يا مرحى بمهرجان عروس البحر في أزمنة الحرب

 

د. عبدالعظيم عوض

في بورتسودان تجري الاستعدادات حاليا لإقامة مهرجان فني كبير دعما للمجهود الحربي، نثمن عاليا الفكرة التي ترعاها وزارة الثقافة والاعلام واتحاد الأدباء والفنانين والهيئة الشعبية لنصرة القوات المسلحة تحت عنوان مهرجان العزة والكرامة وذلك طيلة أيام الأسبوع الأول من يناير القادم.

الفكرة جيدة وندعمها فهي تمثل محاولة جيدة لتثبيت القيم الوطنية عبر ادوات الفن والثقافة في هذا المنعطف الذي تمر به بلادنا ، بعكس ما يرى البعض خاطئا بأنه لايجوز الغناء والطرب والترويح عن النفس في زمن الحرب .

أيام الحرب الباردة علي أشدها ، إخترقت موسيقى الجاز الأمريكية الستار الحديدي الذي فرضته الانظمة الشيوعية في أوروبا الشرقية علي مجتمعاتها ،واطلق حينها الرئيس آيزنهاور مقولته الشهيرة حين رأى شباب الدول الشيوعية يتراقصون علي أنغام موسيقى بوب مارلي بأن موسيقى الجاز كانت أعظم دبلوماسي أمريكي ، ولعلنا نذكر أن الزيارة الوحيدة لكوكب الشرق السيدة أم كلثوم للسودان عام ٦٨ كانت اصلا لدعم المجهود الحربي في اعقاب ما عُرف بالنكسة ، وكم تغنينا نحن السودانيون مع الصاغ محمود ابوبكر الزاهي في خدرو التي بعث بها لمحبوبته في عز الحرب في الكُفرة الليبية ” كفرة نيرانا زي جهنم قالوا ليهو القطر تقدم حنّ قلبو ودمعو سال ” ، وهناك في الكفرة كان احمد المصطفي وحسن عطية يرفهون علي الجند السودانيين بالغناء والموسيقى، وسبقتهم عائشة الفلاتية وهي تودع القوات السودانية ” يجو عايدين بالمدرع والمكسيم ياالله،يجو عايدين ضباط مركز تعليم… ” الي آخر تلك المعاني الوطنية التي رسخها الفن في وجدان السودانيين .

ولعلي هنا اقترح علي القائمين بأمر هذا المهرجان بالخروج بهذه الحفلات الي خارج السودان في اماكن لجوء السودانيين ، كأنْ يقام حفلٌ في الدوحة وآخر في القاهرة يشارك فيه كبار فنانينا ويتم توجيه عائده المادي لدعم المجهود الحربي ومعسكرات النازحين والتكايا التي تطعم المواطنين في مختلف الأحياء بالمدن السودانية والتي كثيرا ماتعاني شحا في المواد الغذائية والوقود

وكما تناولت من قبل دور القوة الناعمة عبر دبلوماسية الرياضة والتي عبّر عنها فتية منتخبنا القومي وهو يشقون طريقهم نحو منافسات الأمم الأفريقية رغم أنف الحرب ، فإن عماد القوة الناعمة هي الفنون بمختلف ضروبها وشتى انواعها .. طالما خرجت للمتلقي في رصانة ووقار بعيدا عن الوضاعة والابتذال .. وقطعا سيكون لهذا المهرجان طعمه وقد احتوته عاصمتنا الحالية عروس البحر بورتسودان وأهلها الطيبون.

Exit mobile version