عادل الباز يكتب: خدعوك.. إذ قالوا
فيما أرى
1
بدخوله في اللعبة السياسية، وهو غير مؤهل لها بما يكفي، وضع حميدتى نفسه في منطقة شديدة الخطورة، تعرض كافة مصالحه التي شيدها عبر سنوات لمخاطر شتى. ما الذي دفع السيد حميدتي في هذه السكة الوعرة، مَن مِن العباقرة نصحه بأن يمشي لحتفه بظلفه؟! وعلى أي أساس زينوا له الفكرة؟. ووقعت ليهو ومضى فيها مكبا، وما هي المكاسب التي ظن أنه سيحصدها حال توقيعه على الإطاري ووضع بندقيته على أكتاف قحت؟.يبدو أن السيد حميدتي ظن أنه باصطفافه مع قحت سيحقق مكاسب شتى،
أولها: أنه هو وقواته سيحصدان عفوا عن الجرائم التي اتهم بها وأن بإمكانه غسل كل الاتهامات التي طالت قواته وخاصة فيما يخص فض اعتصام القيادة. وقد وعدته قحت بذلك ونصت عليه في الإتفاق (المخبأ في الإدراج) بحسب حميدتي.
ثانياً: يبدو أنه سيحظى بقبول واسع من تيارات الثورة التي ظلت تصف قواته بالجنجويد وتطالب بحلها.
*ثالثاً:* اعتقد أن الإتفاق الإطاري سيخرجه من تبعية الجيش إلى تبعية قحت، فبحسب نص الإطاري أن قوات الدعم السريع تتبع للقائد الأعلى للقوات المسلحة وهو مدني وسيتم ترشيحه من قبل قحت.
رابعاً: توهم أنه بقبوله أن يصبح ظهيرا عسكريا لقحت سيضمن مستقبلا لقواته ووضعية مميزة له في الفترة الانتقالية وربما تقبل قحت بقواته كجيش ثانٍ في البلاد.
خامساً: بتقاربه مع قحت اعتقد حميدتي أنه يستطيع أن يحمي مصالحه الإقتصادية المتضخمة، إذا ما صعدت إلى سدة السلطة، وكيف لا فهو الرافعة الأساسية لها بدعمه الإتفاق الإطاري. وبدأت بشائر ذلك في الإطاري نص على وضع كل من شركات المخابرات وشركات الجيش تحت تصرف وزارة المالية، بمعنى تجريد كل القوات النظامية وترك شركات الدعم السريع طليقة تفعل ماتشاء.
سادساً: ظن أنه بدعمه للإطاري سيكسب رضى المجتمع الدولي
الداعم للاطارى مما يضمن عدم مطاردته مستقبلا في أي من الإتهامات المعدة له والتي كانت تعمل قحت على تسليم ملفاتها إلى المحكمة الجنائية الدولية.
2
بناء على كل تلك الأوهام التي قدمت له على طبق مذهب ، دخل شباك الإطاري وأصبح خروجه منه سالما مستحيلا… ياترى من من العباقرة نصح حميدتي بالإطاري؟.قبل أن أوضح لماذا يمثل الإطاري شرك للدعم السريع دعونا نفحص الأوهام التي قادت الدعم السريع إليه بقدميه أو ب(تاتشراته).
3
المرتكزات التي دفع بها الدعم السريع للتوقيع على الإطاري خاطئة قادته لتلك النتائج الكارثية، وهي أن قحت تمثل كل تيارات الثورة بل إنها الثورة وقد صدقت هذه الأوهام حتى قيادات الجيش، والصحيح أن قحت تمثل شريحة ضئيلة من التيارات التي اعتلت موجة الثورة غداة انتصارها، وذلك قبل أن ينفض سامرها ولم يتبقى إلا ثلاثة أحزاب يدرك الجميع ضآالة وجودها وعمقها في الشارع السوداني.. نستثني حزب الأمة. وعليه ليس بيد 3 طويلة ولا في مقدروها الآن ومستقبلا أن تمنحه حصانة قانونية وكما أثبتت الوقائع الجارية والمشاهد في الشارع الآن ، فمظاهرات 6 أبريل أكدت أن الشارع لا يزال على موقفه من قوات الدعم السريع (تنحل)..فقحت لم تستطع ولن تستطيع تغيير صورة الدعم السريع لتطلع حلوة في أعين الشارع. والذين أوهموه بقدرتهم على تسويق وتلميع صورة الدعم السريع وغسله عاجلا خدعوه.
4
بالنص على دمج الدعم السريع في الجيش انتفت إمكانية أن يصبح الدعم السريع جيش ثاني معترف به ولذلك لن تستفيد قحت باتكائها على بندقية معطوبة ولن تحصد أي مكاسب حالما تم الإندماج ، قال ياسر عرمان قبل أن يتبوء موقعه الجديد: (قوات الدعم السريع ليس لها مستقبل كقوات مستقلة لأن السودان لا يمكن أن يكون له جيشان).
اكتشف الدعم السريع أن تبعيته لراس الدولة شكلا لن يخرج قواته من إمرة الجيش ويبقى الحال كما هو بل سيزداد سوءا. كما سنرى.
أدرك أن المجتمع الدولي الذي يصنف قواته كمليشيا ولا يعترف بها كجيش، أنه داعم بشدة لفكرة دمج قوات الدعم السريع في القوات المسلحة بأسرع ما تيسر. وكيف لا… وقوات الدعم السريع تتحالف مع (فاغنر) العدو الأول للغرب الآن، وتنشأ لها القواعد وتضغط على الحكومة أن يمنح الرئيس الروسي قواعد على البحر الأحمر.
قالت مديرة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، سامنتا باور، في محاضرة بجامعة الخرطوم أغسطس 2021 إن بلادها “تقف مع إنشاء قوات مسلحة سودانية موحدة ومهنية تجمع الجيش والدعم السريع وقوات حركات الكفاح المسلح تحت قيادة واحدة في السودان”. وهذا بعيدا عن الموقف المصرى الرافض للفكرة أصلا.
المكاسب المادية لن يتحقق منها شيئ فإذا أعفى الإطاري شركات الدعم السريع من أيلولتها للمالية ووافقت قحت على ذلك فإن مما لاشك فيه أن الإمتيازات الكبيرة التي كانت تتمتع بها تلك القوات وتأخذها تحت غطاء الرئاسة أو بيدها القوية ستتلاشى حتما متى تمت السيطرة على قوات الدعم السريع.
إذن حتى الآن المكاسب التي يمكن أن يحصدها الدعم السريع من توقيعه على الإطاري وتحالفه مع قحت لا أكثر من غثاء أحوى وكلها ستعصف بها ريح المتغيرات السياسية لأنها بلا أوتاد، يعنى باعوا له حبال…ووعدوه بالبقر….وهم لا يملكون له تيسا.!
5
السؤال الآن هو ماذا خسر الدعم السريع بتوقيعه على الإطارى؟.
وضع الإطاري الدعم السريع أمام خيارات مرة أو بالأحرى خيارين…الخيار الأول أن يوافق الدعم السريع على الدمج خلال المدة التي يصر الجيش عليها حتى الآن وهي عامين، وبعض القيادات العسكرية تتشدد في أن يكون عام واحد للدمج. والأهم هو أن الجيش يصر على قيادته وسيطرته على تلك القوات وفورا منذ اليوم الأول للتوقيع إن لم يكن قبله. وبذا تفقد قوات الدعم السريع مرونة الحركة التي كانت تتمتع بها بطول البلاد وعرضها متأبطة أي سلاح ترغب فيه، كما ستفقد ميزة التسليح الحر من أرجاء العالم التي كانت تتمتع باستقلالية فيه حتى أنها فكرت أن يكون لها سلاح جو.!. كما خسرت أي قدرة على التجنيد الذي كان يتسارع بصورة محمومة في مناطق شتى من السودان وآخرها خمسون ألف نمرة جديدة قدمت لوزارة المالية !! .وسيصبح عدد القوات محددا وحركتها وتسليحها كلها محدودة ومرصودة من القوات المسلحة إلى أن يحين الدمج الكامل.
6
خسر الدعم السريع موقع الرجل الثاني الذي كان يعمل تحت خيمته لأربع سنوات مستمتعا بقوة نفوذ السيد النائب الأول حميدتي في تدعيم قواته وتعظيم ثرواته وحماية بزنس الدعم السريع و(آل دقلو) بكل أنواعه. الآن بعد الإطاري سيصبح حميدتي مثل أي قائد في الجيش وربما مساعد للقائد العام للجيش وينتهي أمره هناك.
7
في الحكومة المدنية ستنتهي فكرة التحالفات الإقليمية والزيارات الدولية وليس هناك من دور إقليمي يمكن أن يلعبه السيد حميدتي من تشاد للنيجر لروسيا وقد بدا أن حرب اليمن طوت صفحاتها أو في أيامها الأخيرة. بمناسبة روسيا سيصبح تحالفه مع (فاغنر) في مهب الريح وستنتهي المعسكرات على حدود أفريقيا الوسطى حالما تصبح قوات الدعم السريع هناك تحت إمرة الجيش… ترى من يحمي القواعد بالقرب من أفريقيا الوسطى ؟ من سيوفر الحماية لمناجم الذهب في منطقة سنقو ؟ والتي هي ممنوعة الاقتراب والتصوير إلا بإذن الدعم السريع وفاغنر… .!!. هكذا فان خسائر السيد حميدتي وقوات الدعم السريع لا تكاد تحصى إذا وقع على الاتفاق الإطاري بشكل نهائي.
8
طيب إذا رفض السيد حميدتى توقيع الاتفاق النهائي.. ماهو السيناريو المتوقع في حالة الرفض؟….. الله أعلم…ولكن إذا حصل وصدقنا قائد الجيش الذي دائما ما يخضع لضغوط متنوعة سيكون الإطاري في ذمة الله…فالعملية السياسية الآن مرهونة بالتوقيع على الإطاري لتتقدم، والتوقيع على الإطاري مرهون بدوره على موافقة الدعم السريع على شروط الجيش، فبرفض الدعم السريع للتوقيع الإطاري فإن العملية السياسية سيكون ( قطره صفر) و على السادة المنتظرين في محطة القطارات المتجه لكراسي السلطة ألا يحلموا بغد سعيد، وسيكون الرئيس البرهان الذي يحفر ب(الإبرة) قد دفن الإطاري (بقريدر) و بذلك يكون فعلا جنرال ماهر … ولا شنو ياسيد ياسر عرمان!!!.