفهم أطفال، يواجهون خطر المجاعة ونقص الدواء، وسط قصف متواصل وهجمات بالطائرات المسيرة.
آراء خبراء
يرى محللون أن الخطاب الأوروبي يعكس إدراكًا متزايدًا بأن أزمة السودان باتت تحديًا استراتيجيًا يهدد استقرار المنطقة بأكملها. ويعتبر الباحث في العلاقات الدولية د. سامي عبد الحليم أن “إعلان الاتحاد الأوروبي عن أكبر حزمة تمويلية في أفريقيا خطوة مهمة، لكنها لا تكفي ما لم تقترن بضغط سياسي على الأطراف الإقليمية الداعمة للصراع”.
في المقابل، يحذر خبراء إنسانيون من أن “الأموال والوعود ستظل بلا جدوى إذا لم تُفتح ممرات آمنة بالفعل نحو الفاشر وغيرها من المناطق المحاصرة”، مشددين على أن نجاح أي مبادرة مرهون بالقدرة على حماية المدنيين وضمان وصول المساعدات دون عراقيل.
خاتمة
خطاب لاهبيب في الأمم المتحدة يضع السودان، ولا سيما الفاشر، في صدارة الأجندة الدولية من جديد. لكن يبقى السؤال: هل يتحول هذا الحراك الأوروبي والدولي إلى خطوات عملية توقف الحرب وتفتح الممرات الإنسانية، أم يظل مجرد دبلوماسية بيانات أمام كارثة تلوح في الأفق؟
