رأي

قبل الاقلاع….. فى وداع السفراء الأربعة..

السفير عبد المحمود عبد الحليم

تمبكتو لم تفصح عن كامل اسرارها بعد…
كانت المدينة بمراكز علمها وعلومها وجامعاتها ورقى معمارها وازدهار تجارتها وتحكمها في طرق القوافل العابرة للصحراء وإقليم السافنا جوهرة وتحفة قد حفها الغنى واحتواها الثراء وبان تأثيرها فى محيطها وخارجه ، فعندما حمل زعيم مالى مانسا موسى معه فى رحلته الى الحجاز مئات السبائك من الذهب تأثرت أسعار الذهب فى مصر.. ومنذ ضمها لقائمة التراث العالمي يجرى العمل الان لاستنطاق آلاف المحفوظات والوثائق الجديدة وسبر
أغوار تلك المدينةالراقدة فى ثنية نهر النيجر ” تمبكتو ” والمسماة باسم امرأة من الطوارق كان الرعاة والعابرون يحفظون اغراضهم وأشياءهم عندها، وياللتشابه فتمبكتو أو تنبكتو تماثل شبها ومضمونا واسماً ماتقوم به ” قهوة ام الحسن ” عند منحى النيل !
لئن عكس تشابه الأمكنة مشتركات التاريخ فان سفيرنا الهمام إلى مالى سوف يجد أن نظامها الجديد مثل مثيليه النيجر وبوركينا فاسو فى ” اتحاد دول الساحل ” الخارج من الايكواس يعانى مثلنا من مضاعفات الانتقال وتداعيات تجفيف الوجود الفرنسى ، وهو تطور تعده العديد من النخب الافريقية كموجة ثانية لحركة التحرر الافريقى…

تشابه أقدار السياسة والتاريخ والأمكنة حاضر ايضاً فى زمبابوى …وسنجد ان وحدة القارة الأفريقية اقرب ممايصوره اهل السياسة ، فزمبابوى بلغة الشونا تعنى ” المدينة الحجريّة ” او ” ارض الحجر ” ، وهو اسم مطروق عندنا فى السودان ، على ان سفيرنا الأثير سيجد على جدران نظامها السياسى وشماً للخرطوم التى كان لقمة منظمة الوحدة الأفريقية فيها عام ١٩٧٨ وفى احدى اهم قراراتها شرف الاعتراف ” بالجبهة الوطنية ” بشقيها زانو وزابو بقيادة روبرت موغابي وجوشو انكومو وإسقاط ” التسوية الداخلية ” او اتفاقية سالسبورى التى ابرمها نظام الأقلية العنصرى بقيادة إيان اسمث فى مارس ١٩٧٨ مع ماسمى بالزعماء التقليديين المعتدلين ايبل مزريوا والأب سيتولى وجيريمي شيراو والتى هدفت للالتفاف حول استقلال زيمبابوي وتمكين نظام الأقلية فيه ، وقد ادى القرار التاريخى لقمة الخرطوم إلى بلوغ كفاح شعب زمبابوى لغاياته بانعقاد مؤتمر لانكستر هاوس بلندن عام ١٩٧٩ حول ترتيبات الاستقلال برئاسة اللورد كارينقتون وزير خارجية بريطانيا وصولا لاجراء الانتخابات التى حصد موقابى نتائجها عام ١٩٨٠ ليصبح اول رئيس وزراء لزيمبابوي المستقلة..،
مثلها مثل ماكانت تسمى بدول المواجهة الأفريقية تعاني زمبابوى مخاض أزمات سياسية واقتصادية ، وفى هذا فان جنوب افريقيا ليست بمنأى عن رياح الأزمات تلك ، وسوف يلاحظ سفيرنا المبجل اليها ان ذلك البلد لايزال يعانى من أزمات اقتصادية ومعدلات عالية للجريمة ، وسوف يجد انه ولأول مرة منذ انهاء نظام الابارتيد فقد حزب المؤتمر الوطني الأفريقي اغلبيته البرلمانية كتطور هام وبعيد الأثر مما حمله لقبول صيغة حكومة وحدة وطنية بمشاركة احزاب وأطياف سياسية اخرى سوف يؤثر اختلاف رؤاها ومرجعياتها السياسية على السياسات العامة التى عهدت عن جنوب افريقيا مثل توجهاتها الشرق اوسطية بينما لاتزال علاقاتها مع الولايات المتحدة تعانى تدهورا لم تفلح زيارة رامافوزا للبيت الأبيض فى اصلاح بينه بل عمّقته تصريحات تعوزها اللباقة من الرئيس ترمب ،الذى يعانى من قصور وريدى مزمن قال ان أعراضه واتته بعد مصافحته لرامافوزا وكأنه نثر حوله ارواحا شريرة، وقد ظهر تباين قيادات المؤتمر الوطني الأفريقي فى موضوع الصحراء الغربية التى كانت توحدهم اذ اعلن الرئيس السابق زوما رئيس ” رمح الأمة ” الذى انفصل عن المؤتمر الوطني الأفريقي مغربية الصحراء، بينما اكد رامافوزا فى مؤتمر بشان قضايا التحرير استضافته جنوب أفريقيا مؤخرا مواقفهم المعلومة حول هذا الأمر ..
عندما يهبط سفيرنا الهميم مطار كراكاس فى قارة ظلت لزمان طويل خارج رادارتنا ومجساتنا الدبلوماسية سيجد ان رئيس البلاد مادورو فى فنزويلا يعانى بدوره ارواحا شريرة ليس مصدرها رامافوزا بالطبع بل ترمب ذاته الذي بعد أن صادرت سلطات بلاده طائرة مادورو الرئاسية عرضت خمسين مليونا من الدولارات لمن يساعد فى اعتقاله فى مسلسل تهديد أمريكي مستمر لاستقرار دول تلك المنطقة بعد الأزمة مع المكسيك وبنما.. بعثتنا بكراكاس— والتى يعود قرار قيامها للقاء البشير وشافيز عام ٢٠٠٦ على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة و انشأت فنزويلا بموجبه سفارة مقيمة لها بالخرطوم — تعاقب عليها سفراء ودبلوماسيون أماجد وتغطي دولا هامة هناك من بينها كولومبيا وكوبا
وإكوادور ، ونحسب أن مسألة المرتزقه ستكون احدى أولويات السيد السفير الجديد..

التهنئة وجميل الأمنيات بالتوفيق للأحباء السفراء خالد شكرى وابراهيم الشيخ وعثمان ابو فاطمة والهادى صديق.. تحركات السفراء مواسم مستمرة فى حب الوطن ورفعته…..” من رمادها تنبعث أليس ”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى