تقرير موسع حول البيان المشترك لإنهاء حصار الفاشر وضرورة الإسقاط الجوي للمساعدات

مقدمة

أصدرت أكثر من ثمانين منظمة سودانية ودولية، من بينها منظمة عديلة للثقافة، منصة دارفور، منظمة صيحة، منظمة سابا، ومركز فكرة للدراسات والتنمية، بيانًا مشتركًا يطالب المجتمع الدولي بإنهاء الحصار الخانق الذي تفرضه مليشيا الدعم السريع على مدينة الفاشر في شمال دارفور، والمدن المحاصرة الأخرى مثل الدلنج وكادوقلي. البيان المشترك الذي حمل عنوان “نداء عاجل من أجل الفاشر والإسقاط الجوي للمساعدات”، أطلق جرس إنذار إنساني عاجل محذرًا من أن استمرار هذا الوضع قد يقود إلى كارثة إنسانية غير مسبوقة .
الوضع الإنساني في الفاشر

منذ أبريل 2024، تخضع مدينة الفاشر لحصار مشدد فرضته قوات الدعم السريع، ما أدى إلى قطع الإمدادات الغذائية والطبية والخدمات الأساسية عن نحو 260 ألف مدني محاصر. تقارير الأمم المتحدة تشير إلى أن أكثر من 40% من الأطفال يعانون من سوء التغذية، فيما يواجه 11% منهم سوء تغذية حاد يهدد حياتهم مباشرة. ومع تدهور الأوضاع، تعطلت جميع المرافق الصحية تقريبًا وانتشرت الأوبئة، بينما فشلت كل محاولات إدخال المساعدات عبر الطرق البرية بسبب الهجمات المتكررة على القوافل الإنسانية .
ويؤكد البيان أن التجويع لم يعد نتيجة ثانوية للحرب، بل أصبح سياسة ممنهجة تستخدمها قوات الدعم السريع كسلاح حرب، الأمر الذي يرقى إلى مستوى جرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية بموجب القانون الدولي الإنساني.
المطالب الأساسية للبيان

أبرز ما جاء في البيان هو دعوة عاجلة إلى:
1.إنهاء حصار مدينة الفاشر فورًا وفتح الممرات الإنسانية دون قيد أو شرط.
2.تنفيذ جسر جوي للإغاثة باعتباره الخيار العملي الوحيد المتبقي لإنقاذ الأرواح، بعد فشل المحاولات البرية المتكررة.
3.توفير الدعم السياسي والمالي واللوجستي من قبل الأمم المتحدة، الاتحاد الإفريقي، والدول المجاورة (تشاد، جنوب السودان، مصر)، لإنشاء مراكز لوجستية تسهّل عمليات الإسقاط الجوي.
4.الضغط السياسي على الأطراف المتحاربة لوقف استخدام الحصار والتجويع كسلاح حرب، ومحاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات.
البيان شدد أيضًا على أن أي تهديد أو هجوم على الطائرات الإنسانية يجب اعتباره عملاً عدائياً ضد المجتمع الدولي بأسره .
سوابق وتجارب ناجحة للإسقاط الجوي
استشهد البيان بعدة أمثلة تاريخية وحالية أثبتت فعالية الإسقاط الجوي في إنقاذ المدنيين المحاصرين:
•عملية شريان الحياة للسودان (Sudan LifeLine) بين 1989 و2005، التي أوصلت الغذاء والدواء إلى ملايين المدنيين في جنوب السودان وجبال النوبة.
•عمليات الإسقاط الجوي في جبال النوبة عام 2024 والتي استمرت لأشهر عبر منظمة Samaritan’s Purse.
•إسقاط جوي نفذته وزارة الصحة السودانية في يونيو 2024 للفاشر، حيث أوصلت شحنة تضمنت 20 طنًا من الأدوية والمستلزمات الطبية الحيوية .
تلك السوابق تدحض حجج المترددين وتؤكد أن الإسقاط الجوي ليس فقط ممكنًا، بل هو التزام قانوني وإنساني يجب تنفيذه بشكل عاجل.
أبعاد قانونية وأخلاقية

البيان ربط بين الحصار المفروض على الفاشر والجرائم الموصوفة في اتفاقية منع ومعاقبة جريمة الإبادة الجماعية الصادرة عن الأمم المتحدة. وأكد أن الاستمرار في الصمت الدولي لا يعد فشلًا فحسب، بل يمثل تواطؤًا في جريمة مستمرة. كما شدد على أن استخدام التجويع كسلاح حرب يجب أن يواجَه برد حاسم، وأن التقاعس عن التدخل الفوري يمثل وصمة عار في جبين المجتمع الدولي .
قائمة الموقعين
البيان حظي بتأييد واسع من 84 منظمة سودانية ودولية، من بينها:
•منظمة عديلة للثقافة والفنون.
•منصة دارفور المدنية.
•منظمة صيحة (SIHA Network).
•منظمة سابا (Sudanese American Physician Association).
•مركز فكرة للدراسات والتنمية.
•رابطة محامي دارفور.
•التحالف النسوي “سلمية”.
•مبادرة أنقذوا السودان.
بالإضافة إلى عشرات المنظمات الأخرى التي تنشط في مجالات حقوق الإنسان، الإعلام، الإغاثة، وتمكين المرأة، فضلًا عن شخصيات مستقلة مثل المخرجة السينمائية إكرام حمد فضل الله والناشطة الحقوقية رزان محمد سليمان .
خاتمة: كفى كلامًا.. أنقذوا الأرواح

اختتم البيان بلغة حادة وصريحة، قائلاً:
“لقد قيل الكثير، وأُعلن الكثير، لكن الكارثة تتحدث عن نفسها. لا مزيد من الكلام، فقد آن أوان الفعل. إنقاذ الأرواح في الفاشر واجب إنساني وأخلاقي لا يحتمل التأجيل ولا الخضوع للحسابات الضيقة.”
المنظمات الموقعة أعلنت أن باب التوقيع على هذا النداء سيظل مفتوحًا لكل الأفراد والمؤسسات التي تشاركها المطالبة بكسر الحصار وضمان إيصال المساعدات الإنسانية بشكل عاجل ومستدام في جميع أنحاء السودان .

Exit mobile version