فيما أرى
عادل الباز
إذا رأيت أو عرفت رجلًا اغتُصِبت أمه وأخته، وشُرِّد من منزله ووطنه، وهام على وجهه في أقطار الأرض، ثم سمعته ورأيته يرفع راية “لا للحرب، ولازم تقيف”، فاعلم أن هذا ديوث لا خير فيه في الدنيا ولا الآخرة، ولا يُعَوَّل عليه في خير أو شر.
لو صادفت رجلًا يعتاش على المنظمات طيلة حياته، وينفذ طلباتها ويدور في حلقاتها وندواتها كدرويش في حضرة سادته، فاعلم أن هذا رجل باع نفسه للشيطان، يأتمر بأمره وينتهي بنواهيه، واعلم أن هذا رجل لا يُعَوَّل عليه ولا فائدة تُرجى منه، لا لنفسه ولا لبلده.
إذا رأيت، ومتى ما رأيت، ذكرًا أو أنثى يلعن جيش بلاده وينصر الغزاة والمتآمرين عليه، فتيقن أن ذلك الكائن لا تُحتمل وضاعته، وهو مجرد مسخ بلا شرف ولا قيم، ولو اختبأ في جسد أنثى أو ذكر. إنه ليس أكثر من خيال مآتة لا يُعَوَّل عليه.
إذا قرأت بيانًا أصدره من سموا أنفسهم “علماء المسلمين” يمجدون فيه الصهاينة ويسبون مجاهدي حزب الله، ولا يترحمون على سيد شهدائهم نصر الله، ويصفونهم بالصفويين، فاعلم يا هذا أن هؤلاء هم عملاء بني صهيون لا علماء المسلمين، وعملاء بني صهيون غالبًا ما يختبئون تحت قفاطينهم المحشوة بالرشى الحرام. هؤلاء لا يُعَوَّل عليهم لأنهم كوادر حزب الشيطان.
إذا سمعت أن الأمة العربية اجتمعت على باطل، فلا تستغرب؛ فهي لم تجتمع على حق بعد المصطفى صلى الله عليه وسلم. بالأمس هبت الأمة في مشارق الأرض ومغاربها لإدانة قصف بيت السفير الإماراتي في الخرطوم، الخالي إلا من الجنجويد، دون أن تقول من هو الفاعل! سفارات تلك الأمة نُهِبَت وسُرِقَت وأُحرِقَت أمام أعين العالم بفعل فاعل معلوم، لكنها لم تجرؤ على إدانته ببيان. تصوروا، المجرم المعلوم غير مُدان من الأمة، والمجرم المجهول يتلقى سيلًا من بيانات الإدانة! أمة ترى بعينها الإبادة الجماعية للمساليت في الجنينة ولا تدين فاعلها، لكنها تدين قصف منزل فارغ! ما لكم كيف تحكمون! إذا رأيت أمة كتلك، فاعلم، ياهداك الله، أنها أمة ترعى الباطل وتخذل الحق، ثم تيقن أن تلك أمة تافهة لا يُعَوَّل عليها.
إذا وصلك خبر عن المبعوث الأمريكي الدجال والثرثار، ربيب الصهاينة، الذي سيزور بورتسودان قريبا، فاعلم أن تحالف إزهاق الأرواح الذي وُلِد ميتًا في جنيف قد تم دفنه بعد أن أدرك الأمريكيون أنه لا خير يُرجى منه. واعلم أن زيارة المبعوث الوسواس إلى بورتسودان هي مجرد سياحة لا أكثر وهي سياحة بائرة لا يُعَوَّل عليها؛ لأنه لن يستطيع أن يستمتع بوجبة سمك مشوي في الهواء الطلق على شاطئ السقالة.
إذا سمعت في جوف الليل في أسافل الأسافير جوقة اصوات محشرجة تلعن جيشها وشعبها، وتتمنى هزيمتهما، فاعلم أنها خُشارم، وخَفْخَفة وهي أسماء صوت الضباع وأيضاً العرب تسمي صوت الضبع “الخَشْف”، وهو نفس اسم صوت الأفعى… فتأمل يا ملاسي! ومعلوم أن الضباع تصدر أصواتاً تشبه العويل والنباح وأحيانًا أصواتًا مضحكة. وإذا أردت التأكد من ذلك، فاستمع لصوت طربيق أو لطربقات جعفر حسن، وشيل الصبر وأنت تستمع للمستشار الأهبل داك الذي قال: “الشعب كله فلول!”
الضباع التي نقصدها هنا ضباع مستأجرة، تهيم في صحراء الخيانة ترعى غنم أحلام الجنجويدي الراعي والكفيل، وهي تصدر هذا الصوت كلما أحست بالفلس وبحاجتها لعلف يسكت جوعها المزمن. كلما احتاج الراعي وكفيله نباحها تركها نهبًا للمسغبة (الجوع بحسب ابن عربي لا يُعَوَّل عليه)، ومتى ما اطمأن على مواقفها جعلها تعتاش من فتات الندوات والورش. إذا حدث وسمعت أصوات تلك الضباع في الفضائيات بالليل، فلا تقلق، فهي تخدم سيدها وكفيلها،وليست ذات خطر وهى أصوات لا يُعَوَّل عليها، لا من الشعب ولا من الكفلاء، لأنها نائحة مستأجرة.
إذا سمعت مثقفًا يساريًا منافقًا يتشدق بالكلام عن حقوق الإنسان ولم تنتابك نوبة من الغثيان، فلابد أن تراجع إنسانيتك. أما إذا سمعته يدافع عن حقوق المثليين ويدعم نشاطهم، مثلما فعل الباقر غير العفيف، فلا تندهش. لماذا؟ لأن لجنة إزالة التمكين في سوداننا العجيب التي أنتجتها “الفورة” قد وهبت مقر جمعية القرآن الكريم للمثليين! نعم والله… يفعلون فيها أفاعليهم !!
اليسار الذي لا يعرف حقوق المستضعفين ولا الكادحين ويخادع الجماهير بشعارات حقوق الإنسان والديمقراطية ويدافع عن حقوق المثليين، تمامًا مثل يسار كامالا هاريس، فهذا يسار لا يُعَوَّل عليه.