تقرير – أمير عبدالماجد
ثمة “اعتقاد راسخ وسط دوائر أمنية وعسكرية وسياسية وحتى على المستوى الشعبي أن ما أضر باتفاق جدة ليس فقط عدم التزام المليشيا بمخرجاته بل بكونه اتفاق بلا ضمانات ولا ضامن ولا آليات لتنفيذه ومراقبته ما سهل الخروج عليه لان اتفاقاً اياً كان مع مليشيا متمردة كالدعم السريع تكوينها ليس عسكرياً فقط بل اثني ومناطقي ومعظم عناصره ليست عسكرية مؤهلة وتم تدريبها وتأهيلها كقوة منضبطة بل هم مجموعات من اللصوص القتلة والنهابة والكسيبة حسب وصف قائدهم من الصعب السيطرة عليهم وفرض الانضباط العسكري وسطهم، لذا فإن تعديات واغتيالات ودخول لمنازل الناس والتهجم على المواطنين تم خلال الهدن التي استغلتها المليشيا لتوسيع الرقعة التي تتواجد بها في العاصمة مثلاً وفي الاعتداء على المواطنين ونهبهم وسحلهم وهتك اعراضهم لذا فان الهدن التي يمكن توقيعها من أجل اتاحة مساحة من الأمان لدخول المعينات الانسانية والمساعدات إنما يتحول إلى فخ للمدنيين ما يجعل الحديث عن حمايتهم عبر هذه الهدن هو محاولة قبيحة لتجميل وجه الفظائع التي ترتكب خلالها بحق المدنيين والعزل لذا يرى كثير من المراقبين أن أي هدنة لايصال مساعدات انسانية لا تملك آليات على الأرض لمراقبتها هي محاولة لدعم المليشيا التي استفادت تماماً من الهدن التي أقرت في جدة وحولتها إلى وسيلة للتمدد والقتل والدخول إلى بيوت المواطنين بل أن أي احصاء دقيق لهذه الفترة سيظهر مباشرة أن عدد القتلي في صفوف المدنيين أعلى من أيام اشتعال المعارك لان مقاتلي المليشيا في الايام التي لا يواجهون فيها عمليات عسكرية يتجهون مباشرة إلى بيوت الناس والى القتل والنهب والاغتصاب.
وكان الخبير في القضايا السياسية د.صلاح البندر قد أشار في مقال له تعليقاً على زيارة البرهان إلى الرياض أن السعودية أمام اختبار نفوذ الان، وتساءل (هل تتحول من راع إلى ضامن)، وأضاف (الرياض تملك ما لا يملكه كثيرون فهي قادرة على جمع الاطراف والتاثير على الحسابات الاقليمية وربط المسارات الدولية بمسار واحد أكثر انضباطاً) لكنه عاد وأكد أن امتلاك النفوذ شيء واستخدامه في الاتجاه الصحيح شيء اخر وإذا اكتفت السعودية بدور الراعي البروتوكولي ستبقى الحرب قابلة للتجدد وسيدفع الاقليم ثمن هذه الحرب أما إذا تحولت إلى ضامن لمسار تنفيذي فانها لن تنقذ السودان وحده بل ستحفظ امنها الاقليمي.
ويرى د.صلاح البندر أن خمسة أمور يجب مشاهدتها على الأرض لا على الورق وهي حزمة انسانية قابلة للتحقق عبر نقاط عبور محددة وممرات زمنية معلنة وآلية عمل اسبوعية وإزالة العوائق المعروفة التي تعيق وصول الاغاثة ويجب ثانيا إنشاء آلية متابعة شفافة وعلنية من فريق متابعة سعودي امريكي اممي يرصد الخروقات ويعلنها ويحدد المسؤول عنها لان الصمت هو الوقود الأول لخرق الاتفاقات بالاضافة الى أن يكون هناك نظام عقاب للخروقات وأن يحدد مسار سياسي بزمن وليس فقط شعارات وأن تكون هناك لغة صريحة وواضحة لحماية المدنيين ووقف التهجير القسري وضمان وصول الاغاثة).
وقال اليسع محمد نور الباحث في الشؤون السياسية ومدير مركز نور للدراسات الاستراتيجية إن العودة إلى المنبر السعودي وجدة تحديداً يبدو الأنسب في هذه المرحلة لان الملف هناك سيدار بعيداً عن لغة التهديد الغربي التي تعقد الملفات ولا تحلها كما أن المملكة تدرك تماماً تعقيدات الأمور على الارض وتدرك ايضاً أن الملف السوداني مرتبط بأمن البحر الاحمر وأمنها لذا فان وجودها كفاعل اقليمي رئيسي مهم هي ومصر لكن انتاج ما حدث في جدة الأولى من هدن مكنت المليشيا من التوسع واحتلال بيوت الناس وقتلهم يبدو لي كعقبة كبيرة)، وأضاف (بدون آليات رقابة فاعلة على الارض وبدون عقوبات رادعة سيتحول الامر الى فوضي تستفيد منها المليشيا والامارات التي ستزيد من شحنات السلاح ومن محاولات فتح خطوط امداد جديدة مستقرة لانها تتابع ما يجري في عدد من العواصم الاقليمية والدولية وتعرف أن الوقت بات ضدها لذا ستكثف من دعمها للمليشيا وتحاول خلق مناخ يمكنها من فرض رؤيتها على طاولة المفاوضات)، وتابع (المليشيا ستستفيد من الهدن في شن هجمات على مناطق جديدة لتتوسع وستعيد ترتيب صفوفها كما حدث في الهدن القديمة التي وافق عليها الجيش في جدة ونفذت وكانت برايي خطأ كبير دفعنا ثمنه).
