الأحداث – وكالات
بعد يوم من بدء مفاوضات جنيف حول إيقاف إطلاق النار، والبحث عن ممرات آمنة لتوصيل المساعدات الإنسانية، والتي غاب عنها وفد
الجيش السوداني، أعلن مجلس السيادة السوداني عن فتح معبر أدري على الحدود مع تشاد لمدة ثلاثة أشهر لتوصيل المساعدات الإنسانية
بإشراف مفوضية العون الإنساني السودانية. وأضاف البيان الحكومي أن مفوضية العون الإنساني والجهة الحكومية المعنية ستشرف على الشؤون الإنسانية في السودان.
ورحبت الوساطة الدولية والإقليمية بالخطوة، مما يفتح السؤال حول أهمية المعبر والسيطرة عليه عسكرًيا؟ وهل هو المعبر الوحيد
الذي يربط بين ولايات دارفور ودولة تشاد؟ وهل هناك تفاوض غير مباشر بين قيادة الجيش؟
منذ بدء الدعوة من قبل الوساطة، كان من الواضح أن النهج الذي تتبعه قوات الدعم السريع والقوات المسلحة يختلف جذريا، وبحسب (مجلة أثر) فإن المشاورات مع الوساطة الأمريكية حذرت من فشل المفاوضات وعدم حدوث اختراق؛ فالوضوح هو تمسك الوساطة بوفد يمثل الجيش فيما يعمل الجيش على فرض حكومة بورتسودان.
يقع معبر أدري على الحدود التشادية السودانية التي تمتد حوالي 1400 كلم في اتجاه ولاية غرب دارفور على الحدود بين البلدين.
ويربط بين مدينة أدري التشادية وإقليم دارفور غرب السودان، ويبعد عن الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور 30 كلم.
أدري ليس المعبر الوحيد مع دولة تشاد، فهناك معبر الطينة في ولابة شمال دارفور إضافة إلى أم دخن التي تقع في نقطة حدودية ثالثة مع دولتين.
وتسيطر قوات الدعم السريع على معظم أقاليم دارفور باستثناء مدينة الفاشر آخر حاميات الجيش، ومناطق في وسط دارفور تقع تحت
سيطرة حركة تحرير السودان قيادة عبد الواحد محمد نور.
قبل إعلان فتحه، كان معبر أدري متاحا لحركة المواطنين الراجلة وعلى الدواب التي يستخدمها التجار لنقل البضائع. من الجانب التشادي
تتوقف حركة مركبات النقل عند نقطة سوق الدواني، ومن الجانب السوداني بسوق أكيوتو. والذي يسمح للمركبات التجارية بالمرور
ويمثل المعبر ممرا استراتيجيا للتجارة بين السودان وتشاد قبل الحرب. وتمر من خلاله الشاحنات المحملة بالمنتجات الزراعية والبضائع
المصنعة والماشية، ويكتسب أهمية خاصة لدى التجار في المنطقة. ويساعد موقعه الجغرافي في تسهيل العمليات اللوجستية. ويعد نقطة
ارتكاز المنظمات الإنسانية الدولية، وهو بذلك المعبر الوحيد الذي يربط إيصال المساعدات الإنسانية بإقليم غرب دارفور.
في يونيو 2023 بعد مقتل والي غرب دارفور خميس أبكر لجأ آلاف المواطنين بغرب دارفور إلى الجانب التشادي، وهو ما دفع العديد من المنظمات الدولية والإنسانية العاملة في تقديم المساعدات، إلى فتح معسكرات ومراكز إيواء للاجئين بدولة تشاد وأفريقيا الوسطى التي تشارك مع السودان حدودا تمتد لـ 174 كلم. وربما استبعدت من قبل الوساطة، بسبب وجود قواعد روسية بأفريقيا الوسطى.
وكان الجيش السوداني قد أغلق معبر أدري في فبراير الماضي بحجة استخدامه من قبل قوات الدعم السريع لإدخال السلاح والمواد اللوجستية، وهو ما صرح به سفير السودان لدى الأمم المتحدة في وقت سابق.
بدأت الأمم المتحدة وشركاؤها في استخدام معبر الطينة الحدودي إلى شمال دارفور، وذكرت تقارير عديدة أن الإمارات العربية المتحدة قد أرسلت مساعدات للاجئين السودانيين عبر عملية سرية لدعم قوات الدعم السريع بأسلحة من ضمنها طائرات دون طيار، كما تعمل على علاج المقاتلين المصابين، ونقل الحالات الأكثر خطورة جوا إلى أحد مستشفياتها العسكرية.
تسارع الخطوات والتصريحات يمكن قراءته في اتجاه تفاوض خفي بين الوساطة وقيادة الجيش.
كانت تصريحات قادة الجيش في أكثر من موقع ومناسبة، تؤكد سيادة السودان على أراضيه وشعبه. ورحبت منظمة الأغذية العالمية بفتح المعبر، وأعلنت البدء في تحميل قافلتين تحملان 6000 طن متري من المساعدات الغذائية لنحو
نصف مليون شخص، استعدادا للتوجه إلى المناطق التي تواجه خطر المجاعة بولايات شمال وغرب دارفور، ولكنها ما زالت في انتظار تلقي المراسلات الرسمية والموافقة الحكومية.
وحدة السرا الإداريه في سوق أكيوتو، هي الميناء البري للسودان مع تشاد، ومنها يتجه مباشرة لمدينة الجنينة حاضرة ولاية غرب دارفور. ومن الجنينة تتفرع منها إلى طريق ترابي، إلى 80 كيلو شمال غرب دارفور. كما يربط بين الجنينة والمدن الأخرى، خاصة مع إنهيار جسر موري الرابط بين ولاية غرب دارفور ووسطها بفعل السيول والفيضانات.
بلغت التوترات بين السودان وتشاد ذروتها في العام 2008، بأحداث في الجنينة.
وتبادلت الحكومتان الاتهامات وقتها.
وتبعا لمحاولات المصالحة المستمرة بين البلدين زار الرئيس التشادي الراحل إدريس ديبي في 10 فبراير 2010 الخرطوم لطيء صفحة التوترات بين البلدين، لتفعيل البروتوكول الخاص بإنشاء القوات المشتركة، والذي ينص على إنشاء قوة عسكرية مشتركة قوامها 3000 جندي و360 شرطيا بواقع 1500 جندي و180 شرطيا في كل
البلدين. تتقاسم القوات السودانية التشادية الانتشار في نحو 20 موقعا حدوديا بين البلدين. ويعمل أفراد هذه القوات جنبا إلى جنب، وجرى تشغيل القيادة تحت القيادة الدورية للجانبين.
وأعلنت الحكومة التشادية مع بداية المواجهات العسكرية بالخرطوم في 15 أبريل 2023، إغلاق حدودها مع السودان حتى إشعار آخر،
ولم يثبت على مصير البروتوكول الأمني بين البلدين. رغم تصريح وزارة الخارجية السودانية باستنكارها الهجوم الغادر حسب وصفها من مليشيا الدعم السريع المتمردة على مقر القوات المشتركة السودانية التشادية بالجنينة حاضرة ولاية غرب دارفور..
ووصف وزير الخارجية السوداني البروتوكول الأمني بين البلدين بأنه “أساسي” لتعاون البلدين، خاصة في ظل التوترات المتصاعدة في المنطقة.
وفي ختام هذا التطور، تأكد أن الاتفاقيات الموقعة بين الدولتين ما زالت تحتاج إلى مراجعة دقيقة، خاصة مع ازدياد التوترات في المنطقة وعدم وجود أي مؤشرات على حلول قريبة.