الأحداث – وكالات
تزايد الاهتمام بالأوضاع الأمنية والإنسانية التي يعيشها السودان، بسبب القتال الدائر منذ أبريل 2023، وسط تحذيرات دولية من انهيار الدولة وتفشي المجاعة.
وتزامناً مع دعوة الخارجية الأميركية للجيش السوداني ومليشيا الدعم السريع لاستئناف المفاوضات من أجل وقف إطلاق النار منتصف أغسطس المقبل بسويسرا، شهدت جيبوتي اجتماعات متتالية من قوى دولية وإقليمية ووسطاء دوليين لتنسيق الجهود لطي صفحة الحرب بالسودان بعد نحو 16 شهرا منذ اندلاعها.
واختُتم اجتماع الوسطاء المخططين للسلام في السودان، الجمعة، (استمر يومين) باعتماد بيان يجدد التزام المجتمع الدولي بدعم السودان خلال هذه الفترة الحرجة.
ودعا “إعلان جيبوتي” إلى وقف فوري للأعمال العدائية، مما يؤدي إلى وقف إطلاق نار مستدام، وعملية سياسية شاملة، كما أكد الحاجة إلى استجابة إنسانية شاملة، وحماية المدنيين، ودعم النازحين ومجتمعات اللاجئين.
وعقدت اجتماعات الوسطاء برئاسة رمطان لعمامرة المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، بمشاركة أكثر من 20 دولة، بالإضافة إلى الاتحاد الأفريقي، جامعة الدول العربية، الاتحاد الأوروبي، منظمة “إيقاد” وقطر ومصر والسعودية والإمارات، وعدد من المراقبين الدوليين.
كما اختتم، الأربعاء في جيبوتي، الاجتماع التشاوري الثاني حول تعزيز تنسيق مبادرات وجهود السلام في السودان، الذي التأم ليوم واحد، بإعلان الترحيب بالمبادرة الأميركية لرعاية مفاوضات بين طرفي القتال، وحذر المشاركون من تداعيات الأوضاع الإنسانية والأمنية المعقدة في السودان.
قيد التشاور
وأعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن دعوة الجيش السوداني والدعم السريع إلى مفاوضات جديدة في 14 أغسطس المقبل في سويسرا، برعاية أميركية وسعودية ورقابة أممية والاتحاد الأفريقي ومصر والإمارات.
وقال وكيل الخارجية السوداني حسين الأمين خلال مؤتمر صحفي الخميس في بورتسودان “تلقت وزارة الخارجية دعوة من نظيرتها الأميركية لاستئناف المفاوضات مع مليشيا الدعم السريع بسويسرا، وهي قيد التشاور مع الجهات الأخرى للرد عليها من حيث الشكل والمضمون”.
وفيما يتعلق بما يجرى في جيبوتي من اجتماعات بين قوى دولية وإقليمية لتنسيق الجهود بشأن سلام السودان، وصف وكيل الخارجية ما جرى بالخلوة، ورد “لم يتم دعوة السودان وهي لا تعنيه رغم أنهم يبحثون المبادرات بشأن وقف الحرب في بلادنا”.
وكشفت مصادر دبلوماسية للجزيرة نت أن الحكومة السودانية شكلت خلية لدراسة دعوة واشنطن من مجلس السيادة والخارجية وجهات رسمية أخرى، وتوقعت زيارة المبعوث الأميركي للسودان توم بيرييلو بورتسودان الأسبوع المقبل للتباحث مع البرهان من أجل إنجاح المفاوضات والاستماع إلى رؤيته للسلام.
تاريخ غير مشجع
يرى الهندي عز الدين رئيس تحرير صحيفة “المجهر” أن تاريخ الولايات المتحدة مع السودان -من مفاوضات نيفاشا للسلام مع جنوب السودان وأبوجا للسلام في دارفور وانتهاء برعاية منبر جدة- لا يبشِّر بخير ولا يثمر سلاما ووحدة واستقرارا.
وحسب عز الدين للجزيرة نت، فإن اتفاق نيفاشا انتهى بانفصال جنوب السودان، وأبوجا انتهت إلى تمرد ثان لرئيس حركة تحرير السودان مني أركو مناوي في دارفور “ومنبر جدة كان غطاء لقوات الدعم السريع لغزو المزيد من المدن والقرى ابتداء من نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور وانتهاءً بسنجة عاصمة ولاية سنار”.
وقد ظلت واشنطن الشريك الأساسي في منبر جدة تتفرج على تمدد “تمرد قوات الدعم السريع” بعد توقيع “إعلان جدة” في مايو 2023، دون أن تلجمه وهي القادرة على ذلك، كما يقول المتحدث.
ويعتقد عز الدين أنه عقب تواصل رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان مع الإمارات، وبدأت تفاهمات بين بورتسودان وأبوظبي تأخذ مسارها وتؤتي أُكلها، سارعت أميركا إلى دعوة جديدة للمفاوضات على نمط جدة في سويسرا من دون أن تخبر العالم ماذا حقق “إعلان جدة” على الأرض.
وسيكون طريق مفاوضات سويسرا وعرا ومعقدا ونتيجته ستكون عودة “حميدتي” للحياة السياسية في السودان وعدم تحقيق سلام دائم وعادل، كما جرى بعد نيفاشا وأبوجا وجدة، لأن الاستراتيجية الأميركية واحدة ولا تتغير وفقاً للمحلل السياسي.
تطاول الأزمة
أما الباحث السياسي فيصل عبد الكريم فيرى أن ما حرك القوى الدولية والإقليمية بعد جمود عملية السلام في السودان هو تطاول أمد الأزمة وتوسع نطاق القتال وتداعياته المحتملة على الدول المجاورة والاستقرار الإقليمي، بجانب تنافس وتدخل قوى إقليمية مما يهدد بتفكك الدولة.
وتواجه الإدارة الأميركية انتقادات من مشرعين في الكونغرس بفشلها في غزة وأوكرانيا والسودان، وتسعى إلى إنجاز يشكل زخماً في الحملة الانتخابية للحزب الديمقراطي، وتوقع رفع واشنطن العصا في وجه الطرف الذي يقف في طريق الزعم برغبتها وقف حرب السودان.