نتيجة مسح إتجاهات الرأي العام السوداني حول مستقبل التعايش السلمي في السودان

وفقاً لفرضيات علم الاجتماع والعلوم السياسية والعلوم الأخرى فإن الحروب بشكل عام لها تأثيرات كبيرة على تماسك النسيج الاجتماعي، و تعميق الانقسامات فى الهوية الوطنية، و تدمير البنية الإجتماعية، و تفكيك الروابط الأسرية و المجتمعية الأمر الى يدعم عملياً تآكل القيم الاجتماعية و يزيد من الشروخ في النسيج الاجتماعي.
بيد أن الحرب التى إندلعت فى السودان منذ أبريل (2023) بدأت لأول وهلة ذات صبغة اجتماعية؛ حيث تحالفات القبائل، و الشعارات المرفوعة، و القتل القائم على الهوية، و استهداف مجموعات عرقية محددة و تهجير السكان الأمر الذى أدى بالفعل إلى تصدعات عميقة فى النسيج الاجتماعي السوداني باتت تهدد مسيرة التعايش السلمي حتى فى الفترة ما بعد الحرب.
سعياً من مركز الخبراء العرب للخدمات الصحفية و دراسات الرأي العام لقياس أثر الحرب على تماسك النسيج الاجتماعى و مستقبل التعايش السملي بالبلاد، و بما يوفر معلومات حقيقية مبينية على القياس، و بما يعين على دراسة الحالة و اقتراح الحلول لمعالجتها قام المركز بطرح استبيان مفتوح على الإنترنت لقياس الرأي العام حول الموضوع و تفصيلاته لمدة خمسة أيام، شارك فيه عدد (43718) مشاركاً، و كانت نتائجه كالتالي:
أولاً: ملخص النتائج:
● نسبة (62.6%) من المشاركين الحرب فى السودان قادت إلى اصطفاف و تمايز عرقي و قبلي.
● أكثر من نصف المشاركين فى الاستطلاع الهوية الوطنية تعرضت إلى تشويه كبير بسبب الحرب و تقسيم المجتمع إلى هويات فرعية قائمة على العرق والقبيلة.
● نسبة (52.7%) من المشاركين تقطع بصعوبة استعادة الثقة و بناء التعايش السلمي بعد الحرب.
● نسبة (83.4%) من المشاركين قالوا أن الاستخدام السالب للإنترنت و وسائل التواصل الاجتماعي زاد من معدلات الكراهية و التحريض داخل المجتمع السوداني، و نسبة (87.5%)من المشاركين تحمّل بعض الناشطين فى وسائل التواصل الاجتماعي مسئولية تعزيز مشاعر العداء و الكراهية و نسبة (80.3%) من المشاركين تقول أن بعض زعماء الادارة الأهلية مارسوا أدواراً سالبة.
● نسبة أعلى من المشاركين بلغت (45.8%) لا تعتقد بتزايد موجات العنف الانتقامي عقب انتهاء الحرب الحالية.
● نسبة (86%) من المشاركين تعتقد أن الممارسات و الانتهاكات المنسوبة لبعض القبائل و المجموعات السكانية من مناطق محددة سيؤثر على إمكانية بناء الثقة من جديد بين المجموعات السكانية و نسبة (58.5%) تقول أن المجتمع السوداني مهيأ الآن للتجاوب مع مبادرات التعايش السلمي و رتق النسيج الاجتماعي.
● نسبة (56.8%) تقول أن الادارة الأهلية بواقعها الحالى غير مؤهلة لقيادة حملات رتق النسيج الاجتماعي و تحقيق المصالحات بين القبائل.
● *بنسبة كليه بلغت (94.1%) مجموعة من المشاركين ترى وجود قيم مشتركة يمكن أن تجمع مختلف المجموعات السكانية فى السودان و تؤسس لِلَبَنة الوحدة الوطنية.
● نسبة (64.6%) تُبدى تفاؤلاً عالياً، و تتوقع أن وضع التعايش السلمي وتماسك النسيج الاجتماعي سيتحسن فى السنوات القادمة و نسبة (14.5%) تبدى تشاؤمها.
ثانياً: تفاصيل اجابات المشاركين:
1/ لدي سؤال المشاركين عن تقديرهم ما إذا كانت الحرب فى السودان قد أدت إلى اصطفاف و تمايز عرقي و قبلي أعربت نسبة (62.6%) من المشاركين عن تأكيد دور الحرب فى صناعة هذا التمايز و الاصطفاف، بينما ذهبت نسبة (32.5%) إلى نفى وجود تأثير للحرب و وقفت نسبة قليلة بلغت (2،1%) على الحياد.
2/ الهوية الوطنية تعرضت إلى تشويه كبير بفعل الحرب و ذلك بتقسيم المجتمع إلى هويات فرعية قائمة على العرق و القبيلة كانت إجابة أكثر من نصف المشاركين بنسبة (55.2%)، بينما خالفتهم الرأي نسبة (41.2%) ترى عدم تشويه و انقسام فى الهوية الوطنية. و نسبة (3.4%) من المشاركين غير متأكدة من ذلك.
3/ في ذات السياق أكدت نسبة (60.5%) من المشاركين أن حرب الخامس عشر من أبريل (2023) أسهمت فى تعميق الانقسام و زيادة الشُّقة و تباعد الانسجام بين المجموعات العرقية و القبيلية، تخالفهم الرأي نسبة (37.2%) تنفي تأثير الحرب فى تعميق الإنقسام و التباعد و نسبة (2.3%) غير متأكدة من الإجابة.
4/ لدى قياس التحديات التى أصابت النسيج الإجتماعي السوداني بفعل الحرب، و ما إذا كان من الممكن استعادة الثقة و بناء التعايش السلمي بعد الحرب ذهبت نسبة (52.7%) إلى القطع بصعوبة عودة التعايش السلمي، و نسبة (37.1%) تخالفهم الرأي و تُبدى تفاؤلها بإمكانية بناء الثقة من جديد عقب انتهاء القتال بينما ارتفعت نسبة المحايدين فى الإجابة على السؤال إلى (10.2%) و التى تقول أنها غير متأكدة من ذلك.
5/ هل هناك تأثير للإنترنت و وسائل التواصل الاجتماعي على زيادة معدلات الكراهية و التحريض داخل المجتمع السوداني؟ سؤال لم تتردد نسبة (83.4%) من المشاركين من القطع بصحته و اعتباره استخداماً سالباً أضرَّ بالمشهد السوداني، و أقلية محدودة بنسبة (10.9%) ترى عدم صحة هذه الفرضية، و عدم وجود توظيف سالب أو صلة للانترنت بزيادة مستوى الكراهية و نسبة (5.7%) لم تشإ الإجابة على السؤال.
6/ و فى ذات السياق لدى السؤال عن مواقف بعض الناشطين فى وسائل التواصل الاجتماعي، و هل لهم دور فى تعزيز مشاعر العداء و الكراهية بين المجموعات السكانية المختلفة؟ أفادت نسبة (87.5%) من المشاركين بالإيجاب و الموافقة، و ربطت ما بين نشاطهم و زيادة مستوى الكراهية و الانقسام، و نسبة (8.6%) فقط نفت هذه الصفة عنهم و نسبة (3.9%) من المشاركين تحفَّظت على الإجابة على السؤال.
7/ دور الإدارة الأهلية فى بعض مناطق السودان فى تغذية عوامل الاحتقان و التوتر بين القبائل و المجموعات السكانية سؤال مهم فى الاستبيان حاز على إهتمام المشاركين، إذ اعتبرت نسبة (80.3%) من المشاركين أن بعض زعماء الإدارة الأهلية مارسوا أدواراً سالبةً أدت الى شحن النفوس و ساعدت فى تغذية عوامل الاحتقان و أدت الى التفرقة بين المجموعات السكانية، فى مقابل نسبة (11.5%) رفضت بشدة إتهام الادارة الأهلية بهذه الأدوار و نسبة (8.1%) توقفت على الحياد عند الاجابة على السؤال.
8/ نسبة أعلى من المشاركين بلغت (45.8%) أبدت تفاؤلاً حذراً بعدم اعتقادها بتزايد العنف الانتقامي عقب انتهاء الحرب الحالية فى السودان، باعتبار أن عوامل التسامح فى المجتمع السوداني ما تزال سائدة، فى حين أكدت نسبة (41.5%) عكس ذلك و أشارت أنها تتوقع تزايد موجات العنف الإنتقامي و نسبة (12.6%) من المشاركين لم يتسنَّ لها التأكد.
9/ لدى سؤال المشاركين عما إذا كانوا يعتقدون أن واحد من أسباب دفع المجموعات السكانية إلى الاحتماء بالوشائج القبلية والصلات العرقية لحماية نفسها هو توقف العديد من المؤسسات الحكومية و المجتمعية عن أداء أدوارها فى حماية و تأمين السكان بسبب الحرب -أشارت نسبة (51%) بالموافقة معتبرة أن ذلك سبب رئيسي و بديل مشروع، خاصة فى ظل حالة السيولة الامنية و غياب الأجهزة الحكومية، في حين أن نسبة (29.8%) من المشاركين لم تعتبر ذلك سبباً كافياً و رجحت وجود أسباب أخرى و نسبة (15.2%) اختارت إجابة (غير متأكد) للإجابة على هذا السؤال.
10/ سؤال : هل تعتقد أن الممارسات و الانتهاكات المنسوبة لبعض القبائل و المجموعات السكانية من مناطق محددة سيؤثر على إمكانية بناء الثقة من جديد بين المجموعات السكانية تفاوتت الإجابات عنه؛ نسبة (42.8%) تقول نعم إلى حد كبير، و نسبة (44.6%) تقول نعم إلى حد ما، و نسبة (10.2%) تختار الإجابة لا بينما نسبة (2.4%) من المشاركين تقف على الحياد.
11/ لدى قياس هل المجتمع السوداني على استعداد فى الوقت الراهن لتقبّل مبادرات المصالحات الاجتماعية و رتق النسيج الاجتماعي حاز الخيار (مستعد) على نسبة كلية بلغت (58.5%) ، و انقسمت داخلياً إلى (20%) بشأن خيار (مستعد جداً ) ونسبة (38.5%) توافقها الرأي بدرجة أقل و تقول أنه (مستعد إلى حد ما)، كل ذلك فى مقابل نسبة (29.5%) تخالفهم تماماً و تختار الإجابة (غير مستعد)، و تشاركها الإجابة نسبة (12%) تقول أنه (غير مستعد تماماً) بنسبة رفض كلية وصلت إلى (41.5%) من إجمالي المشاركين.
12/ كيف تصف العلاقات بين المجموعات العرقية و القبيلية في السودان قبل حرب إبريل (2023) ؟ سؤال أجابت نسبة (16.8%) فيه ب(جيدة جداً)، تناصرها نسبة (43.3%) وصفت العلاقات بأنها (جيدة)، فيما اختارت على الطرف الآخر نسبة (33.1%) لتصفها بأنها (متوترة) و نسبة (1.8%) من المشاركين وصفتها بأنها (سيئة).
13/ فى تقديرك هل المجموعات السكانية التى تأثرت بالتهجير بسبب الحرب على استعداد للعيش من جديد بجوار مجموعات عرقية أو قبلية كانت سبباً أو طرفا فى النزاع؟ سؤال مهم في سياق الاستبيان جاءت إجاباته كالتالي:
-نسبة (4.6%) من المشاركين تقول أنها مستعدة جداً.
-نسبة (25.5%) تقول أنها مستعدة إلى حد ما.
-نسبة (39.9%) تقول أنها غير مستعدة.
-نسبة (30%) تقول أنه غير مستعدة تماماً.
14/ بالرغم من كل الإجابات السابقة التى يغمرها التفاؤل حيناً و الإحباط أحياناً أخرى إلا أن نسبة كلية بلغت (96.2%) من المشاركين فى الاستبيان ترى أن التعايش السلمي مهم لبناء مستقبل السودان، مقابل نسبة ضئيلة بلغت (3.8%) لا ترى أنه مهم أو لا تعرف الإجابة.
15/ فى الاسئلة المتعلقة برتق النسيج الاجتماعى و المبادرات حوله، أعربت نسبة (53.5% من المشاركين عن قناعتها بأن الحكومة السودانية تتوفر لها القدرة على ابتدار و تنفيذ مشروعات تعزيز الهوية الوطنية و تحقيق التعايش السلمي، و نسبة (33.6%) تخالفهم الرأى وترى عدم قدرة الحكومة، و امتنعت نسبة (12.9%) عن الإجابة عن السؤال و تمسكت بعدم معرفتها بإمكانية ذلك.
16/ و في الجانب المتعلق بالدور الحكومي و بشأن السؤال عن منظمات المجتمع المدني و مؤسساته و قدراتها على تحقيق التعايش السلمي بين المجموعات السكانية المختلفة -كانت الإجابات كالتالي:
-نسبة (16.3%) تقول نعم تماماً.
-نسبة (52%) تقول نعم إلى حد ما.
-نسبة (28.5%) تقول لا.
-نسبة (7.2%) تقول أنها لا تعرف.
17/ ذات السؤال و المتعلق بدور الإدارة الأهلية و عمّا إذا كانت بواقعها الحالى مؤهلة لقيادة حملات رتق النسيج الاجتماعي، و تحقيق المصالحات بين القبائل قطعت نسبة (56.8%) بأنها ( غير مؤهلة)، و نسبة (32.4%) تقول أنها (مؤهلة الى حد ما)، و نسبة (6.8%) من المشاركين تقول أنها (مؤهلة تماماً) و نسبة (4%) تقول أنها (لاتعرف).
18/ تكرارً لذات السؤال أعلاه بشأن أهمية وجود و مشاركة المجتمع الدولى في عمليات التعايش السلمي و بناء النسيج الاجتماعى، و دوره فى ذلك أشارت نسبة (25.6%) إلى أنه مهم جداً، و نسبة (24%) ترى أنه مهم و نسبة (46.6%) لا ترى له أية أهمية باعتباره شأناً داخلياً و نسبة (3.8%) تختار الحياد عند الإجابة عن السؤال.
19/ لدى سؤال المشاركين عن مدى اعتقادهم بوجود قيم مشتركة يمكن أن تجمع مختلف المجموعات السكانية فى السودان و تؤسس لِلَبنة الوحدة الوطنية جاءت الإجابة مؤيدة بنسبة كلية بلغت (94.1%) ترى وجود هذه القيم المشتركة بصورة تفاوتت ما بين قيم كلية بنسبة (55.5%) ، و قيم جزئية بنسبة (38.6%) في حين ترى نسبة ضعيفة تُقارب (5.1%) أنه لا توجد قيم مشتركة إطلاقاً.
20/ ختاماً هل تعتقد أن وضع التعايش السلمي و تماسك النسيج الاجتماعي سيتحسّن فى السنوات القادمة؟ نسبة (64.6%) من المشاركين تُبدى تفاؤلاً عالياً وتجيب بنعم، و نسبة (14.5%) يأخذ بها التشاؤم كل مذهب فتجيب بلا، و نسبة (20.9%) من المشاركين تردّدَ فى الإجابة و تقول أنها غير متأكدة.
Exit mobile version