رشان أوشي
لأنه لا شيء يفوق أهمية درء الخطر الداهم على السودان؛ إنقاذاً للوجود وحمايةً للأرواح، أُعيد تشريع جهاز المخابرات العامة عبر إجراء تعديلات جوهرية عليه…
صلاحيات جهاز المخابرات العامة مهمة وضرورية في هذا التوقيت، لأن الأيام أثبتت أن هذه الحرب ليست مواجهة عسكرية بين الجيش النظامي ومتمردون، وإنما ذات أبعاد دولية، تسعى للسيطرة على موارد السودان بعد انهياره،، إذاً إطلاق يد جهاز المخابرات العامة بمثابة خشبة خلاص للسودانيين الذين يتوجسون من حرب مدمرة، نموذجها أكثر من الخرطوم، الجزيرة ودارفور أو تلك البلدان التي سُويّت بالأرض.
مع بدء تنفيذ عملي لمخطط “احتلال السودان” يوم ١٥/ أبريل/ ٢٠٢٣ م، وقرار الهجوم البري على ولاية الخرطوم التي يتكدس فيها ثلث سكان السودان… ومن ثم انتهاك كل العهود المسبقة، تسارع العد العكسي لبدء القوى الدولية الطامعة في السودان معركة واسعة وأهمها حرباً اقتصادية…
الحرب على السودان التي حملت عنوان اقتلاع قدرات المنظومة الأمنية والعسكرية كانت قد بدأت منذ ٢٠١٩ م، وما يحدث الآن واقعياً، هو استكمال لتلك الحرب عبر التدمير الممنهج للعمران باتساع دائرة الإبادة وقتل السودانيين جوعاً لوضعهم أمام واقع تهجير قسري.
إنه مخطط الاستيلاء على الأرض، وفرض حزام أمني يحمي مستوطنات “آل دقلو”، وعزل الشمال والشرق عن بقية السودان، تدمير الاقتصاد وإنهاء الدولة السودانية المؤثرة، جملة المخاطر المحيطة بالسودان أدواتها مخابراتية تعمل خلف سُتُر، لذلك تحتاج لعمل مواز من أجهزة الدولة الأمنية وعلى رأسها جهاز المخابرات العامة.
غيبت الاضطرابات الداخلية خلال الفترة الماضية دور جهاز المخابرات العامة كاملاً، بل وأرغمته على الانسحاب من العمل الميداني إلى موقع جمع المعلومات فقط، فتراجع حضوره ودوره مع تقلص عدد منسوبيه بواسطة الإحالات المتكررة.
الآن يتطلب الوضع الكارثي من جهاز المخابرات العامة وكل المنظومة الأمنية والعسكرية رؤية أشمل لتنفيذ حملات أمنية قوية وقاسية ضد رجال الأعمال الذين يعملون على تخريب اقتصاد السودان، ويشنون حرباً على الدولة والمواطن عبر احتكار استيراد السلع الاستراتيجية والتحكم في أسعارها، ومنع تجارة النقد الأجنبي التي تسببت في انهيار الجنيه بواسطة تلك المافيا الاقتصادية التي تتحكم في السوق.
هذه الإجراءات كفيلة بأن يستعيد المواطن الذي يساند الدولة في معركة الكرامة الثقة في أجهزتها وقدرتها على حماية الأمن الاقتصادي والقومي، ويغلق الباب أمام اتهامات بالتخاذل الرسمي وربما التواطؤ.
الوضع الآن يحتاج جهداً ميدانياً مخابراتياً ضخماً وعظيماً يخرج المواطنون من دوامة الانهيار بفرض سياق مغاير لما يتم دفع البلد إليه، لأن المصير على المحك.
إنه المنحى الذي يحفز إلى إنهاء الخلل الوطني المقيم ليكون ممكناً إعادة تكوين الدولة عبر تعضيد دور المؤسسات والأجهزة.
محبتي واحترامي