الأحداث – عبدالباسط إدريس
يعتزم رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان تسمية رئيس وزراء تمهيداً لتشكيل حكومة انتقالية جديدة، يأتي ذلك وسط تحديات ومخاطر أمنية واقتصادية كبيرة، وحالة من الفوضى التي خلفتها حرب المليشيا على الدولة وضعف فاعلية مؤسساتها الرسمية، فما هي خيارات البرهان؟، وماهو شكل وبرنامج الحكومة ودواعي تكوينها؟ وماهو تأثير الخطوة على الأوضاع الداخلية والخارجية؟.
تفاصيل مشاورات
كشفت معلومات أن رئيس المجلس السيادي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان استدعى مجموعة من القيادات السياسية، الأربعاء، وذلك بهدف التشاور حول تشكيل حكومة انتقالية.
وبحسب “شبكة أخبار السودان” فإن مجموعة السياسيين ضمت الناظر ترك رئيس المجلس الأعلى لنظارات البجا، جعفر الميرغني نائب رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل، مبارك الفاضل رئيس حزب الأمة، التجاني سيسي رئيس حزب التحرير والعدالة، جبريل إبراهيم رئيس حركة العدل والمساواة، ومني أركو مناوي رئيس حركة تحرير السودان.
ولم يفصح البرهان خلال الاجتماع عن الشخص الذي تم اختياره لرئاسة مجلس الوزراء للمرحلة القادمة، وكشفت المصادر أن التشاور كان حول رؤية القوى السياسية لكيفية إدارة الدولة في ظل حكومة جديدة تحظى بتأييد القوى السياسية والمجتمعية.
وأفصحت ذات المصادر أن الاتجاه العام هو تشكيل حكومة تكنوقراط وهو الأمر الذي أجمعت عليه القيادات العسكرية في المجلس السيادي وقيادة القوات المسلحة.
دواعي التكوين:
أسباب كثيرة تقف وراء هذه الخطوة، أبرزها الفراغ الدستوري عقب حل الحكومة في الخامس والعشرين من أكتوبر وخلو منصب رئيس الوزراء بعد استقالة حمدوك وتكليف الوكلاء والمديرين العامين بتسيير دولاب العمل وضعف الأداء المؤسسي وغياب الفاعلية لأغلب الوزارات وأجهزة الدولة، وخروج أخرى بأطقمها الوزارية والإدارية عن الخدمة مثل وزارات الإعلام، التنمية الاجتماعية، النفط والطاقة، التعليم العالي، التعليم العام، مصلحة الأراضي، وتعطل عمل كثير من النيابات والمحاكم مما انعكس على تراجع الخدمات وانهيار بعضها، وتفتقد الأجهزة الحكومية لخطة تشغيلية متناسقة مع القوات المسلحة وإدارة البلاد في ظل الحرب، الأمر الآخر تعامل بعض دول الخارج مع الوضع السيادي والتنفيذي الحالي كسلطة أمر واقع منعدمة الشرعية، ودول ومؤسسات أخرى لا تعترف بها أصلاً.
خيارات البرهان:
منذ انقلاب 25 أكتوبر، وفض الشراكة مع تحالف قوى الحرية والتغيير ظل رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش الفريق أول ركن البرهان يؤكد التزام القوات المسلحة، بتشكيل حكومة مدنية متعهداً بخروج الجيش بصورة كاملة عن العمل السياسي متى ما انتهت الانتقالية لحكومة منتخبة من قبل الشعب، مؤكداً خضوع كامل المنظومة الأمنية للسلطة المنتخبة حينها وتفرغ الجيش لتطوير ذاته والاضطلاع بمهامه، كانت رسائل البرهان موجهة بصورة أدق للشعب والشباب الثائر، لكن هذه التأكيدات قد أضافت لها الحرب بعداً آخر، وتحدٍ جديد فالبرهان محكوم حالياً بموقف شعبي صارم تجاه محددات الحرب وإدارة المرحلة المقبلة، بجانب أنه محكوم بإرادة الجيش والمنظومة الأمنية التي يرى قادتها أنهم والشعب يدفعون ثمن أخطاء وممارسات سياسية فاسدة أفضت لوقوع البلاد في المصيدة الراهنة، وبهذا لايملك وحده قرار أن يعين رئيس الوزراء بمعزل عن قرار يصدر عنه بصفته العسكرية.
وكان مساعد القائد العام الفريق أول ركن ياسر العطا قال إن الفترة الانتقالية المقبلة ستكون تأسيسية خالية من أي مشاركة لأحزاب سياسية وأن البرهان سيتخذ قرارات جديدة وسيتم الإعلان عن وثيقة دستورية جديدة، الأمر الأخير هو أن البرهان محكوم باتفاقية جوبا للسلام وهو ملزم بتنفيذ بنودها بما في ذلك نسبة 25% من السلطة التشريعية والتنفيذية، وليس خافياً أن إكمال تنفيذ الترتيبات الأمنية ودمج قوات الحركات بالجيش الوطني – وهو هدف استراتيجي- رهين بالالتزام بنسبة المشاركة في السلطة، الأمر الأخير أيضاً أن البرهان محكوم بحتمية التشاور مع القوى السياسية الوطنية التي تقف خلف الجيش في معركة الكرامة، مما يفرض عليه أخذ ملاحظات القوى بشأن الحكومة واختيار رئيس الوزراء في الاعتبار ومعالجة قضية الجهة الرقابية التي ستراقب الحكومة حيث ترغب معظم الكتل السياسية في تمثيلها في برلمان انتقالي لتشارك في إنجاز مهام الانتقال والمشاركة في إعداد القوانين التي ستؤسس للوضع الدائم.
من هو رئيس الوزراء:
تشير مؤشرات (الأحداث) إلى أن البرهان يرغب في وقف الحرب، فالحرب بالأساس قرار سياسي، والجيش لم يتخذ هذا القرار، ولكنه قابل محاولة انقلاب حميدتي وتمرد قواته والهجوم على مقاره بالردع. وأفاد الناطق الرسمي للجيش في أول بيان في 15 أبريل من العام الماضي أن قوات الدعم السريع تمردت وتهاجم مقار الجيش وأنه سيعمل على (إخضاع) التمرد عبر القوة المسلحة، ومن ثم تحولت الحرب لتدخلات خارجية تفرض اختيار رئيس وزراء بناء على معطياتها، وبالإضافة للمعايير الأساسية تبدو البلاد بحاجة لرئيس وزراء معروف وقادر على مخاطبة الخارج، وبرزت أسماء عديدة من بينها السفير دفع الله الحاج الذي أنهت فرصة السعودية بالموافقة على ترشيحه سفيراً للسودان بعد ستة أشهر من ترشيحه، أما المرشح الثاني هو د.كامل إدريس الذي ارتفعت أسهمه في الآونة الأخيرة لكونه شخصية معروفة شغلت موقعاً دولياً رفيعاً في الماضي ورشحت أنباء عن أن جهات خارجية أوعزت بإمكانية التعامل معه، ودخل كامل القائمة كأبرز المرشحين لقطع الطريق أمام جهات خارجية تعمل على تشكيل حكومة وسحب الشرعية الدولية عن سلطة البرهان، المرشح الثاني هو وزير المالية د.جبريل إبراهيم وبرغم تجربته التي قد تؤهله لشغل المنصب لكنه لا يحظى بقبول أوروبي وأميركي وله مواجهات ومواقف معلنة مع سفراء الرباعية وفولكر حيث استعصم برفض المشاركة في الاتفاق الإطاري وشاركت حركته بفاعلية في اعتصام القصر للمطالبة برحيل حكومة قحت، أما المرشح الرابع الذي كانت تفضله قيادة الجيش هو الفريق ميرغني إدريس مدير منظومة الصناعات الدفاعية وهو رجل يحظى بثقة البرهان ومن خلفه المنظومة الأمنية بجانب أنه كان أحد أبرز مفاوضي المباحثات الأمنية بين السودان وإسرائيل ومندوب البرهان للتشاور بشأن الاتفاق الإطاري الأخير، وقد حاول الاتحاد الاوروبي قطع الطريق أمام وصوله للمنصب بعد أن فرض عليه عقوبات.
أما المرشح الخامس والأخير هو والي الخرطوم المكلف أحمد عثمان حمزة، وهو موصوف بأنه رجل مستقل وإداري متميز، وقد بدا ترشيحه بصورة عفوية عبر مواقع التواصل الاجتماعي.