ضحى عادل
في صباح انخفضت فيه درجات الحرارة وارتفعت فيه درجات الشوق الي المكان الذي قضيت فيه أجمل سنوات عمري وهو الخرطوم التي غبت عنها لأكثر من عامين، يمّمت صوب السوق الشعبي بمدينة كسلا التي زرتها لأول مرة لخمسة أيام لعمل صحفي لصالح موقعي الإخباري الجديد “الأمل” نيوز، وكذلك هربا من طقس بورتسودان القاسي في مثل هذه الفترة من العام.
كان الصباح قد كشف عن وجهه الجميل وازاح الستار عن مدينة اشتهرت بالجمال بدأت وقتها هادئة، فاتنة، يداعب نسيمها النفس فيتسلل اليها الانشراح، وحينما وصلت السوق الشعبي وجدت الحياة ضاجة،هنا بائعة شاي تنهمك في عملها بنشاط، وذلك صاحب طبلية يردد “فتاح ياعليم رزاق ياكريم” ، وهناك شباب اختاروا تحدي البطالة واعينهم تتعلق بالمركبات الصغيرة القادمة للظفر بالركاب لالحاقهم برحلات البصات السياحية ليحصلوا علي نسبة مالية من قيمة التذكرة ، وهكذا تتعدد المشاهد في السوق الشعبي الذي غادرناه وشمس كسلا بدأت تسطع في دلال من خلف الجبال لتكون وجهتنا الخرطوم عبر بص أنيق وجديد.
حينما خرجنا من منطقة ريبا نظرت الي كسلا التي تركتها خلفي، تأملتها وهي مثل عروس في يوم زفافها، لم اشأ وداعها فربما عدت إليها رغم انني لم أشرب من مياه توتيل رغم زيارتي للجبل الشهير في إحدى الامسيات إلا انني سوف اعود مجددا لهذه المدينة الهادئة التي تتصف بشعب أكثر هدوءاً يتسم بالبشاشة والبساطة.
بدأت الرحلة.. علي الطريق بين كسلا وخشم القربة، ترقد قري الرشايدة الوادعة التي تحكي عن اصالة وتكشف عن نمو متسارع لمجتمع كان ظاعنا لطبيعته الرعويه غير انه بات اقرب للمدينة في منهجه وللبادية في سمو اخلاقه، وفي ذات الطريق بدأت بصمات الخريف علي الارض التي اكتست بالخضرة وفي انتظار المزيد من الأمطار حتي ينبت الزرع ويمتلئ الضرع.
بين خشم القربة والقضارف وعند مدينة الشوك بدأت جغرافيا جديدة تتكشف امامنا، ارض خصيبة ومنبسطه علي مد البصر، بدأت في إستقبال الخريف، ومساكن تمتاز بها القضارف او قضروف ود سعد كما يحب ان يطلق عليها أهلها، وهي قضارف الخير ومطمورة السودان.
في مدينة القضارف توقف البص للاجراءات الأمنية، وبدأت المدينة تتخذ شكل جديد، تنمية عمرانية متسارعة، نمو صناعي ظهرت بصماته في غزو منتجاته الأسواق ، وجذب سكاني وهذا اضفي عليها حيوية.
ثم تحرك البص، مرورا بالفاو وجبالها الصامتة الشامخة التي تحكي عن اسرار ظلت شاهدة عليها لآلاف السنين، والوصول الي الفاو يعني اننا اصبحنا علي مقربة من جزيرة الخير حيث أرض أجدادي وموطني.
نواصل
