مكي المغربي يكتب عن معركة تحرير الإذاعة

لكي أكون أميناً، انتصار أمدرمان يشكل نسبة 30% جغرافيا من ولاية الخرطوم الكبرى، ولكنه يشكل نسبة 100% من قلب الموازين، وحسم المعركة كيف؟ سأشرح لكم:
1- تم الانتصار عبر سلسلة عمليات عمل خاص وآخرها كان عملية (كماشة السحور) وانتهت القوة النظامية الصلبة للمليشيا الإرهابية، ولكن لا تزال القيادة العامة في الخرطوم ومناطق أخرى محاصرة مع احتلال معظم بيوت المواطنين، نعم صحيح تم توسيع محيط تأمين القيادة، لكن مناطق الخرطوم وبحري حولها عبارة عن أبراج قناصة ومرتزقة من إثيوبيا ومن دول الغرب الإفريقي، وحولها مرتزقة من جنوب السودان بمنصات مدفعية متطورة تم شحنها من الخارج (وكتبت الصحف الأمريكية والدولية من أين) وهي أصلاً مجموعات مرتزقة تتحرك بالخراب من دولة لأخرى ولا تعمل إلا بأموال طائلة، وإذا توقف المال ترحل وتنتهي القصة، أو الحل هو التخطيط الجيد والعمل الخاص والفدائيين وهذا ما يقوم به الجيش السوداني حالياً، والحقيقة.. بدأ يقل الدعم لكن تتم المناولة المتعثرة عبر دول الجوار الخائنة وليس من المصدر المباشر، كما دخلت المليشيا في أسلوب الخطف وطلب الفدية في الجزيرة للتمويل وسداد أجور المرتزقة بعد تعثر الدعم.
2- تقريباً نصف أمدرمان آمن للعودة حالياً، وربما تنتقل الحكومة أو أجزاء منها رمزياً هناك قبل رمضان، وذلك لوجود مبنى البرلمان والعديد من المباني الحكومية التاريخية مثل محلية أمدرمان.
3- اختيار مواطنين العودة لمنازلهم وإعادة فتح سوق أمدرمان هو ما سيشغل الأخبار في رمضان، بالاضافة إلى قمة كروية ودية في العيد، فقد اكتمل تحرير إستاد الهلال واستاد المريخ، وهذه مؤشرات عودة للسودان بإذن الله، والشكر للدول التي آوت السودانيين وعلى رأسها مصر الشقيقة.
4- انتصار أمدرمان حسم تماماً الحديث حول الجهة التي تجلب النصر والجهة التي تجلب الهزيمة، وأن الجيش السوداني مفوض في الاستعانة بمن يشاء بمقاتلين وفدائيين لأنها حرب غير تقليدية ومدعومة خارجياً بدأت ب 125 الف من مقاتلي المليشيا مقابل 30 الف من الجيش السوداني وهو جيش احترافي وليس مجموعة انتحارية ليقتحم الميدان ويتم سحقه بالكامل، لقد تأخر لأسباب حقيقية واستعان برصيد وطني موجود وتم تسجيله بأرقام عسكرية وقوائم وليس فوضى كما يزعم البعض، وأي محاولة للتشكيك فيهم أو في اختيارات الجيش هي تواطؤ مع المليشيا الإرهابية وهو السم الزعاف الذي سقته إسرائيل ووكلاءها للسودان طيلة الفترة الانتقالية، ولن نشربه لنموت، يضاف إلى هذا أنه ليس من أخلاق الجيش السوداني ولا الشعب السوداني التنكر والتطاول على الشباب المجاهد الذي اختار الموت في الصفوف الأمامية تحت إمرة الحيش. ولذلك سقطت أسطورة عزل الاسلاميين في السودان تماماً وللأبد، وعلى كل مراقب خارجي ألا ينزلق في أي توقعات مخالفة مهما كان الإغراء، وقد انتهى الجدل بلقاء مفوضية الإتحاد الافريقي بقيادة المؤتمر الوطني في القاهرة، وعاد الإسلاميون في السودان واقعاً دولياً وإقليمياً.
5- هذه الحرب كانت للاستعمار الكامل للسودان وضمه للنفوذ الاسرائيلي، وتم تقوية المليشيا طيلة الفترة الانتقالية وتم إسقاط عدد من القيادات التي تزعم أنه مدنية وديموقراطية وأهل الثورة والحرية، بالاغراءات والفضائح، وكل أنواع العمل الاستخباري القذر، وصاروا (خاتم في صباع حميدتي) ويستحسن تجاوزهم وتهميشهم، لأنهم لا يستطيعون تغيير مواقفهم إلا بإذن خارجي.
Exit mobile version