عقب اتصال البرهان وبن زايد .. الأزمة السودانية.. متغيرات مرتقبة في المشهد

الأحداث: عبدالباسط إدريس

متغيرات كثيرة ربما نشهدها على صعيد الحرب الدائرة في السودان حالياً على خلفية اتصال هاتفي جرى، الخميس، بين رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان ورئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد، ويعد الاتصال الهاتفي بين البرهان ومحمد بن زايد هو أول تواصل بين قيادة البلدين منذ اندلاع الحرب في 15 أبريل من العام الماضي، القطيعة بين البلدين سببها دعم الإمارات ومساندتها لمليشيا الدعم السريع في الحرب.. فكيف اكتملت هذه الخطوة؟.

تفاصيل ماحدث:
وقال مجلس السيادة السوداني في تعميم صحفى إن رئيس المجلس القائد العام للجيش الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان تلقى اتصالاً هاتفياً من رئيس دولة الإمارات محمد بن زايد، ومن خلال المكالمة أوضح محمد بن زايد رغبتهم في المساعدة على وقف الحرب الدائرة في السودان.
فيما أبلغه رئيس مجلس السيادة أن دولة الإمارات متهمة من السودانيين وبأدلة وشواهد كثيرة تثبت دعم الإمارات للمتمردين، ودعمها لمن يقتل السودانيين ويدمر بلدهم ويشردهم، وعلى الإمارات التوقف عن ذلك.

بالمقابل قالت وكالة الأنباء الإماراتية إن رئيس الدولة، محمد بن زايد، تلقى، اتصالاً هاتفياً من الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الانتقالي في جمهورية السودان الشقيقة.
وأوضحت الوكالة أن بن زايد بحث مع البرهان خلال الاتصال العلاقات بين البلدين الشقيقين وشعبيهما، إضافة إلى تطورات الأوضاع على الساحة السودانية وسبل دعم السودان للخروج من الأزمة التي يمر بها.
وأكد بن زايد في هذا السياق حرص دولة الإمارات على دعم جميع الحلول والمبادرات الرامية إلى وقف التصعيد وإنهاء الأزمة في السودان الشقيق بما يسهم في تعزيز استقراره وأمنه ويحقق تطلعات شعبه إلى التنمية والرخاء.
وشدد على ضرورة تغليب صوت الحكمة والحوار السلمي وإعلاء مصالح السودان العليا والحفاظ على أمنه واستقراره.
كما أعرب عن التزام دولة الإمارات بمواصلة دعمها للجهود الإنسانية لرفع معاناة الشعب السوداني الشقيق.

ماوراء الاتصال :
كشف الكاتب الصحفى د. مزمل أبو القاسم، تفاصيل المكالمة الهاتفية بين البرهان وبن زايد، موضحاً أن رئيس وزراء أثيوبيا آبي أحمد قد زار السودان لقضيتين الأولى تتصل بالعلاقات الثنائية والثانية مبادرة لحل الخلاف بين السودان والإمارات، وأضاف أبو القاسم أن آبي أحمد قبل وصوله إلى بورتسودان طلب أن يجتمع إلى البرهان في لقاء منفرد، منوهاً إلى أنه وبعد استقبال آبي أحمد وقيادة البرهان لسيارة تقلهما معاً، نقل آبي أحمد رغبة رئيس الإمارات محمد بن زايد التحدث مباشرة للبرهان، وأشار إلى أن البرهان وافق بعدة شروط أبرزها أن تكف الإمارات عن دعم مليشيا حميدتي.

توقيت ذكي:
تأتي المكالمة في توقيت مفصلي بعد أن وصلت العلاقات بين الخرطوم وأبوظبي إلى المستوى صفر، ويبدو أن البرهان عمد على اختيار توقيت مناسب لإجراء هذه المكالمة التي تزامنت مع اليوم الثامن عشر من شهر بوليو الجاري وهو يوم تاريخي بالنسبة لدولة الإمارات حيث شهد العام 1971 توقيع مؤسس الدولة الشيخ الراحل زايد بن سلطان آل نهيان والحكام على وثيقة “الاتحاد” التي اعتمد بموجبها دستور واسم البلاد، وأفادت وكالة الأنباء الإماراتية أن رئيس الدولة محمد بن زايد قد وجه بأن يكون هذا اليوم من كل عام هو يوم عيد الإمارات، وبالتالي يريد البرهان بتزامن المكالمة في اليوم للإشارة إلى كيف أن السودان قد شكل محطة مهمة في مسار تنمية وتطوير وازدهار الإمارات عبر علاقات أخوية ودبلوماسية راسخة وضع أساسها المتين زايد الأب والرئيس الراحل جعفر نميري قبل أن تعصف بها رياح السياسة والخيارات الآحادية الهوجاء التي أنتجت واقعاً سودانياً مأزوماً، بفعل الدعم الإماراتي المثبت عبر كافة التقارير الدولية والإعلامية لمليشيا المتمرد حميدتي الذي يشن حرباً غير مسبوقة على الدولة السودانية بالإنابة عن آخرين.

حل خلافات:
من زاوية أخرى يبدو أن البرهان قد اعتمد على نصائح روسيا التي أبدت رغبتها التوسط بين بورتسودان وأبوظبي لحل الخلافات بينهما كخطوة أساسية لإنهاء الحرب بالتحدث مع الداعمين الأساسيين لمليشيا حميدتي، ومن زاوية أخرى لا تبدو خطوة البرهان بعيدة عن طبيعة عمل المخابرات التي تنشط عادة فيما يصفه خبراء الأمن “التحرك في المنطقة الرمادية” حين تتقاصر الخطى العسكرية والدبلوماسية في الدفع بدينماكية الأحداث بعيداً عن الأهداف الاستراتيجية التي تعني هنا عدم السماح بخروج الأوضاع عن السيطرة أو محاولة إعادة الأوضاع إلى بوصلتها على نحو لا يخل باستراتيجية كسب الحرب وهو ما يعني أن البرهان قد تحدث مع بن زايد من منطق قوة وأرضية صلبة دون إغفال حقائق جلية وواقعية، وبإجراء عملية دقيقة لحصاد الحقل تمكن الجيش السوداني مدعوماً بشعبه من إحباط مؤامرة إقليمية ودولية عبر إجهاض المحاولة الإنقلابية لحميدتي التي توفرت لها كل عوامل النجاح والإفناء الكامل للجيش وتبخرت أحلام داعميه بعد أن تيقنوا من أن خطة الاستيلاء على البلاد قد أصبحت هباءا منثورا، ولكنه في ذات الوقت ينظر لتحويل المعركة التي حسمت لصالح الجيش في شهرها الأول لخطة بديلة عبر حرب الوكالة وتحشيد المرتزقة والخسائر الوخيمة التي تكبدها الوطن.

الخطوة القادمة :
يقول المحلل السياسي منتصر عبدالجليل ل(الأحداث) إن الحديث المتبادل بين الزعيمين نتيجة طبيعية لتصفية الخلافات بين البلدين، ويعتقد عبدالجليل أن الخطوة المقبلة ستكون لصالح استعادة العلاقات بشكل كامل عبر لقاءات القمة والمباحثات الوزارية الثنائية، ولا يستبعد أن تكون هذه الخطوة قد سبقتها خطوات لكنه يرى على أية حال أنها ماكانت لتحدث لولا أن البرهان قد تلقى تعهدات مؤكدة باتجاه الإمارات وقف دعمها الدبلوماسي والعسكري للدعم السريع وقياداته.

نتائج متوقعة :
بالمقابل يقول الخبير العسكري اللواء معاش محمد إبراهيم ل(الأحداث) إنه سيكون للاتصال بين الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان مع الرئيس الإماراتي محمد بن زايد أثر كبير على الساحتين العسكرية والسياسية، واعتبر أن الخطوة بمثابة انتصار عسكري ودبلوماسي لا يجب التقليل منه، ويعتقد إبراهيم أن السودان أجبر الإمارات على كف يدها عن دعم التمرد، متوقعاً أن يقود ذلك للوصول سريعاً لوقف إطلاق النار وإنهاء ثنائية القوات المسلحة والتوصل لاتفاق حول القضايا الإنسانية وخروج المرتزقة من السودان وعودة المهجرين إلى مدنهم وديارهم.

Exit mobile version