القراية أم دق
(1)
قال الخبير العسكري الصيني (صن تزي) وهو (خبير) حقيقي ليس كخبراء الطاقة والذرة عندنا (خبراء عمر يوم واحد) في كتابه ( فن الحرب) : (الحرب مسألة خطيرة للدولة انها ميدان الحياة والموت ، هي الطريق التي تؤدي الي العيش او الفناء ، ولذلك فمن المستحيل عدم التعمق في دراستها. علي ان احراز مائة انتصار في مائة معركة ليس هو افضل ما يكون . افضل ما يكون هو اخضاع العدو دون قتال).
نقول ذلك لمن اشاعوا بخبراتهم الامنية والعسكرية والاستراتيجية الطويلة ان هذه الحرب سوف تحسم خلال ساعات وان النصر لن يتأخر اكثر من (72) ساعة ،ثم اكتشفوا من خبراتهم الحالية بعد خبرة (40) يوما حربا ، من خلال مشاهدتهم لها خلال الفضائيات العربية ان حرب المدن لا تنتهي سريعا وان منوالها يكون على هذه الوتيرة بين الانتصار والهزيمة والكر والفر والهدنة والحرب وكأن الحرب عندما اشتعلت كانت تدور في ارض لا مباني فيها وسماء تغطيها الطائرات الحربية للجيش.
الانتصار في مثل هذه الحروب هو انتصار سياسي سريع الذوبان.
(2)
خسارة الجيش السوداني ليس فقط في منشآت الدولة التي تهلك وتهدم وتستباح ولا هي في اسلحتهم التي تدمر او طائراتهم التي تسقط او جنودهم وضباطهم الذين يستشهدون.
خسارة الجيش ايضا في اسلحة العدو التي يدمرها الجيش، لأنها في النهاية هي اسلحة هذا الشعب وهي من ممتلكاته التي يجب ان ترد له او ان تول للجيش.
خسارة الجيش في ان المواطنين فقدوا الطمأنينة في بيوتهم وان المدنيين من نساء واطفال قتل بعضهم بالرصاص وبعضهم بالسكتة القلبية من دوي الرصاص وقعقعة الدبابات في الشوارع وتحليق الطائرات الحربية في السماء.
ومن لم يمت بالرصاص مات بدويّه.
خسارة الجيش في توقف الحياة وتعطل العمل ..واقتحام المستشفيات ، الدعم السريع ربما يحسب ذلك مكسب له في ان يجمد الحياة ويعلق العمل ليتوزع طلاب مرحلة الاساس في العاصمة بين الولايات من اجل الالتحاق بامتحانات السنة النهائية للمرحلة الابتدائية.
الدعم السريع احدي ادواته في الحرب ان يشيع الفوضي وان يسود النهب والسلب وفي هذا يلتقون مع النظام البائد وفلوله الذين اشعلوا هذه الحرب ثم غادروا خارج السودان او خرجوا على الاقل من العاصمة نحو الولايات. ..يتابعون رحاءها او يشعلون فتنتها من مواقع التواصل الاجتماعي.
(3)
اي طلقة تخرج من مدفع او كلاش او طبنجة قتلت او لم تقتل احد من الجيش او من الدعم السريع.. فاتورتها سوف يدفعها الشعب السوداني وسدادها سوف يكون واجبا على الوطن ، وأثرها لن يكون على من طلقت نحوه او وجهت عليه .. أثرها سوف يمتد على اجيال قادمة ،لأن جراح الوطن عندما تنزف فان اجيال مازالت في رحم الغيب سوف تتداع لها السهر والحمى.
يوجعني جدا ويحزنني ان اشاهد كل هذا الخراب في وطني .. مؤسف ان نشاهد مطار الخرطوم يتحول الي خرابة والمدينة الرياضية تصبح معسكر حربي بعد ان فشلنا على مدى ثلاثين سنة من ان نجعلها معسكر رياضي .. لقد نجحنا اخيرا في ان نحولها لميدان قتال بعد الفشل في جعلها ميدان لكرة القدم والهلال والمريخ والمنتخب يلعبون قبل الحرب خارج السودان لعدم صلاحية الملاعب.
(4)
من اغرب ما سمعت تصريح لمني اركو مناوي وهو حاكم لاقليم دار فور يدعو فيه المواطنين الشرفاء الي حمل السلاح وحماية انفسهم بانفسهم… مناوي الذي اطلق هذا التصريح هو نفسه ما برح في كل مناسبة وكل منبر يؤكد ان حركات دار فور المسلحة او حركات الكفاح كما يطلق قادتها عليها سوف تظل في منطقة (حياد) ولن تشارك في الحرب مع اي طرف من طرفي النزاع ..علما ان احد ابرز قادة هذه الحركات بعد اشتعال الحرب وهو مالك عقار اصبح نائبا لمجلس السيادة بعد ان كان عضوا فيه.
مناوي وهو جزء من الحكومة وصاحب (الجلد والرأس) فيها وحاكم اقليم دار فور قال ان الحكومة غائبة منذ 15 ابريل .. ربما يقصد نفسه فهو قد اتخذ موقف (الحياد) في هذه الحرب .. والحياد في مثل هذه المواقف يعني (الغياب) ..خاصة اذا كنت جزء من السلطة.
(5)
بغم
اقول للخبراء العسكريين والأمنيين والايستراتيجيين لقد اتضح لنا اخيرا ان (خبراتكم) العريضة فقط في كيفية ازاحة (التروس) من الطرقات ووضع (الحاويات) على الجسور.
لا للحرب.
وكل الطرق تؤدي الي (المدنية) حتي وان اشتعلت الطرق حربا… هذا تأكيد على المطالبة بالمدنية.
لا للحرب.
لا للعسكر.