رأي

أمجد فريد يكتب: السودان… وتستمر الحرب

لا بصيص ضوء في نهاية النفق

تعقدت جهود تحقيق السلام في السودان على نحو متزايد بعد توقيع “اتفاق حمدوك– حميدتي” في الثاني من يناير/كانون الثاني الحالي. جاء الاتفاق الذي وُقِّع بين ميليشيا قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، و”تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية” (تقدم) التي يرأسها رئيس الوزراء السابق عبدالله حمدوك ليقطع الطريق أمام الاجتماع المباشر الذي دعت إليه “الهيئة الحكومية للتنمية” (الإيقاد) بين قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وحميدتي. أجلت “الإيقاد” ذاك الاجتماع متعللة بظروف فنية تمنع حضور قائد “الدعم السريع” إلى جيبوتي، التي كان مخططا لها استضافة الاجتماع. ولكن هذه الظروف الفنية لم تمنعه من الوصول إلى أديس أبابا وعقد اجتماعه على مدار يومين مع وفد “تقدم” وتوقيع الاتفاق معها.

 

كان واضحا أن اجتماع حميدتي مع وفد “تقدم” ليس هو الاجتماع الأول لهما، فكما أعلنت بعض دوائر “تقدم” الإعلامية على استحياء، فإن هذا الاجتماع قد سبقته اجتماعات تحضيرية، وكان انطلاق رحلة طائرة حميدتي من العاصمة الإماراتية أبوظبي، بحسب ما كشفت مواقع تتبع الطائرات، مؤشرا آخر على هذا التحضير؛ فأبوظبي تؤوي عددا من قيادات “تقدم” منذ اندلاع الحرب.

 

والشاهد على ذلك أن حميدتي استغل المنصة الإعلامية التي أتاحها له الاتفاق للترويج لخطابه السياسي من على منصة “تقدم” برفقة رئيس الوزراء السابق حمدوك. ولكن ما هو أكثر من ذلك، كان احتواء اتفاق “تقدم” مع “الدعم السريع” على بنود سياسية صريحة، حولت الاتفاق من تفاهم حول إجراءات وقف الحرب وإيقاف إطلاق النار والترتيبات الإنسانية المطلوبة بعد ذلك، إلى ما هو أشبه بتحالف سياسي صريح، يحاول فرض مواقفه السياسية بالاستناد إلى سلاح أحد الطرفين المتحاربين، وهو الأمر الذي سيزيد تعقيدات الوصول لوقف إطلاق نار بشكل أكبر.

لا تغيير على الأرض

وفي كل الأحوال، مضى أكثر من أسبوعين، ولم تقم ميليشيا “الدعم السريع” بأي بادرة في تنفيذ التعهدات الإنسانية التي قطعتها على نفسها في اتفاقها مع “تقدم”؛ إذ لم يتم إطلاق سراح الـ451 أسيرا وسجين حرب الذين قال الاتفاق إن الميليشيا وافقت على إطلاق سراحهم استجابة لطلب “تقدم”، ولم يحدث أي تغيير على الأرض في فتح الممرات الإنسانية لمرور المساعدات أو حركة المدنيين في المناطق المحاصرة أو تهيئة البيئة لمعيشة المواطنين في المناطق التي تسيطر عليها الميليشيا. لم يحدث أي شيء على الإطلاق غير اندفاع أبواق “تقدم” الإعلامية وقياداتها في الدفاع عن الميليشيا وإنكار انتهاكاتها والتبرير لعدم تنفيذ التزاماتها الإنسانية، وكأن هذه الالتزامات عطية منها، وليست التزامات تفرضها قواعد الحروب وقوانينها في العصر الحديث.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى