الإمارات توقف الطيران السوداني: تصعيد سياسي أم عقاب دبلوماسي؟

الخرطوم – صحيفة الأحداث (تقرير خاص من المحرر العام)
في خطوة مفاجئة تكشف عن تصعيد دبلوماسي غير مسبوق، أوقفت السلطات الإماراتية كافة الرحلات القادمة من السودان أو المتجهة إليه، مما أدّى إلى شلل كامل في حركة الطيران بين البلدين، وأثار تساؤلات عميقة حول أبعاد القرار ونتائجه الإنسانية والسياسية والاقتصادية.
خلفية القرار
في صباح 6 أغسطس 2025، فوجئت شركات الطيران السودانية، بما فيها بدر للطيران وسودانير، بقرار غير معلن رسميًا من الإمارات بمنع أي طائرة سودانية من دخول المجال الجوي أو الهبوط في مطاراتها.
وقد أكدت شركة بدر للطيران أن القرار لم يأت عبر القنوات الرسمية، بل تبيّن أثناء تنفيذ رحلة مجدولة إلى دبي أن الإذن بالهبوط قد أُلغي بشكل مفاجئ، ما أدخل الركاب في حالة من الارتباك والغضب.
القرار جاء بعد أيام فقط من قصف القوات الجوية السودانية لمطار نيالا في دارفور، والذي استهدف طائرة يُعتقد أنها مرتبطة بالإمارات، ما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 40 شخصًا، بينهم مرتزقة أجانب يُشتبه في تجنيدهم عبر أبوظبي لدعم قوات الدعم السريع (RSF).
🇸🇩🇦🇪 توتر متصاعد
تُعد هذه الخطوة أحدث حلقة في سلسلة التوترات بين السودان والإمارات، بعد أن قطعت الحكومة السودانية علاقاتها الدبلوماسية مع أبوظبي في مايو الماضي، متهمة إياها بـ”تمويل وتسليح مليشيا الدعم السريع” وممارسة أنشطة تقوض سيادة السودان.
آراء وتحليلات الخبراء
د. مصعب الطاهر – باحث في الشؤون الاستراتيجية:
“ما نشهده هو انتقال واضح من الحرب بالوكالة إلى المواجهة الدبلوماسية المباشرة. الإمارات تستخدم أدوات غير تقليدية مثل الطيران والعلاقات الاقتصادية لتوجيه رسائل ضغط إلى الخرطوم.”
الكابتن حاتم شوقي – مستشار طيران:
“القرار الإماراتي لا يمكن فصله عن التطورات العسكرية الأخيرة. شركات الطيران السودانية كانت تعتمد على دبي كمحطة محورية للربط مع آسيا وأوروبا، وهذا الإغلاق يعطل أحد أهم مساراتها التشغيلية. الأثر الاقتصادي سيكون قاسيًا ومباشرًا.”
د. لمياء عثمان – باحثة في الشأن الدبلوماسي
“الإمارات ترسل إشارة مفادها: ‘من يهاجم مصالحنا سيدفع الثمن’. لكن من الواضح أيضًا أن القرار سيُحرجها أمام المجتمع الدولي، خاصة إذا ما اعتُبر خطوة تُفاقم الأزمة الإنسانية وتعرقل حركة المساعدات.”
أثر القرار على تجارة الذهب السوداني
تشير مصادر مطلعة إلى أن القرار الإماراتي قد يُوجّه ضربة قاسية إلى مسار تجارة الذهب السوداني غير الرسمي، والذي تمر نسبة كبيرة منه عبر دبي، سواء في شكل شحنات مصدّرة أو عبر مسافرين يحملون كميات من الذهب الخام.
•منذ اندلاع الحرب، بات الذهب أحد مصادر التمويل الرئيسية لأطراف النزاع.
•الإمارات كانت تمثّل المركز الأبرز لتصفية وتجارة الذهب السوداني عالميًا.
•توقّف رحلات الطيران المباشرة يُعقّد عمليات الشحن، ويُجبر الوسطاء على البحث عن طرق بديلة أكثر تكلفة وأقل أمانًا، مثل التهريب البري عبر دول الجوار أو التحويل عبر شبكات غير نظامية.
يقول الخبير في الاقتصاد السياسي معتصم إدريس:
“أي تعطيل في الخط الجوي مع الإمارات يعني خسارة مباشرة لسماسرة الذهب وشركات التصدير التي تعتمد على المطارات كواجهة قانونية. سنشهد تحوّلًا نحو السوق السوداء، وهذا يهدد بإغراق السوق المحلي ويقوّض جهود ضبط موارد الدولة.”
التداعيات المتوقعة
البند التأثير المباشر
المسافرون آلاف الركاب السودانيين عالقون في المطارات، خاصة في الخليج.
الشحن التجاري تعطيل شحنات الأدوية والسلع الحيوية التي كانت تمر عبر دبي.
قطاع الطيران خسائر مالية حادة لشركات الطيران السودانية وتضخم محتمل في أسعار التذاكر.
الجاليات السودانية ارتباك في حركة العودة والزيارات خاصة للجالية الكبيرة في أبوظبي ودبي.
تجارة الذهب تعطيل مسار رئيسي لتصدير الذهب، وتصاعد التهريب وانخفاض العوائد الرسمية.
العلاقات الخارجية تدهور مستمر في العلاقات الإماراتية-السودانية، وقد يمتد إلى أطراف إقليمية أخرى.
ختامًا: رسالة سياسية على أجنحة الطائرات
غير أن مراقبين يرون أن مثل هذه الإجراءات “العقابية” قد تؤدي إلى نتائج عكسية، وتدفع السودان إلى مزيد من التحالف مع خصوم أبوظبي الإقليميين، في ظل مشهد جيواستراتيجي شديد التقلب.
Exit mobile version