رأي

مجاناً .. أسوأ!

 

إبراهيم عثمان 

*في مرافعته عن العدوان الإماراتي طرح عبد الله حمدوك سبعة دفوع.. لسنا بصدد مناقشة معقوليتها. بل بصدد سؤال أشد مرارة: أيهما أشد خيانةً: الدفاع عن المعتدي بمقابل، أم مجاناً؟.*

الإجابة المنطقية هي: كلا الخيارين سيء، لكن الدفاع المجاني أسوأ:

١. الخيانة كقناعة لا كصفقة: المدافع المجاني يشرعن العدوان، ويقنع المعتدي بأنه محسن، وبأن عدوانه مبرر، وأن الناس يقدرونه بقناعة تامة، ولا يحتاجون إلى رشوة! بينما المدافع بمقابل يظل مكروهاً حتى من قبل المعتدي نفسه، لأنه يعلم أنه “قابل للبيع مجدداً”، أما المجاني فهو “حليف عضوي” دائم، لا يحتاج المعتدي إلى رشوته، لكن يحتاج الوطن إلى إيداعه، مع زميله المدفوع، في أقرب مصح أخلاقي!

٢. الاستسلام الاستراتيجي: الدفاع المجاني يشير إلى تأييد حقيقي ومطلق ومستمر للعدوان، يفتح الباب على مصراعيه أمام كل مخططات المعتدي، ويفتح أمامه باب الظن بأن من خلف الموالين المجانيين يوجد موالون بمقابل. فالدفاع بمقابل محدود بمن يستفيد مادياً، أما المجاني فيوحي بقاعدة قبول أوسع!

٣. الاستلاب الأيديولوجي: المدافع المجاني لا يدافع فقط عن المعتدي في مواجهة الوطن، بل ويؤمن به، ويراه مخلصاً ومصدر إلهام، ومؤهلاً لجائزة نوبل في الاحتلال الرحيم!

٤. الخيانة كمرض أخلاقي مزمن غير قابل للشفاء: الدفاع عن المعتدي بلا مقابل أكثر صعوبة في فهمه أو محاربته، لأنه يتجاوز الفساد المادي إلى فساد في الروح والمعتقدات. وهذا يجعل الضرر أكثر ديمومة وخطورة، واستعصاءً أمام المعالجة، لأنه خيانة بقناعة!

٥. المدافع المجاني كعدو داخلي دائم: المدافع المجاني يمثل حالة انفصام عن المجتمع والهوية، ويكون في الغالب داعية للخيانة لا مجرد منفذ، ليس مجرد خائن، بل مدير أكاديمية الخيانة الوطنية!

٦. التطبيع المستقبلي: الدفاع المجاني، وبحجج شديدة الضعف، يرسي سابقة تُستخدَم لاحقاً لتبرير أي عدوان أجنبي، فالخيانة المدفوعة تظل خيانة خام يعرف طرفاها أنها خيانة، أما المجانية فتتغطى “بأهداف نبيلة” لتصبح سابقة قانونية وأخلاقية يهديها السلف “المتعفف” للخلف!

 

الخلاصة:

* الخائن المأجور يبيع وطنه مرة واحدة، أما الخائن المجاني فيبيعه كل يوم، بكل كلامه، بكل صمته، بكل وجوده والفرق بينهما كالفرق بين قاتل مأجور وقاتل متسلسل.الأول مجرم، والثاني مريض!

* تاريخياً كان المستعمرون يفضلون “المتعاونين المقتنعين” عن “المرتزقة”، لأن الأوائل يضمنون استمرار الهيمنة حتى بعد رحيل الجيوش!

* بالدفاع عن المعتدي بمقابل يُباع الوطن في السوق! وبالدفاع عنه بلا مقابل يُرمَى الوطن في القمامة!

* هل باع حمدوك الوطن في السوق؟ أم رماه في القمامة؟ .. بما أنه يدافع عن الإمارات، ويدافع عن نفسه، ولم ولن يعترف باستلام رشوة، فإنه بدفاعه هذا: إما يرمي الوطن في القمامة إذا صدق، أو يجمع بين بيعه في السوق والكذب!

تباً للزيف ..

تباً للعالف والمعلوف!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى