أول عيد

إبراهيم احمد الحسن
(1)
أول عيد وانت تتفتح علي الدنيا طفلاً غريراً ، يصحى صباح العيد بوجدانه السليم وبقلبٍ كلهات طفل في قلب سرير لا يرى حوله سوى الفرحة بالعيد ! فرحة لا تبددها دمعة الام التي تتذكر العيد ( الذي مضى ) وقد نقص عقدها الاجتماعي النضديد خرزة فتنزل دمعتها تبلل مخضع الطفل .. او فرحة طاغية تغمرك من اعلى رأسك إلى اخمص قدميك ، تعم المكان والزمان تبدأ عند عتبة البيت لتغرق الطريق الي ساحة الصلاة باليمن والبركات ، وتهانئ العيد تعلو في ضجيج صاخب ضاحك ، سعادة وعناق صديقين حبيبين يملأ عليك المكان . العيد الاول في حياتك وانت طفل هل تذكره وتتذكر تفاصيله ؟
(2)
العيد الاول بعد عطلة المدرسة ، وإجازتك الاولى من مدرستك الاولى في فصلك الدراسي الاول في حياتك قاطبة ؟ هل تتذكر تفاصيله ؟ وانت تعود جرياً الي البيت في صخب طفولي ضاج وفرحة بالعيد الذي يطرق باب قلبك الطفل الخالي من كل شئ إلا من حبٍ طاغ للحياة وللاهل وللمدرسة والفصل الدراسي الأول في ابتدائيتك الاولى ؟
(3)
اول عيد وأنت في شرخ الشباب في ميع الصبأ تغادر مرحلة الطفولة وتخطو نحو الشباب الباكر تتطلع الي الحياة بحب ، وترنو الي المستقبل بتفاؤل وفرح وظن حسن بكل شئ حولك ؟ تقابل صباح العيد بفرح يبدأ من البيت ويمتد حتى منتصف الليالي في لهو برئ . وبين فرحة البيت وبرنامج منتصف الليل عند قاعة السينماء تتمدد برامج التهاني وزيارات الاهل والأصحاب ؟ وتظل الذكرى قائمة عمارها عناق صديقين عزيزين صبيحة ذياك العيد !!
ثم .. أول عيد وانت في مرحلة الشباب وقد ارتديت جلابية العيد ثم اعتمرت عمامتك الأولى او ( حدرت ) الطاقية فوق للحاجب المقرون ( هدية ام زين وما مشرية من السوق ) ؟ أو ربما بلبسة( على الله )؟ بإصداراتها المختلفة منذ ازل إصدارها الاول الي ان صارت موضة يرتديها شباب اغاني واغاني وسط ضحكات السر قدور المميزة .
(4)
أول عيد في البيت الجديد ، بيت (مقشوش ومرشوش ومفروش ) بالحب والسكينة والمودة والرحمة والفرحة بالعيد السعيد ، وماذا كان شعورك عند صباح عيد من ابرك الأعياد ؟
(5)
أول عيد وانت تمسك بأصبع طفلك او طفلتك الصغيرة (الطفل الاول في حياتك ) في الطريق الي ساحة الصلاة جوار المنزل ؟ كيف كان احساس الأبوة عندما يصادف العيد ؟ العيد هنا يصبح عيدين ، عيد الفرح بالأبوة تمشي الهوينا مع الطفل الاول والعيد السعيد .
(6)
أول عيد لكِ وانتي طفلة تتفتح زهرة نضيرة ، وقد سرحت امك الشعر ضفيرتين وقد وضعت علي خصلات الشعر الجميل شرائط من الوان ، إكليل زهور تضاهي تاج الملكة ، ثم اسرعتي الخُطى عدواً الي ساحة الصلاة جوار المنزل كيف كان عيدك حينذاك ؟
(7)
أول عيد وقد فقدت عزيز !! ، حتما ًتتذكر فيه امك ذات العينين الطيبتين !! يزورك في ذكرى رحيلها الاهل والجيران يواسونك ، يهنئون بالعيد ويعيدون الاحزان الي حيث منشأها الاول دموع وآهات وأحزان ؟ كيف كان ذلك العيد وكيف كانت مشاعرك ؟
(8)
أول عيد بعد الحرب ؟ وانت نازح من دارك او لاجئ ؟ احساس العيد وانت بعيد غصب عنك عن ديارك ؟ هل شرعت في كتابة خطاب للبلد ام حالك هو أنك ( من أول حرف اجد الأنامل ترتجف / واتذكر العيد المضى/ أعياد تجي وأعياد تفوت/ والفرحة تصحب كل عيد تملا البيوت/وأنا كل ما استقبلت عيد أحيا وأموت) ! لم تعد الفرحة تملأ البيوت ؟ أم انه لم تعد اصلاً هناك بيوت ناهيك عن فرحة تغشاها !!
(9)
أول عيد قادم كيف تتوقعه يكون ؟ وكيف تحلم به يكون .. دعونا نجعل الحلم واقع ؟ دعونا نفتح قلوبنا على مصراعيها يدخلها بالحب كله : من يريد ويرغب من الاصدقاء ، للزملاء والاحباب والجيران أناس جمعتنا معهم جغرافيا البلد وتأريخ الاحداث حِلَّة ، وروضة ومدرسة وكلية وجامعة ، ميدان دافوري اهل جيرة وعشرة ، ونفاج بيت ، ملح وملاح ، تقاسمنا معهم لقمة و تشاركنا معهم الماء والكلأ والنار ، وعشنا معهم حلو الحياة ومرها .
دعونا نزرع الورود يوم العيد ، نبسط أيادينا بالسلام ، بالترحاب ، نتسامح ، نسامح ونطلب العفو من الجميع ثم نغني مع محمد وردي مكان الطلقة عصفورة تحلق حول نافورة وتداعب شفع الروضة
(10)
شوف كم زهرة في ايدي !! مسامح أنا وسماحي يزيد
وأداري النفرة بودي
الف رحمة ونور علي قبر سيف الدين الدسوقي قد كان رحمه الله نموذجاً يحمل السماح والوداد الف زهرة .
والان عزيزي القارئ كيف كان عيدك الاول وانت تحمل زهرة تداري بعبقها وودك نفرة الاحباب ؟ والف تحية للرائع الشفيف خالد سند وهو يهدينا لوحة العيد ، من شمبات . أقول لكم جميعاً كل عام وانتم بخير.