محاولات إغتيال (البرهان).. تكسر المؤامرات

تقرير – أمير عبدالماجد

لاشك أن حادثة جبيت التي استهدفت إغتيال رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان حدث وتغير في مسار المعارك التي تجري الآن، إذ أنها المرة الأولى التي يستهدف فيها البرهان بمسيرات ما يشير إلى أن الجهات الداعمة للمليشيا لربما ضاقت ذرعاً بمواقف الرجل المتمسك بخروج المليشيا من الأعيان المدنية والمدن قبل الدخول في أي حوار معها وهو أمر ظهر جلياً في أول تصريح للرجل بعد نجاته من محاولة الاغتيال إذ أكد أنهم لن يفاوضوا والمليشيا لازالت موجودة في المدن وبيوت السودانيين مايعني أن الرجل يفهم جيداً الرسائل التي حملتها المسيرات إلى جبيت ويعلم الجهات التي تقف ورائها.

طرف ثالث

ولعل ماكان لافتاً في هذا اليوم وجود البرهان بـ(تشيرت) الجيش الذي ظهر به عقب خروجه من القيادة العامة التي ظل متواجد فيها لخمسة أشهر، كما كان لافتاً أن الرجل لم يغير وجهته جراء الموت والإصابات التي طالت بعضا من حضور الاحتفال، وواصل التخريج بل واتجه بعدها إلى مستشفى جبيت لتفقد الجرحى وكالعادة خرجت بعض الإشارات من المليشيا تحاول تقديم رؤية معتادة عقب أي محاولة لاغتيال البرهان فكما ادعت المليشيا بعد خروج البرهان من القيادة العامة أنها سمحت له بالخروج من القيادة العامة من أجل التوقيع على تفاهمات معها وهو أمر أثبتت الأيام أنه مجرد أكاذيب عادت أمس لتتحدث عن جهات غيرها (طرف ثالث) ادعت أنه من أطلق المسيرات وحاول اغتيال البرهان.

المسافة صفر

وكان الرجل قد تعرض لأول محاولة اغتيال من قبل الدعم السريع في الساعات الأولى لليوم الأول للحرب بعد أن داهمت قوة كبيرة مقر إقامته وحاولت اغتياله ضمن مخططها لاستلام السلطة بالبلاد، وقال شاهد عيان كان ضمن القوات التي تحرس مقر البرهان إنه شاهد سيارات مدججة بالسلاح تتبع لمليشيا الدعم السريع تدخل المقر وتشتبك مع حرس البرهان، وأضاف “شاهدت البرهان يحمل بندقية كلاشنكوف ويشتبك مع مليشيا الدعم السريع من المسافة صفر كما شاهدت سقوط أكثر من 30  قتيلاً من حرس البرهان”، وتابع الرجل الذي طلب من رويترز حجب اسمه أنهم تمكنوا من سحب الرئيس إلى منطقة أكثر أمنا قبل أن يغادر الدعم السريع المكان بعد أن تكبد قتلى ومصابين كثر”، وكانت قوة الدعم السريع التي قادها حميدتي بنفسه قد اشتبكت مع برهان وحرسه لساعات قبل أن تفشل في القبض عليه أو قتله حسب مخططها وهو الفشل الذي قاد بعدها لتحولات كبيرة إذ أن القبض أو قتل البرهان يومذاك كان يعني سيطرة الدعم السريع على السلطة عبر شخصيات في الجيش تم التنسيق معها على تقديم الأمر للسودانيين على أنه انقلاب على البرهان داخل الجيش لعدم قبوله بالاتفاق الإطاري، لكن قتال الرجل ونجاته غيرت الأمر برمته من مجرد “استلام للسلطة قال حميدتي انه لن يستغرق أكثر من ساعتين” إلى حرب يخوضها السودانيون ضد مليشيا تستهدف وجودهم.

إرباك المليشيا

يقول الباحث السياسي السر محمود الذي يعد لإصدار كتاب عن حرب الخرطوم إن نجاة البرهان في اليوم الأول من محاولة اغتيال شكل النقطة الأهم في هذه الحرب لأنه أفشل تماماً مخطط حميدتي للاستيلاء على السلطة وشل أطرافه السياسية التي كان من المفترض أن تبدأ بتسيير تظاهرات مؤيدة للانقلاب على البرهان، وأضاف “ماحدث يومها عمل بطولي أبقى على الدولة السودانية وصان وجودها وشكل التغيير الأبرز في الحرب”، بعدها ضيقت المليشيا ضغطها على مكان وجود البرهان بالقيادة العامة وظلت تستهدف مقر إقامته بحوالي (600) سيارة مدججة بالسلاح يومياً بالإضافة إلى القصف الصاروخي الذي لا يتوقف في إطار سعيها لتحييد البرهان الذي يجلس على كرسي الشرعية لكنها فشلت رغم الخناق الضاغط الذي مارسته على مقر القيادة إلى أن فوجئت في الشهر الخامس للحرب بالتغيير الثاني في مسار الحرب بخروج البرهان من مقر القيادة في عملية نفذتها قطاعات مختلفة من الجيش أربكت المليشيا وأدخلتها في حالة إنكار وارتباك عادت على ضوئها لإطلاق تصريحات متناقضة قالت في معظمها إن البرهان خرج بوساطة من دولة صديقة لتوقيع تفاهمات مع المليشيا وهو ما أثبتت الأيام أنه مجرد كذب معتاد من المليشيا، إذ أظهر البرهان حزماً في موقفه وقاد العمليات العسكرية وعمل بجهد كبير لتوفير السلاح لقواته ولم يذهب للتفاوض عكس ما ادعت المليشيا التي بوغتت بخروج الرجل من القيادة وظهوره في ام درمان وحديثه في قاعدة فلامنجو عن الكيفية التي خرج بها ودور القوات المسلحة في التخطيط والتنفيذ وعن عرض بعض العملاء عليه الخروج بتسوية قال (الخونة عرضوا علي الخروج من القيادة دون التعرض لاي شيء لكن من جاء بالمقترح سمع مني حديثاً لن ينساه إلى يوم القيامة)، كان هذا هو التحول الثاني والمتغير الثاني الكبير في مسار الحرب إذ بدا البرهان مباشرة في زيارة قوات الجيش لتحديد احتياجاتها العسكرية قبل أن يبدأ جولات خارجية وفرت فيما بعد أسلحة نوعية للجيش كما ابتدر زيارات لبعض الدول لشرح وجهة نظر السودانيين بعد أن كان هذا المسار بيد المليشيا وداعميها.

صوت حكومي

يقول الباحث السياسي السر محمود إن المتغير الثاني فتح الطريق لحصول القوات المسلحة على السلاح وغير بعض المواقف الإقليمية والدولية وسمعنا للمرة الأولى صوت حكومي بعد أكثر من خمسة أشهر من الحرب، وأضاف “كان تحولاً مهماً على المستويين العسكري والسياسي وخسارة كبيرة للمليشيا”، وأخيراً استهدفت المليشيا أمس القائد العام للقوات المسلحة أثناء مشاركته في احتفال لتخريج ضباط حربيين بجبيت أسفر عن استشهاد خمسة مايعني أن النيران كانت قريبة جداً من الرجل لكنه نجا وأصر على مواصلة برنامجه فهل ستكون الثالثة تحولاً جديداَ في مسار الحرب خاصة وأن عملية الاغتيال جاءت قبل أيام من انعقاد مفاوضات مقترحة بسويسرا وضع الجيش أمامها اشتراطات بأن يتم تنفيذ ماتم الاتفاق عليه في جدة بخروج المليشيا من المدن ومنازل المواطنين وهو ما أكد عليه البرهان بعد لحظات من محاولات الاغتيال بالتأكيد أن الجيش لن يفاوض قبل تنفيذ ما اتفق عليه في جدة.

Exit mobile version