الأحداث – عبدالباسط ادريس
كشفت تقارير صحفية، مقربة من دوائر القرار في الولايات المتحدة، عن اعتزام إدارة بايدن إطلاق مبادرة جديدة لوقف الحرب في السودان من خلال مفاوضات مباشرة مخطط إطلاقها منتصف أغسطس، المبادرة الأمريكية الجديدة تطرح سؤالاً مفاده هل يصبح وقف الحرب في السودان قريب المنال.
التفاصيل الكاملة:
وكشفت مجلة فورين بوليسي الأمريكية عن مبادرة أمريكية جديدة لوقف الحرب وإحلال السلام في السودان، وقالت المجلة الأمريكية إن إدارة الرئيس جو بايدن ستطلق مبادرة جديدة لإنهاء حرب السودان بعد أشهر من المفاوضات “خلف الكواليس”.
وأشارت إلى أن سويسرا والمملكة العربية السعودية ستستضيفان المحادثات رفيعة المستوى الشهر المقبل.
ووفقاً لفورين بوليسي سيتم دعوة قوى ومؤسسات إقليمية أخرى لها مصالح في الصراع، بما في ذلك الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ومصر والإمارات لمراقبة المباحثات المقرر لها منتصف أغسطس المقبل.
وكشفت عن أن المبعوث الأمريكي الخاص للسودان توم بيرييلو سيطلع الكونغرس الأسبوع الجاري بخطط المفاوضات، كما سيشارك بيرييلو في إقناع كبار المفاوضين من كلا جانبي الصراع بحضور المحادثات.
ونوهت إلى أن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين وسفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد سيفتتحا المباحثات ويترأسا المحادثات المرتقبة، حال موافقة الأطراف.
وأوردت فورين بوليسي هذه المعلومات نقلاً عن خمسة مسؤولين حاليين وسابقين مطلعين على الأمر.
تفسير الخطوة :
ثمة سؤال وربما أسئلة أخرى حول دوافع إدارة بايدن العمل على ملف السودان بعد أكثر من عام على الحرب، فهل الخطوة لتحقيق إنجاز سريع يحسب لصالح الديمقراطيين بما يحسن وضعهم الانتخابي الحرج في أميركا؟ أم أن واشنطن تخطط لإطلاق منبر جديد؟.
من جانبها تقول المحلل السياسي د. بدور عبدالله ل(الأحداث) “من الواضح أن اميركا تخطط بالفعل لإطلاق منبر تفاوضي جديد ترغب في أن يؤسس لتفاهمات جديدة بخلاف التي توصل إليها منبر جدة وإن احتضنت أي محادثات مقبلة، وأشارت إلى أن أميركا ومعها السعودية، فشلت ولعام كامل خلال الحرب في إقناع مليشيا الدعم السريع بتنفيذ اتفاق جدة، ولم تأخذ مطالب الجيش السوداني وإصرار السلطات السودانية على تنفيذ هذه الاتفاقيات لتعطي ضمانات كافية تعزز التزام الدعم السريع بأي اتفاقيات مقبلة.
فصل مسارات :
وبناء على تفاصيل المبادرة الامريكية يبدو أن خطتها تعتمد على توزيع المسارات وتقسيم الادوار، ويبدو أنها ستتولى إلى جانب السعودية المفاوضات المتعلقة بالشق العسكري، فالولايات المتحدة لديها بالأساس تصور جاهز عملت عليه مؤسساتها لقضية الإصلاح الأمني والعسكري وتكوين جيش وطني سوداني واحد يدمج أو يزيل الدعم السريع عن الواجهة، وقد كشفت عن هذه التوجهات السياسات التي قام بتصميمها مركز أفريقيا للدراسات حول قوات مسلحة خاضعة للسلطة المدنية وكيفية ترسيخ قناعة مصلحة هذه القوات في وجود سلطة مدنية وإقناع قادة الجيش السوداني بذلك وقد شاركت في هذه الأجندة لوكا بيونق، وهذا يعني أن المحادثات الجديدة تستمد بالأساس لخطة أمريكية معدة مسبقاً ومتجاوزة لمسألة وقف إطلاق النار بين الجيش والدعم السريع وهذا ربما يفسر أيضاً فشل أو إفشال كل المحاولات الإقليمية والدولية لإطلاق محادثات سلام جديدة بين الجيش والدعم السريع وحمل جميع الأطراف للإقرار بشكل مستمر بالتمسك بمنبر جدة.
أما المسار الثاني في الخطة الأمريكية يقوم على فصل المسار الإنساني وإسناد تبعيته للأمم المتحدة وهو مسار مصمم بالأساس كورقة ضغط على الطرفين، فعدم التنازل أو التقيد بمسائل المساعدات والسماح لوكالات الإغاثة بالدخول وتسهيل مهامها سيضاعف العقوبات الدولية على قوات حميدتي وعلى السلطات السودانية، هذا المسار ستقوده الأمم المتحدة في جنيف، وقد ألمح لذلك مبعوث الأمين العام الخاص رمطان لعمامرة حين أعرب عن ارتياحه لنتائج محادثات جنيف الأولى لكنه أشار إلى أن العملية ستكون طويلة ومعقدة.
أما المسار الثالث هو المسار السياسي الذي أوكل إلى مصر وربما بمشاركة الإمارات، هذا المسار قد يتجاوز التوافق السياسي حول إيجاد سلطة مدنية ليعمل على مدى أبعد عن ذلك من خلال التحضير لمستقبل الحكم في السودان عبر الترتيب لعملية انتخابية تكون نتائجها معززة لخطط الانتقال المتحكم فيه ومتوافقة مع الترتيبات الأمريكية ورؤيتها لسودان ما بعد النزاع، وفي الواقع لن تتمكن السلطة الانتقالية الحالية بقيادة الفريق أول البرهان من تشكيل حكومة أو تعيين رئيس وزراء غير مرضي عنه من قبل أميركا وحلفائها في المنطقة، لأن رئيس الوزراء الجديد وحكومته سيواجهون العراقيل وربما عدم الاعتراف.
مصير الدعم :
رئيس حزب الأمة مبارك الفاضل قال في إفادات سابقة إن حميدتي سيخرج من كل هذا صفر اليدين لأن أميركا والدول الغربية لديهم تصور لوضعية الدعم السريع تقوم على إزالة الطابع القبلي عن قياداته وتتبيعه عبر إجراءات لرئاسة أركان الجيش.
بدوره يتفق المحلل العسكري النور معلا مع ما قال به مبارك المهدي، ويقول ل(الأحداث) إن الدعم السريع لامستقبل له في ظل أي مبادرة دولية جادة لوقف الحرب لأن الجيش والشعب لن يقبلا عودة الدعم السريع للمشهد العسكري، مؤكداً أن الجيش لن يقدم على هذه الخطوة، مستدلاً بحديث الفريق أول ركن ياسر العطا من أن أي مفاوضات تبقي على هذه المليشيا هي تأجيل لحرب أخرى.
لكن معلا يستبعد أن تنجح إدارة بايدن في ذلك لضيق الوقت وتعقيدات أوضاع الديمقراطيين، داعياً مجلس السيادة بقيادة البرهان لعدم التجاوب مع الحزب الديمقراطي الأمريكي ممثلاً في إدارة بايدن لأنها سبب رئيسي في إشعال هذه الحرب، ويضيف معلا أنه يجب التذكير أن الطريقة العبثية التي حاولت بها إدارة بايدن إعداد وفرض الاتفاق الإطاري هي التي قادت لهذه الكارثة، ومع ذلك يعرب معلا عن أمنياته بأن يكون وقف الحرب في السودان بمعالجة أسبابها بطريقة صحيحة أمر قريب المنال.