رأي

من حوّل الدعم السريع الى المشروع الغربي العلماني؟

 

د. حسن محمد صالح

في حالة من التبسيط والتجهيل للعقل السوداني والوعي القومي يتحدث المستشار السابق لقائد مليشيا الدعم السريع يوسف عزت عن التحول الذي أحدثته الحركة الإسلامية بأن جعلت الحرب تستهدف المكونات القبلية في غرب السودان، وذلك بإرسالها كوادرها التي تلبّست الدعم السريع وجعلت الحرب تستهدف قبائل الرزيقات والمسيرية مما أدى لردة فعل من داخل الدعم السريع تجاه هذا الأمر .

يوسف عزت وغيره يصورون الحركة الإسلامية بأنها قادرة على كل شئ و تستطيع أن تفعل ما تريد وتتصرف في السودان والسودانيين كما شاءت وشاء لها الهوى السياسي والاجتماعي وحتى الاقتصادي .

ولكن من الأهمية بمكان أن ندرك أن أكثر مشروع أثّر على الدعم السريع وأورده موارد التهلكة هو المشروع اليساري الذي كان يقوده يوسف عزت نيابة عن آخرين، وبه اقنع قائد الدعم السريع مستخدما النفوذ الكبير لحميدتي كقائد للدعم السريع في تمرير المشروع اليساري العلماني بأذرع خارجية تتمثل في دولة الإمارات العربية المتحدة.

 

دولة الإمارات حربها ومشروعها الأساسي هو القضاء على الإسلاميين في السودان باستغلال عوامل تاريخية وجيو سياسية من بينها الموقف الرسمي المصري من الإخوان المسلمين وموقف اسرائيل والولايات المتحدة، من غير أن تنظر لكثير من التحولات السياسية و الايكولوجية التي احدثها الإسلاميون عبر تاريخهم الطويل في التعاطي مع اعدائهم و أصدقائهم في كوكب الأرض من شرقها الي غربها وقريبها وبعيدها .

– المشروع الاماراتي الخاص بمحاربة الإسلاميين في السودان تصطف معه تحالفات دولية وايدلوجية ومنظمات، لكنها تنظر إلى الوضع في السودان بصورة أشمل من اختصار المشكلة في الإسلاميين الذين سقطت حكومتهم على أيدي هذه القوى، ولا يزالون يمثلون التحدي الأكبر في نظر التيارات التي تعمل على السيطرة على السودان، ولم تعد المشكلة هي الإسلاميين أو الكيزان ولكن المشكلة هي الشعب السوداني الذي كان يأخذ على الحركة الإسلامية تقصيرها في تطبيق صحيح الإسلام والشريعة، وذلك من خلال تيارات سلفية وصوفية وأهلية وحديثة سودانية .

– جاء المشروع الذي كان يوسف عزت اللاعب الأساسي فيه و الذي بدأ الآن في الإنهيار خصما على مشروع يقوده جمعة دقلو بدعم من عبد الرحيم دقلو، وهو مشروع سياسي يتوسل بالتنمية وحاجة الناس للخدمات والبعض من من يبحث عن دور، ولكن سرعان ما قضت مجموعة يوسف عزت وحلفائها على هذا المشروع الذي كان يريد أن يرث الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني ويضم حزب الأمة، علما بأن جمعة دقلو هو من قيادات المؤتمر الوطني وعضو البرلمان ((المجلس الوطني)) وله علاقات اجتماعية وقبلية شرع في التواصل معها لاستمالتها من خلال لقاءات واجتماعات كان قائد ثاني الدعم السريع أكثر حضورا لها عندما كانت تعقد في مزارع ومنازل بالخرطوم خلال الأعوام التي سبقت الحرب .

– مجموعة يوسف عزت التي تضم شقيقته استخدمت بعضا من شباب الثورة وشاباتها وناشطين في قوى الحرية والتغيير، وكانت دولة الإمارات وسفيرها حمد الجنيدي قائمين على هذا الأمر، و أستطاعت الإمارات إبعاد حميدتي والدعم السريع من خلال دق الإسفين بين حميدتي والإسلاميين والقوى الشعبية والوطنية، بل أعلن حميدتي الحرب على كل من الوطنيين والإسلاميين في تصريحات مشهودة ورفضه لمبادرة الشيخ الطيب الجد بعد اكتمالها، وعمل على استمالة الحركات الدارفورية المسلحة عبر اتفاق سلام جوبا، وهو التيار الذي تشكّل على مراحل وشهد انشقاق الحرية والتغيير ما بين القوى الديمقراطية والمجلس المركزي، ومن ثم الإجراءات التي اتخذها القائد العام للقوات المسلحة في ٢٥ اكتوبر ٢٠٢١م .

ما ميز القوي العلمانية واليسارية وحلفائها في الخارج هو المثابرة على حالة التذبذب والتردد عند حميدتي، الي أن صار في صفهم في تحالف الدم والحرب والدوس والاستيلاء على السلطة عبر انقلاب ١٥ أبريل ٢٠٢٣م ثم الحرب .

-بالعودة للوراء يتضح للمهتمين والمتابعين لأمر الدعم السريع أن الدعم السريع هو عبارة عن مشروع أمني عسكري لحكومة الإنقاذ، ولكنه تحول الى مشروع سياسي بعد ثورة أبريل ٢٠١٩م، وأصبح أداة للتحكم والسيطرة على السودان ووقع إخراجه من جميع الأرحام التي تم خلقه فيها سواءا كان رحم الأمن أو الجيش أو الحركة الإسلامية، والدليل على ذلك حل هيئة العمليات بجهاز الأمن والمخابرات بقرار من رئيس المجلس السيادي وقائد الدعم السريع حميدتي.

وقد أدت حالة الفلتان والخروج عن الإمرة العسكرية والولاء التنظيمي أن يصبح الدعم السريع في سوق المضاربات السياسية والدولية، بدءا من الاتحاد الأوربي ودولة الإمارات العربية المتحدة الى المخابرات العالمية ولعبة المصالح التي تتوهم لأن تضر به الآخرين ولو لم تنتفع انت به.

 

نقلا عن موقع “أصداء سودانية”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى