اختطاف الأطفال.. المليشيا تتاجر (بفلذات الأكباد)

لم يتمالك المشاركون في المؤتمر التأسيسي لتنسيقية القوى المدنية الديمقراطية (تقدم) أنفسهم عندما تحدث ممثل المزارعين (إبراهيم رانفي) في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر،  الإثنين، بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا عن الانتهاكات التي تمارسها مليشيا الدعم السريع بولاية الجزيرة وهم يقاطعونه بشكل واضح ويؤكدون من خلال ذلك وقوفهم إلى جانب التمرد وعدم إدانة جرائمه الإنسانية في حق الشعب السوداني والتي لم يسلم منها حتى الأطفال.

 

 

الأحداث – آية إبراهيم

 

ومنذ تمردها على القوات المسلحة السودانية في أبريل من العام الماضي ظلت مليشيا الدعم السريع تمارس أسوأ أنواع  الانتهاكات الإنسانية تجاه المجتمع السوداني بكافة شرائحه وأنواعه بما في ذلك الأطفال الذين قامت المليشيا بانتهاكات واسعة ضدهم من عمليات اختطاف، إغتصاب، قتل وتجنيد قسري وغير ذلك وهو ما وجد إدانات واسعة بالداخل والخارج.

 

حادثة جديدة

وفي حادثة جديدة هزت الرأي العام السوداني وأثارت جدلاً واسعاً خلال الأيام الماضية بفعل ممارسات مليشيا الدعم السريع الإرهابية قامت قوة تابعة للمليشيا باختطاف طفلة بقرية مكركا بولاية الجزيرة تبلغ من العمر 11 عاماً وهددت القوة أسرة الطفلة بقتلها مالم يتم تنفيذ مطالبهم المتمثلة في تسليمهم الأموال والممتلكات ومفاتيح السيارات.

 

إطار غير أخلاقي

ويؤكد الأمين العام للمجلس القومي لرعاية الطفولة بروفيسور عبدالقادر عبدالله أبوه أن اختطاف مليشيا الدعم السريع لطفلة بقرية مكركا بمحلية الكاملين بولاية الجزيرة مسألة خارجه عن الإطار الأخلاقي، وقال هو أمر عودتنا عليه المليشيا المتمردة.

وأشار أبوه لـ(الأحداث) إلى أن المليشيا طلبت مبلغ 10 مليون كفدية مقابل فك أسر الطفلة أو قتلها بعد أن فعلوا مايريدون من تخويف ومسائل غير أخلاقية،  مبيناً أن الحادثة نموذج من نماذج الانتهاكات الجسيمة التي تحدثت عنها الأمم المتحدة وهي تحمي الإنسان بقانون ومشروع اجتماعي عظيم، وتساءل بقوله “لا أدري أين هي الآن بالمسوغات التي تراها بأم عينها؟”.

ولفت الأمين العام للمجلس القومي لرعاية الطفولة إلى أن اختطاف المليشيا للطفلة مثال لعدد من النماذج بولاية الخرطوم وإقليم دارفور وغرب كردفان، وقال إن انتهاكات المليشيا هي أحد الانتهاكات الجسيمة الستة التي تحدثت عنها الأمم المتحدة في سياقها لحماية الإنسان.

 

انتهاكات سابقة

ولم تكن عملية اختطاف الطفلة الأخيرة من قبل المليشيا هي الأولى في سجل التمرد الملئ بالانتهاكات الجسيمة تجاه الأطفال وغيرهم إذ  سبق وأن قامت مليشيا الدعم السريع باختطاف أطفال في منطقة شبونة فضيل جنوب ولاية الجزيرة وفرضت على أهاليهم فدية مالية تبلغ 500 ألف جنيه سوداني على أقل تقدير مقابل إطلاق سراحهم كما قامت المليشيا باختطاف عدد من الأطفال بقرية طابت الشيخ المحمود وهددتهم بالقتل أو التجنيد وطالبت المليشيا أهالي القرية بدفع فدية بمبالغ مالية كبيرة لإطلاق سراحهم.

 

انتهاك مؤشرات

ويمضي الأمين العام للمجلس القومي لرعاية الطفولة بروفيسور عبدالقادر عبدالله أبوه في حديثه لـ(الأحداث) بقوله إن المليشيا قامت  بانتهاكات عديدة تجاه الأطفال من عمليات تجنيد قسري، قتل، اختطاف وإغتصاب في عدد من ولايات السودان  منها ولاية الخرطوم وكردفان الكبرى وإقليم دارفور،  ولفت إلى أن المليشيا انتهكت مؤشرات الأمم المتحدة والتي من بين عضويتها السودان، وقال إن أفعال المليشيا دليل على خبثها، داعياً إلى سن عقوبات رادعة في مواجهتها وتصنيفها منظمة إرهابية بفعل انتهاكاتها، وأكد أن عملية احتجاز الطفلة عمل مشين ولا أخلاقي وتابع : الحيوانات تترفع عن فعله وأنه سلوك قذر  مخالف للتشريعات الأرضية والسماوية”.

 

حجم تأثير

وفي بيان صحفي أخير لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونسيف) كشفت فيه وفق تقارير موثوقة بأن 435 طفلاً على الأقل قتلوا وأُصيب 2,025 في الأيام المئة الماضية – بمعدل أكثر من حالة واحدة كل ساعة.

وقالت اليونسيف إن حجم تأثير النزاع على الأطفال في السودان في الأيام المئة الماضية يكاد أن يستعصي على الفهم. إن الآباء والأجداد الذين عاشوا دورات سابقة من العنف يشاهدون الآن أطفالهم وأحفادهم في مواجهة تجارب مروعة مماثلة. في كل يوم، يُقتل الأطفال ويصابون ويختطفون ويشهدون المدارس والمستشفيات والبُنى التحتية الحيوية والإمدادات المنقذة للحياة التي يعتمدون عليها وقد تضررت أو دُمرت أو نُهبت.

 

إحصائيات مروعة

وحسب اليونيسف فإن 1,7 مليون طفل  إضطروا بعد ثلاثة أشهر من تمرد الدعم السريع على القوات المسلحة السودانية لترك منازلهم مع أسرهم وأنهم  يتنقلون داخل السودان وعبر حدوده، مما يعرضهم للجوع والمرض والعنف والانفصال عن عائلاتهم. وكشفت عن  تزايد التقارير عن عمليات الاختطاف وتجنيد الأطفال والعنف على أساس عرقي ولفتت إلى تعرض ما لا يقل عن 690 ألف طفل لسوء التغذية الحاد الشديد و1,7 مليون طفل دون عمر الواحدة عرضة لخطر تفويت اللقاحات الحرجة، مما يزيد من خطر تفشي الأمراض، وقالت اليونسيف إنها تحتاج بشكل عاجل إلى 400 مليون دولار لدعم وتوسيع نطاق المساعدة الحرجة المنقذة للحياة في مجالات الصحة والتغذية والمياه والصرف الصحي والتعليم والحماية المقدمة إلى الأطفال الأكثر هشاشة الذين وقعوا في براثن الأزمة.

 

عزوف تبليغ

ولا تقتصر انتهاكات مليشيا الدعم السريع  ضد الأطفال على الإحصائيات المروعة التي تقدمها عدد من الجهات الموثوق فيها فقط إذ أن هنالك أرقام أخرى يصعب التوصل لها وذلك لإحجام الأسر من التبليغ عن حالات الاختطاف والاختفاء القسري التي تمارسها مليشيا الدعم السريع ضد الأطفال لعدة اعتبارات من بينها الوصمة وعدم وجود آليات للتبليغ إلى جانب الخوف من الانتقام حيث تساهم هذه الاعتبارات مجتمعة في عزوف العائلات عن التبليغ.

 

Exit mobile version