رأي

السودان والخروج من النفق (3-3): سياسات الاستثمار والقطاع الخاص والسياسات المساندة

 

بروفيسور أحمد مجذوب أحمد

*سياسات الاستثمار:*

بما أن حصة الحكومة فى الناتج المحلى لم تبلغ بعد 15‎%‎، وأن القطاع الخاص يستحوذ على ما لا يقل عن ‎%‎85 من الناتج المحلي، فهذا يعني ويؤكد أهمية السياسات ذات الصلة المباشرة بالقطاع الخاص، خاصة فيما يلي الاستثما فهو أحد بل و أهم روافع الاقتصاد السوداني ، مما يعنى أنه لا سبيل لتحقيق النهضة المرتجاة إلا بزيادة وتوسيع الاستثمار الداخلي والخارجي ،وذلك يستلزم سياسات استثمارية جاذبة للاستثمار الداخلي و الخارجي ، نشير إلى أهمها فيما يلي:

 

1. مراجعة وتحسين مؤشرات أداء الأعمال، من بداية التقديم للمشروع الاستثماري حتى مرحلة التشغيل بل وحتى مرحلة التصفية أو التنازل أو أي تصرف قانوني فيه، وهذا يشمل مراجعة القوانين الحاكمة للاستثمار وإزالة الازدواحية فيها، ومراجعة النظم الإدارية التى تسهل الاجراءات وتستقطب المستثمرين فى ظل منافسة قوية بين الدول لجذب المستثمرين.

 

2. تطوير الإدارات المسؤولة عن التصديقات وتجميعها فى مكان واحد ،تحت إمرة إدارية واحدة، وإزالة النزاعات بين مستوى الحكومة الاتحادية والولايات والمحليات والوزارات ـ وتحديد السلطات الاتحادية والولائية ونطاق اختصاص وعمل كل منها، حتى لا يروح المستثمر ضحية إذا التعدد فى مستويات الحكم .

 

3. تحديث بيانات الاستثمار بمراجعة الاستثمارات التي صدقت لمعرفة العامل منها وغيره ، لضمان الجدية ولتحقيق كفاءة استخدام موارد السودان .

 

4. وضع معايير وضوابط للتعرف على قدرات المستثمرين الفنية الانتاجية والتمويلية، حتى لا تضيع الموارد وفقا للانطباعات والتقديرات الشخصية للمسؤول الإداري .

 

5. ربط تاسيس المشروع الأجنبي بقدرات مالية تودع فى حساب المستمر فى المصرف المحلي الذى يختاره،

 

6. تحديد آجال زمنية لاكمال المشروع ، حتى لا يتم احتكار الموارد وحجب الآخرين عن استثمارها.

 

7. بيان المزايا الضريبية التي تمنح للمشروع وشروطها ، وحق المستثمر بيع المنتج داخل وخارج السودان واسترداد عائد الصادر

 

8. تجديد الالتزام باتفاقيات حماية الاستثمار العربي والعالمي

 

9. ضمان كفاءة واستقلال الأجهزة العدلية والقضائية وعدم التدخل في قراراتها ، تجنبا للهروب الكبير الذى طال رؤس الأموال إبان تسيس مؤسسات العدالة.

 

10. تأسيس جهة مرجعية تستقبل شكاوي وتظلمات المستثمرين الإدارية واسنادها بوضع قانوني يمكنها من القيام بواجبها.

 

11. تبني سياسة إعلامية تلتزم بالقانون وتسعى لخلق بيئة معينة للمستثمرين للاستقرار ومشاركتهم في بناء الوطن.

 

*سياسات خاصة بالقطاع الخاص:*

 

لا جدال فى أن القطاع الخاص تضرر ضرراً بليغاً من جراء هذه الحرب ، تدمرت بنيته التحتية وفقد رؤس أمواله ،حيث فقد القطاع الصناعي (المباني والماكينات) ونهبت المخزونات وحرقت المستندات وكذا الحال للنشاط التجاري ، فقد حرقت المتاجر والأسواق، ليس فى سوق واحد وإنما فى كل أسواق ولاية الخرطوم والأسواق التي امتدّت إليها يد التمرد الآثمة، أما القطاع التعليمي والصحي الخاص، فقد أصاب الدمار كل شيئ فيهما ، فحرقت المباني ونهبت الاموال والأجهزة والمعدات . وبذلك تعطلت حلقة مهمة من حلقات النشاط الاقتصادي.

 

وتأتى أهمية إفراد سياسات خاصة لهذا القطاع لأن مساهمته فى الناتج المحلي الإجمالي لا تقل عن85% ، ويستوعب نسبة كبيرة من القوى العاملة ، وينتج سلعا أساسية لا يستغني عنها الآقتصاد، ولهذا ينبغي للحكومة ووفقا لهذا الفهم لدور وحجم القطاع الخاص ينبغى أن تتبنى سياسات اقتصادية كفيلة باعادة الحياة له ،تشمل:

 

1. أن تقود مبادرات معالجة الاضرار التى أصابته، ليس من باب واجب تجاه هذه الفئة المتضررة فقط، ولكن مسئولية عن كل الاقتصاد القومى،لضمان مشاركة هذا القطاع فى النهضة المرجوة بأن تؤسس الحكومة صندوق تعويضات إقليمي وعالمي لتعويض الذين تضرروا من جراء هذه الحرب ، وتأسيس صندوق محلى للمساهمة مع المتضررين

 

2. توفير التمويل الميسر للمتضررين فى هذا القطاع ،حتى ينهض ومن ثم يشارك فى النهضة ،وأعنى التمويل الميسر من حيث السقوف والآجال والتنوع

 

3. تسهيل الضمانات المحلية بتوجية مؤسسات التمويل بقبول الضمان الشخصى وضمان البضاعة والضمان الجماعي والضمان بحركة حساب الودائع ، وأن تشجع شركات التأمين على ضمان التمويل المخصص للمتضررين،

 

4. مراجعة الضرائب المستحقة والحالية على القطاع الخاص ، بما يشمل رسوم ممارسة النشاط التى تفرضها الولايات والمحليات ، حتى يتمكن هذه القطاعات من مباشرة نشاطها والإسهام فى الناتج المحلي وضرائب أرباح الأعمال ، وأعتبار الأضرار خسائر تخصم من الدخل خلال ثلاثة أعوام مثلا، شريطة أن يباشر النشاط الإنتاجي خلال المدة المقررة وأن يلتزم بالأولويات الاقتصادية وبالكفاءة اللازمة وأن ينشئ من الوظائف ما يحقق الأهداف المطلوبة .

 

*السياسات المساندة:*

 

لا شك أن هذه الأهداف تحتاج لإسناد سياسي، ويمكن أن يكون ذلك بالآتي؛

 

1. تحقيق توافق وطني يحقق الاستقرار السياسي فى الفترة الانتقالية بحيث يقود إلى انتخابات يحترم فيها الجميع رأى الأغلبية ،

 

2. تأسيس جهاز حكومي تنفيذي مستقل يتولى انفاذ برامج المرحلة الانتقالية .

 

 

3. تبني برنامج للإصلاح التشريعي ، يتحقق فيه العدل والمساواة للجميع أمام القانون، وتحظى فيه المؤسسات بكامل استقلالها ، وتزال منه التشوهات التى حدثت خلال فترة الخمس سنوات الماضية ،والتي كانت سبباً في التدهور الاقتصادي والإداري والمالي، بحيث تتوفر بيئة قانونية سليمة ومستقرة تحمي المستثمرين وتحفظ حقوق المجتمع والعاملين .

 

4. برامج إصلاح اجتماعي تعمل على بناء النسيج الاجتماعي، بتصحيح خطاب الكراهية الذى زرعه بعض العملاء والحمقى ليكون سلما لتمزيق وحدة الوطن، وتسخير كافة الطاقات الاحتماعية لأهداف النهضة.

5. برنامج إعلامي شامل ينفذ عبر الأجهزة الحكومية والخاصة ووسائل التواصل الإجتماعي ،يخاطب الداخل السوداني كما يخاطب الخارج العالمي والاقليمي ودول الجوار ،ويوفر البيئة الملائمة لتجاوز التحديات.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى