الليبرالية الحديثة.. الوجه الأحلك ظلامًا للامبريالية ودورها في الحرب الكارثية في السودان

أمير الزين نورالدائم – الولايات المتحدة الأمريكيةً

(١)

لعل اللبرالية الحديثة „ Neoliberalism “ كمصطلح سياسي حديث نسبيا ما زال غامضا لدى بعض الناس ، كما ان البعض الآخر يخلط بينه و بين مصطلح اللبرالية الجديدة ” New Liberalism “ و التي هي على العكس تماما ، اذ تعني نوع من اللبرالية الاجتماعية ذات ميول اشتراكية تهتم بالعدالة الاجتماعية ‘ وعلى كل يمكن وصف اللبرالية الحديثة في كلمات معدودة بانها الأيديولوجيا الإمبريالية الجديدة التي صاغتها الراسمالية ، و المرتدة على دولة الرعاية الاجتماعية، والداعية لتحكّم آليات السوق في مصائر البشر وفرْض إرادة الاقتصاد على المجتمع. ولكن كيف نشأت وكيف تطورت و ماهي علاقتها بتراجع التنمية والخدمات الاساسية و مساندة الانظمة الديكتاتورية و خلق النزاعات الدموية في البلاد الفقيرة عموما و السودان خصوصا هي الاسئلة التي سوف يحاول هذا المقال الاجابة عليها بتبسط و إيجاز .
من المعلوم ان النظآم الرأسمالي القائم على المفاهيم اللبرالية مر و يمر بصدمات عنيفه و ازمات حقيقية سوف تؤدي بصورة حتمية لزواله وذلك نتيجة التناقضات الجوهرية التي يحملها في احشائه، و لقد رصد الاكاديمي و البرفيسور السابق في جامعة نيويورك ديفيد هارفي سبعة عشر منها في كتابه الشهير ( Seventeen Contradictions And The End Of Capitalism) و الذي نُشر عام ٢٠١٤ . من المعلوم ايضا ان الولايات المتحدة الأمريكية ، عقب ازمة الكساد الكبير عام ١٩٢٩ ، و التي حدثت نتيجة انهيار سوق الأوراق المالية الامريكية، كما يعتقد، و التي تأثرت بها كل الدول ، اضطرت لامتصاص الازمة بالتخلي عن بعض مفاهيم اللبرالية الكلاسيكية التي تشدد على مبدأ السوق الحر و عدم تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي ، و تبنت مفاهيم اللبرالية الجديدة الداعية للحد من سلطة الاحتكار بشكل معتدل و تتابعي ، و تحمل جانب كبير من الخدمات العامة كالصحة و التعليم و خلافه ، وتطوير نظام للضمان الاجتماعي ، و تطبيق التخطيط المركزي ، و التدخل عند حدوث خلل ما في ميكانيكية السوق ، كما تبنى الرئيس روزفلت، خاصة بعد عام ١٩٣٧، بعض جوانب الاقتصاد الكينزي ، و كل هذه التدابير ادت لانتعاش الاقتصاد و تجاوز الازمة إلى حين.

Exit mobile version