مجزرة “ود النورة” وأخواتها.. دوافع المليشيا وصمت العالم

الأحداث – عبدالباسط ادريس

 

لم تكن منطقة ودالنورة التابعة لمحلية 24 القرشي، أقل سوء عن سابقاتها من قرى الجزيرة، التي ظلت تتعرض بشكل مستمر للإبادة الجماعية والتطهير العرقي والنهب والتهجير القسري، من قبل مليشيا حميدتي.

 

صدمة مؤلمة

لقد كانت الصدمة أكثر إيلاماً في ودالنورة بارتفاع حجم الضحايا الذين سقطوا حيث لقي (200) شخص مصرعهم في ثوان معدودة بجانب إصابة العشرات بجروح خطيرة نقل أعداد منهم إلى مدينة الدويم لتلقي العلاج، تلك المجزرة البشرية قوبلت بصمت تام من القوى الغربية والإقليمية.

 

رواية مصاب:

لم يكن محمد عبدالله، في حالة جيدة وهو يروى ل:(الأحداث) بصعوبة بعض مما حدث في ودالنورة، يقول محمد الذي ضرجته دماء الإصابة “قصفونا بالدانات وأطلقوا علينا وابلاً من الرصاص بالدوشكات والثنائيات، كسروا الدكاكين وسرقوا كل شيء”.

ولم تكن مجزرة ودالنورة هي الهجوم الأول للمليشيا فقد كانت المرة الثالثة بعد أن تم صدها من قبل الأهالي في المرتين السابقتين بخسائر وإصابات محدودة .

لماذا ود النورة :

تعتبر المنطقة من كبرى المناطق بالمحلية من حيث الكثافة السكانية والمواعين الإيرادية فالمنطقة اشتهرت بالتجارة والثراء وبها أسواق حية وحركة أموال تجارية ضخمة، بجانب ذلك شكلت رأس الرمح فى تزويد المقاومة الشعبية بالرجال والأموال، وماتزال أعداد مقدرة من شبابها ينخرطون فى الصفوف الأمامية للقتال مع الجيش وشكلوا صمام أمان في حماية المناقل من السقوط في يد المليشيا وأعين ساهرة للحصار المحكم الذي يفرضه الجيش عبر محور المناقل في ودمدني.

 

ماوراء الهجوم :

تتعرض المليشيا لحصار محكم، من قبل الجيش والمقاومة الشعبية والحركات المسلحة في محاور سنار، الفاو والمناقل، ويعتبر المحور الأخير الأكثر فاعلية عبر التمشيط والعمليات الخاصة النوعية التي ضيقت الخناق على عناصر المليشيا وشلت قدرتها في الهجوم أو الحصول على الإمداد بالسلاح والوقود، ولذلك تعمل المليشيا على فك الحصار عنها ومحاولة إنقاذ عناصرها المستوحشة من الحصار المطبق عليها في قرى سكر سنار، حيث تمكنت مجموعة منهم من التحرك إلى الطريق الترابى الرابط بين سنار والمناقل ونهب المواطنين وضربهم بالسياط بجانب نهب البصات السفرية وشاحنات نقل البضائع، قبل هروبها حيث دخلت في معركة خاسرة مع الجيش في جبال سقدى تكبدت فيها خسائر كبيرة وعادت البقية إلى قرى السكر، وبعد يوم واحد دخلت أعداد كبيرة من المليشيا إلى مناطق غرب  القطينة ونعيمة وهي في الأصل قوات هاربة من مناطق جنوب الحزام وجبل اولياء بعد أن تلقت ضربات جوية قاسية من قبل الجيش، وهذه القوة هي التي تسللت إلى ود النورة وقادت الهجوم عليها، وتبدو المليشيا أكثر تصميماً بالاستحواذ على ودالنورة فهي رقعة جغرافية تربط ولايات الجزيرة، النيل الابيض والخرطوم وسقوطها يعنى عملياً، حصار المناقل وفتح جبهة قتال جديدة لتدمير أكثر محاور الجيش والمخابرات والمقاومة الشعبية، تأثيراً على العمليات وحصار مدني، بجانب قطع الطريق أمام أي قوة عسكرية قادمة من النيل الأبيض لفك الضغط على محور المناقل أو تهديد تواجد المليشيا في معسكر طيبة ومناطق جبل أولياء التهديد الذي سيؤدي لتقهقر المليشيا واتساع رقعة انتشار قوات سلاح المدرعات.

 

تهجير وإفقار :

من ناحية اجتماعية تبدو هذه الهجمات منظمة فقد تعرضت جميع قرى الإنتاج الزراعي بمشروع الجزيرة للقتل والتهجير ، وتم نهب محاصيلهم الزراعية ونزحوا فى موجات جماعية إلى المناقل وخارج الجزيرة، وتستهدف الهجمات مواطني “الكنابي” من مواطني غرب السودان الذين انتقلوا للعيش بالجزيرة وهم يشكلون الأيدي العاملة الأهم في الزراعة بمشروع الجزيرة وامتداد المناقل وكثيراً ما يتم قتل أهل الكنابي على أساس عرقي وكذلك يتم تهديدهم بشكل مستمر، فقد أصبحوا بلا عمل ويواجهون أوضاعاً إنسانية قاتمة.

 

هجمات سابقة:

وفي مجازر شبيهة لمنطقة ودالنورة، قامت مليشيا حميدتي في وقت سابق بالهجوم على منطقة أم عضام أودى بحياة 150 من المواطنين العزل وإصابة العشرات الذين تم نقلهم إلى مستشفى المناقل، ووفقاً لإحصاءات طبية فقد تلقى المستشفى أكثر من ألف إصابة من المواطنين، وبجانب مجازر ود النورة وام عضام، شهدت قرى أخرى مجازر وانتهاكات وحشية وإن كانت أقل من حيث أعداد القتلى والمصابين وتجاوز عدد قرى الجزيرة التى تتعرض للإبادة والتطهير والتهجير القسرى عدد 150 قرية وكنبو، أبرزها، من قرى ام دوانة، الشريف مختار، ود ابو امنة، ودالجمل، الدوحة، العقدة، المغاربة، الفريجاب، ود البلة، بلالة، المدينة عرب، تنوب، مريود، نايل، فطيس، كبر، السبيل.

 

رصد الانتهاكات:

يقول المحامي خالد عباس إن مايحدث في الجزيرة من قبل مليشيا الدعم السريع جرائم حرب مكتملة الأدلة، مؤكداً وجود لجنة خاصة مكونة من قبل المقاومة الشعبية لرصد وتوثيق هذه الجرائم لتقديمها للرأى العام العالمي والمحاكم والوطنية والدولية.

Exit mobile version