لا للرأي الآخر

 

د. عبدالعظيم عوض

*انشغلت وسائل التواصل الاجتماعي خلال هذا الأسبوع بالإجراءات التي اتخذتها إحدى القنوات الفضائية السودانية بحق بعض منسوبيها لما اعتبرته أدارةُ القناة تجاوزا لخطوط سياستها التحريرية خاصةً ماتعلق منها بالأمن الوطني في ظل أوضاع العدوان الحالي الذي تواجهه بلادنا حاليا.

*لاحظت أثناء الجدل حول هذا الموضوع أن بعض المتداخلين أبدوا اعتراضا على الإجراء باعتباره من شأنه تكميم الافواه وإبعاد الرأي الآخر، مما يُعدُ – من وجهة نظرهم- مساسا بالحريات الاعلامية.

*من المؤكد اننا نُقدّر هذا الحرص على إعمال مبادئ الحريات الاعلامية وحق الإنسان في التعبير الذي تبنته كل المواثيق والتشريعات الاعلامية في حالة السلم وفي ظل الأوضاع العادية ، لكن في اوقات الحرب قطعا تتبدل تلك المعايير وتتغير وفقا لمعطيات الأوضاع الأمنية وماتفرضه مطلوبات الدفاع عن الوطن ومواطنيه ، ولا خلاف في أن ما يشهده السودان حاليا ليس حربا بالمعنى المتعارف عليه، إنما هو عدوان يستهدف وجود الدولة السودانية وهُوية شعبها وكيانها عبر التاريخ ، ويستخدم العدو في عدوانه هذا كل أدوات الدمار والسلاح وحشود المرتزقة ، فضلا عن السند الدعائي والمعنوي المنتشر داخل وخارج السودان، وسط هذه الأوضاع العدوانية التي لم يشهد لها السودان مثيلا من قبل ، يبقي الحديث عن رأي ورأي آخر لا يعدو أن يكون سوى غفلة واستغفال ، ولا بد أن يكون لكل مقام مقال ولكل حدث حديث.

*من الطبيعي أن تكون استراتيجية الإعلام السوداني في هذه المرحلة قائمة على منهج إعلام الحرب بكل متطلباته النظرية والعملية بالقدر الذي يجعل الإعلام الوطني في ذات الخندق مع المقاتلين بالسلاح وأحيانا يتقدم الصفوف عبر آليات التوجيه والإرشاد بهدف حشد كل طاقات الأمة نحو التعريف بابعاد العدوان وغرس روح التضحية والفداء والانتماء للوطن.

*وسط كل هذا الحشد الوطني لامكان لكلمات حقٍ يُرادُ بها باطل مثل الرأي الآخر والحريات وغيرها من نظريات اعلام الأوضاع الطبيعية التي يحفها الأمن والأمان وكل معطيات السلم الاجتماعي.

*والحال هكذا فإن إعلامنا الآن يجب أن تكون وجهته واحدة ورؤيته موحّدة نحو غاية رئيسية هي الجيش والشعب والوطن، بحيث يتمكن من بناء جبهة داخلية موحَّدة ومتماسكة تقود للنصر الذي يتطلع اليه المواطن بإذن الله ثم بعزيمة جيشه ومقاتليه من القوات المشتركة والمستنفرين والمجاهدين.

*ويجب أن نضع في الإعتبار الموجهات التالية:

*الحد من الآثار الضارة لوسائل التواصل الاجتماعي من خلال سن التشريعات والأوامر المحلية المفضية إلى إجراءاتٍ رادعة.

*محاربة الأخبار الزائفة والشائعات عبر إطلاع الرأي العام على المستجدات أولا بأول وبالسرعة المطلوبة.

*مواجهة الشعارات الفارغة مثل ( لا للحرب) لأن المؤكد أن وقف الحرب يكون بإعداد القوة ووسائل الردع لا بالشعارات والهتافات الحنجورية.

*محاربة خطاب الكراهية عبر كافة الوسائل المتاحة ، بما في ذلك أدوات القوة الناعمة من غناء وموسيقى ودراما.

*وأخيرا نذكّر دعاة الرأي الآخر في أزمان الحرب بقول الشاعر

وجُرحُ السيفِ يأسُوُه المُدَاوي

وجُرحُ القولِ طولَ الدّهرِ دامي

جراحاتُ السنانٍ لها التئامٌ

ولا يلتامُ ماجَرح اللسانُ

Exit mobile version