مجلس الأمن.. تفاصيل جلسة عاصفة بشأن السودان

عقد مجلس الأمن الدولي، الاثنين، جلسة بشأن تطورات الأوضاع في السودان، وقدم الأمين العام للأمم المتحدة تقريرا لمجلس الأمن بشأن الأزمة السودانية.
كابوس السودانيين:
وأكد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الإثنين، أن الظروف ليست ملائمة لنشر قوة تابعة للأمم المتحدة في السودان، وذلك وسط تنامي الدعوات المحلية والدولية بحماية المدنيين في السودان.
وقال غوتيريش، في تقرير قدمه لمجلس الأمن الدولي، إن شعب السودان يواجه كابوسًا من العنف والجوع والأمراض والنزوح وتنامي العنف العرقي، محذرًا من تداعيات الصراع على الاستقرار الإقليمي.
وأضاف غوتيريش أن المعاناة في السودان تزداد يوما بعد الآخر، وأشار إلى أن 25 مليون شخص يحتاجون المساعدة، قائلًا “شعب السودان يعيش في كابوس من العنف، فقد قُتل آلاف المدنيين ويواجه عدد لا يحصى فظائع لا يمكن وصفها، بما فيها الاغتصاب والاعتداء الجنسي على نطاق واسع”.
ولفت غوتيريش إلى “التقارير الصادمة” خلال الأيام الأخيرة عن أعمال القتل والعنف الجنسي الجماعية بولاية الجزيرة، وسط السودان.
وأشار إلى أن الشعب السوداني يواجه أيضًا كابوس الجوع، حيث يعاني أكثر من 750 ألف شخص من انعدام كارثي للأمن الغذائي مع ترسخ ظروف المجاعة في مواقع النزوح شمال دارفور فيما يكافح الملايين كل يوم لإطعام أنفسهم.
وقال “يواجه السودانيون أيضا كابوس الأمراض، إذ تنتشر بسرعة الكوليرا والملاريا وحمى الضنك والحصبة الألمانية. ويواجهون كابوس انهيار البنية التحتية، مع توقف عمل الأنظمة الصحية الحيوية وشبكات المواصلات وأنظمة المياه والصرف الصحي وخطوط الإمداد والإنتاج الزراعي”.
وأشار إلى أن السودان يشهد أكبر أزمة نزوح في العالم بعد أن أجبر أكثر من 11 مليون شخص على الفرار من ديارهم منذ اندلاع الصراع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في أبريل 2023، موضحًا أن هذا العدد يشمل ما يقرب من 3 ملايين شخص عبروا الحدود إلى الدول المجاورة.
ورأى أن السودان يصبح مرة أخرى بسرعة كابوسا للعنف العرقي، وخاصة التصعيد الكبير للقتال في الفاشر (دارفور).
وناشد الأمين العام الجانبين لإنهاء القتال والجلوس على طاولة المفاوضات، وقال “لكن بدلا من تخفيف التوترات، يقومان بتصعيد العمل العسكري. وفي نفس الوقت تعمل قوى خارجية على تأجيج النار”.
وحذر الأمين العام من الاحتمالات الخطيرة لأن يشعل الصراع، انعدام الاستقرار الإقليمي من الساحل إلى القرن الأفريقي والبحر الأحمر.
تقويض الاستقرار :
بالمقابل طالبت مندوب السودان الدائم لدى الأمم المتحدة السفير الحارث إدريس مجلس الأمن الدولي “نزع سلاح” مليشيا الدعم السريع بعد تحولها إلى مجموعات إرهابية تعتمد على المرتزقة الأجانب في تنفيذ مخطط تقويض الاستقرار وتمهيد “الأرضية لرعاة التدخل الدولي”، فضلاً عن مطالبته اعتبار مليشيا الدعم وروافعها من “المرتزقة الأجانب” مجموعات إرهابية تمارس نمطاً جديداً غير مسبوق من الإرهاب المتعالي عرقياً.
ودعا إلى تقديم العون لإنفاذ برنامج التسريح والدمج ونزع السلاح ودعم مشروع الجيش الوطني الموحد المنصوص عليه في الدستور، مع تقديم الدعم لإزالة الألغام التي زرعتها قوات الدعم لتمنع تقدم الجيش إلى مناطق تمركزها.
وشدد فى خطابه أمام جلسة مجلس الأمن الدولي، الاثنين، على إلغاء القرار “1591” الذي استنفد أغراضه لأنه يمنع توفير الحماية للمدنيين في دارفور، وأضاف: “وإن حماية المدنيين إذا كانت واحدة من مسؤوليات الدولة، فلا بد من إلغاء القرار”.
واعلن الحارث، رفض السودان “توسيع نطاق حظر السلاح”، موضحا أن القوات المسلحة مؤسسة وطنية مثل كافة الجيوش، مهمتها حماية السودان والحفاظ على سلامة أراضيه، ولا يمكن مساواتها مع مليشيا إرهابية.
ونوه إلى أن السودان يرزح تحت نظام غير عادل لحظر السلاح في إقليم دارفور، كما أن معاقبة القوات المسلحة بتهمة التسلح يعد مفارقة سياسية، لأن السلاح هو شغل الجيوش الشاغل، محذراً من “تعمد تقليص القدرات القتالية وحظر السلاح على الجيش”، موضحاً أنّ الخطوة تعد دعماً للمليشيات الإرهابية التي تتلقى أشد الأسلحة فتكاً عبر المعابر الحدودية.
وقال الحارث انّ مبدأ الملكية الوطنية لصنع وبناء السلام عبر الإرادة السياسية الوطنية المدنية والعسكرية وحماية المدنيين؛ تتطلب توفير دعم خاص لقطاع الشرطة السودانية لتتولى مهمة الحماية في المناطق الآمنة التي تستهدفها مليشيات الدعم السريع.
ولفت إلى أن الشرطة السودانية تمتلك خبرة كبيرة من مشاركتها السابقة في قوات حفظ السلام الدولية وتحتاج إلى المساهمة في إنفاذ القانون الدولي الإنساني خلال الحرب، ما يسهم في تسهيل وصول الإغاثة إلى مناطق الإيواء ويوفر حماية للفرق الإنسانية العاملة، وزاد: “ونطلب من الأمم المتحدة أن تولي ذلك أسبقية”.
وجدّد الحارث، استعداد السودان للتعاون مع الأمم المتحدة للتوصل إلى حل شامل وعادل لتحقيق السلام وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية وتفعيل مبدأ المحاسبة وعدم الإفلات من العقاب ضمن إطار أجهزة قضائية مستقلة وراغبة في إنصاف الضحايا.
أسلحة متطورة:
وكشف مندوب السودان الدائم بالأمم المتحدة أن (30) شاحنة مرّت بمعبر أدري الحدودي بين السودان وتشاد على متنها “أسلحة متطورة ومضادات للطائرات وذخائر ومدافع”، وان شاحنات الإغاثة تدخل الجنينة محروسة من المليشيا.
وقال الحارث إنّه: “لوحظ دخول آلاف من المرتزقة من أفريقيا والساحل عبر معبر أدري إلى مناطق هبيلة وفوربرنقا بولاية غرب دارفور”، موضحاً ان السودان أبدى مرونة كبيرة حيال الضوابط التشغيلية لمعبر أدري بالحصول على الإخطار بتفاصيل المساعدات العابرة والإفادة بتقارير مرجعية بعد نهاية كل مرحلة.
ولفت الحارث إن توصيل المساعدات الإنسانية عبر المعبر يتم بدون معرفة الجهات التي تقدم المساعدات ولا كمياتها ووجهتها والجهة التي تقوم بالاستلام في نقطة النهاية.
وقال إنّ المفوضية الإنسانية، طلبت من الأمم المتحدة تشكيل آلية تشترك فيها مع السودان ودولة تشاد، لمراقبة المساعدات التي يتم إدخالها بدون معرفة نوعها وطرق توزيعها، مضيفاً أنّ الحكومة تخلت عن مراقبة “البوابات الإلكترونية”، وسهّلت الدخول عبر “ملء استمارات مختصرة”.
وأضاف: “على الرغم من ذلك تريد المنظمات الدخول والخروج بدون أي رقابة حكومية وتضيق ذرعاً بأي تدابير إشرافية مؤقتة. كما أن بعض الموظفين الأمميين ارتكبوا مخالفات تمت إحاطة المنسق المقيم بتفاصيلها”.
ونوه مندوب السودان إلى ان الأمم المتحدة تحتاج للارتباط مع مفوضية العون الإنساني لإجراء مراجعة لفترة الأشهر الثلاثة واعتبار المخاطر الأمنية المرتبطة بها، لافتاً إلى أن الحكومة تتعامل ومنذ 15 أبريل 2023 مع المنظمات الإنسانية المُدرجة بالسجل الاتحادي والولائي بمفوضية العون الإنساني ويبلغ عددها (19) ألف منظمة، منها 3200 منظمة وطنية عاملة و(120) منظمة أجنبية، منها (81) منظمة ناشطة من (19) دولة منشأ و(13) وكالة أممية عاملة في مجال الحقل الإنساني.
وأشار إلى أن الفجوة بين واردات المساعدات الإنسانية واحتياجات الاستجابة الإنسانية بلغت في مختلف القطاعات نحو 82%، مما أدى إلى خروج حوالي 16.3 مليون شخص من دائرة التغطية الإنسانية متعددة القطاعات، حيث أجبرت مليشيا الدعم السريع نحو “6” ملايين من المدنيين إلى النزوح القسري بقوة السلاح بمعدل 78% منهم القطاعات الهشة كالنساء والأطفال.
ونوه الحارث إلى أن أغلب المواطنين في دارفور إما هم نازحون في ولايات أخرى آمنة أو لاجئون في بعض دول الجوار مع تردي أحوال اللاجئين في تشاد أو عدم تلقيهم مساعدات بدون معرفة دواعي ذلك.
ودعا الحارث إلى عدم استخدام المساعدات الإنسانية للأغراض الاقتصادية أو السياسية أو العسكرية، وعدم استهداف الإمدادات والمساعدات الإنسانية ووسائل نقلها والعاملين في الحقل الإنساني وضرورة حمايتهم وفقاً للمبدأ (26) من المبادئ التوجيهية الأممية بشأن النزوح، فضلاً عن تقديم المساعدات دون تمييز على أساس “العنصر، النوع، العرق أو الانتماء السياسي والمعتقد الديني”.
وقال السفير الحارث، ان مفوضية العون الإنساني منحت خلال شهر سبتمبر “105” تأشيرات دخول للعاملين بعدد من المنظمات الأجنبية الطوعية، ومنحت وزارة الخارجية 42 تأشيرة لموظفي وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، فضلاً عن منح “134” إذناً بالتحرك لعدد من المنظمات الطوعية إلى مختلف ولايات السودان.
Exit mobile version