محجوب فضل بدري
وزارة النقل هيئة سكك حديد السودان، يسعدنا حضوركم لإستئناف قطار بورتسودان عطبرة يوم الخميس الموافق 26 ديسمبر 2024م الساعة الثالثة عصراً، بتشريف السيد عبد الله يحيى عضو مجلس السيادة ورعاية المهندس أبو بكر أبو القاسم وزير النقل.
إعلان من الممكن أن يكون عادی جداً، ولا يلفت نظر أحد، لو لا إن الظروف التی تمر بها بلادنا التی أحالت فيها الحرب مثل هذه الأشياء العادية إلیٰ أحداث إستثناٸية!! قطر قايم من محطة إلیٰ محطة، ما كان محتاج لی عضو مجلس سيادة ووزير عشان يشرِّفوا قيامو ويرعوه لكن الله يجازی الكان السبب!!
السكة الحديد شريان حياة السودان وموحدة وجدان أهله، وملهمة الشعر لشعراٸه، وجامعة قلوب المحبين فی سفرية واحدة تلتقی الأسر وتتآلف القلوب ويتصاهر الناس، ويخلفوا بنين وبنات ويعيشوا فی تبات ونبات، والسبب السفر بالقطر، وغالباً ما تبتديء السفرية،بتخاشن بين المسافرين فی الحجز خاصةً فی (درجة تالتة ودرجة رابعة) ثمَّ تهدأ النفوس، ويتعارف المسافرون فی ما بينهم، ويتقاسمون (الزُوادة) وكأنهم جيران من زمان،ويمر القطار علی المحطات الخلوية الصغيرة و التی تخللها المحطات المتوسطة والكبيرة، مثلاً ركاب (قطر كريمی) يتلهفون لوصول قطارهم إلیٰ أولیٰ محطات الرفاهية وهي محطة الكاب حيث يشترون من الباعة الترمس وجنا الجداد !! وعندما يبلغ القطار محطة ابوحمد فسيجدون هناك الشای باللبن والزلابية، والعجوة، وربما الجردقة الترابية، وفی بربر يشترون الطواقی والشِريك، وفی عطبرة ترف البندر والكهرباء التی تنير الرصيف بلمبات النيون، وبوفيه المحطة الذی تتوفر فيه الرفاهية والكماليات، ليجدد المسافرون طاقتهم وينعمون بالاطعمة الطازجة والمعلبة، إذ لم تكن الزوادة تحتوی إلا علی اللحم المحمر والبيض المسلوق والدُّقة وهی مزيج الملح مع الشمار، وربما، ربما تكون هناك علبة حلاوة طحنية!!
نموذج قطر كريمی يمكن أن يتكرر علی بقية القطارات (زايد /ناقص).
-اسمه بالعاميَّة القطر ونادراً ما يُقال له القطار الذی شيَّد البلدان وعمَّر الوجدان وكان من سُبُل كسب العيش فی السودان، وقد تغنی به كل شاعر وفنان، منذ عهد الحقيبة وإلیٰ الآن، من بف نفسك يالقطار والی قطار الشوق، ويكفی أن البروف عبد الله الطيب جعل [من نافذة القطار] عنواناً لأهمّ إصداراته.
والقطار وهو وسيلة النقل الأكثر أمناً، والأقل كُلفةً، والأوسع إنتشاراً، أمَّا عمال السكة الحديد فهم طليعة الوطنيين المنادين بالإستقلال، وهم الأكثر عدداُ، والأقوی تنظيماً،والأبلغ أثراً، ولٸن كانت القباٸل تعتدّ بنسبها فإن نقابة عمال السكة الحديد تعتدّ بمنسوبيها فهي بوتقة انصهرت فيها جميع قباٸل السودان، فضلاً عن أثر السكة الحديد نفسها علی اصحاب الأنشطة الصغيرة، والباعة الجاٸلين، وتجارة الشنطة، وما لايمكن أن تحتويه هذه المساحة،ويلزمه أسفار وأسفار.
ولابديل للسكة الحديد إلَّا السكة الحديد، وكذلك هو دورها فی حرب الكرامة ضد مليشيا للدعامة.
التحية للسكة الحديد قيادةً وقاعدة، من الورش إلیٰ الخطوط والإدارة والإشارة، والأشرجی تراهو، للإشارة أداهو نزلو السيمافور، لي مرور براه.
-النصر لجيشنا الباسل.
-العزة والمنعة لشعبنا المقاتل.
-الخزی والعار لأعداٸنا وللعملاء.
-وما النصر إلا من عند الله.
-والله أكبر، ولا نامت أعين الجبناء.
نقلا عن موقع “المحقق”