إذا غسلتم طينهم.. فكيف عارهم؟

فيما أرى

عادل الباز

1
حاولت جوقة جنيف غسل جثة الدعم السريع وتقديمها للعالم في صورة زاهية، فانظر ياهداك الله، الدعم السريع هو الذي قبل وقف إطلاق النار فوراً وهو داعية سلام يلبي كافة دعوات الداعين للسلام.!! هو الدعم السريع بالغ الانسانية يوافق مقدماً على إدخال الإغاثة بشكل عاجل لأجل الجوعى في دارفور وبقية مدن السودان، ثم هو الذي وافق على إجراء مبسط لتسهيل الإغاثة وعلى القوات المسلحة اتخاذها نموذجاً (أي والله جاء ذلك في البيان الختامي لجوقة جنيف.!!) .
وأخيراً هو الدعم السريع الذي (وافق على إصدار توجيهات إلى جميع المقاتلين بالامتناع عن الانتهاكات بما في ذلك العنف ضد النساء أو الأطفال، واستخدام الجوع أو نقاط التفتيش للاستغلال، والهجمات على العمليات الإنسانية والخدمات الأساسية مثل الحقول الزراعية، والمزارعين، والعمليات المتعلقة بالحصاد). جاء كل هذا الغسيل القذر في البيان المشترك الذي صدر اليوم – الموافق 23 أغسطس 2024 – من كلٍّ من الولايات المتحدة، سويسرا، المملكة العربية السعودية، مصر، الإمارات، الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة) من نص البيان الختامي .!!
2
انظر كيف حاولت جوقة جنيف تزيين بل تزييف صورة الدعم السريع وتقديمها للعالم في هذا الثوب الإنساني القشيب، وهذه مقاصد المؤتمر وأهدافه، غسل قذارة الجنجويد وسمعتهم بصحبة الكفيل المعطي للهبات (كل تبرعات الكفيل 77 مليون دولار للإغاثة.). هذا ما قالوا … ولننظر لما فعله الجنجويد على الأرض فعلاً … لعنة الله على الكاذبين.
3
الواقع أبعد ما يكون عن ما قالته جوقة جنيف، إذ أن الحقيقة كما كتب د. أمجد فريد (منذ أن دعت وزارة الخارجية الأميركية لمحادثات جنيف في 23 يوليو/تموز حتى تاريخ 20 أغسطس 2024، قتلت “قوات الدعم السريع” حوالي 650 سودانيا في هجمات استهدفت المدنيين في الخرطوم وأم درمان والفاشر وولاية الجزيرة وولاية سنار وولاية شمال كردفان. وخلال الفترة نفسها، ارتكبت الميليشيا جرائم حرب صريحة بقصف مستشفى أم درمان للولادة ومستشفى النو ومستشفى الصداقة في الفاشر. وارتكبت “قوات الدعم السريع” بعض هذه الجرائم أثناء وجود وفدها في سويسرا بمعية الوسطاء الدوليين).
يعنى حين وصل وفد القتلة “دعاة السلام” إلى جنيف كانت أيديهم ملطخة بدماء أكثر من 650 مواطن سوداني وهناك استقبلتهم جوقة جنيف المتآمرة باعتبارهم رسل الإنسانية.!!.
4
في أثناء اجتماعات الجوقة ومعها وفد الجنجويد في جنيف ماذا جرى؟ اسمعوا للمبعوث الأمريكي حين غرد أول أمس قائلاً (في وقت نركز فيه في سويسرا على إنقاذ الأرواح، نشعر بالصدمة لرؤية تصاعد العنف من قبل كل من قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية هذا الأسبوع والذي أسفر عن مقتل أكثر من 100 مدني في جالجاني، معمة القوز، بيضاء، والفاشر. الهجمات المباشرة على المدنيين —القصف العشوائي، القذائف، وإطلاق النار — تخالف القانون الدولي الإنساني. ندعو الطرفين إلى احترام كافة التزاماتهم بموجب إعلان جدة، وعلى الأقل الحد الأدنى من حماية المدنيين الأبرياء من الأذى.) . بالله شوفوا التدليس على أصولوا، إذ تم زج اسم القوات المسلحة في التغريدة للإيهام بأن الطرفين يرتكبان ذات الانتهاكات، مع إن كل المناطق التي ذكرها السيد المبعوث في التغريدة هي مناطق تسيطر عليها مليشيات وترتكب فيها المجازر ولا يوجد بها جيش أصلاً. ولكنه لأنه منافق، يكتب تغريدته بهذا التدليس والخلط المتعمد.
إذن بشهادة المبعوث الأمريكي بأن الالتزامات التي تتحدث عنها جوقة جنيف عن الوعود التي أطلقتها عصابات الدعم السريع قبل وأثناء المؤتمر ما هي إلا أكاذيب لتحسين صورتهم أمام العالم، ولكن بأرض الواقع في القرى والمدن يجرى شيء مختلف تماماً، إذ لم تتوقف الانتهاكات والقتل ساعة واحد في كل مناطق سيطرة المليشيا.!! على من يكذبون؟.
5
عرفنا ما جرى قبل المؤتمر أنهم قتلوا في غضون شهر أكثر من 650 نفس بريئة، وأثناء المؤتمر اجتاحوا عشرات القرى وقتلوا أكثر من 100 أبرزها في جالجاني، مهمة القوز، بيضاء، والفاشر.!! إذن … ماذا حدث بعد انتهاء مؤتمر الجوقة؟ .. بالأمس جاء في الاخبار أن مليشيا الدعم السريع نهبت المساعدات الإنسانية الدولية في ولاية غرب دارفور بعد أقل من 72 ساعة من فتح معبر أدري، كانت قوات التمرد (أعلنت الخميس الماضي، رفضها القاطع لمسار المساعدات الإنسانية إلى إقليم دارفور عبر الولاية الشمالية) وإذا عرف السبب بطل العجب .!! ترغب المليشيات وحلفائها في فتح معبر واحد (أدري) الذي تسيطر عليه لتواصل نهبها وسرقتها لمواد الإغاثة بغرض تشوين جيشها الجائع.!!
بالأمس فقط أيضاً ووفقاً لشبكة أطباء بلا حدود أقدمت قوة مسلحة من مليشيا الدعم السريع بنهب أجهزة ومعدات مستشفى إبن سينا بالخرطوم، وهو المستشفى الذي كانت تستخدمه الميليشيا ثكنة عسكرية. وقامت الميليشيا بترحيل معدات المستشفى المنهوبة إلى جهة غير معلومة. وأدانت الشبكة بشدة عمليات نهب المرافق الطبية التي كانت تقدم خدمات طبية للمواطنين، حيث يعد مستشفى إبن سينا مركزاً مرجعياً وبحثياً في مجالات متعددة. وأكدت الشبكة في بيان لها أمس أن هذا التصرف يُعد انتهاكاً خطيراً للقوانين الدولية والإنسانية، وتعتبر أن سلامة المستشفيات والمرافق الطبية يجب أن تكون محمية وليست موقعاً للصراع.).
إذن الهجمات على العمليات الإنسانية والخدمات الأساسية لم تتوقف لحظة ولا يحزنون بشهادة المنظمات الدولية كما لم يتوقف القتل والنهب والاغتصاب، يحاول هؤلاء الجوقة في جنيف غسل طين الجنجويد وهيهات، وحتى إذا أفلحوا بالأكاذيب أن يفعلوا فكيف سيغسلون عارهم / قتلهم الأبرياء واغتصابهم النساء .؟!!
6
جوقة جنيف التي لازالت تحدثنا عن تعهدات الجنجويد بالالتزام بحماية الإغاثة وليس نهبها وحماية المدنيين وليس قتلهم، وتسعى لرسم صورة إنسانية لهم لا وجود لها إلا في خيال الجوقة المريض الذي يرى بعمىً كامل الشيطان في صورة ملاك… وليس في الأمر عجب .. فالأبالسة يحبون كُلَّ شَيْطَانٍ مَّرِيدٍ.!!

Exit mobile version