عمر الحبر يوسف
(التفرُّغ التنظيمي) لزمان طويل يضر الفرد ويضر تنظيمه.
ضرره على الفرد أنه يقطعه عن تخصصه الدراسي أو عن حرفته، بحيث تصبح مُعاودته ما كان فيه قبل التفرُّغ للتنظيم السياسي شيئاً غايةً في العُسر. ثم هو في العادة تشغله الإداريات التنظيمية عن الاجتهاد في خاصة نفسه تأهيلاً فكرياً وثقافياً.
وضرره على التنظيم متصل بالضرر الأول، فالمُتفرِّغ للتنظيم السياسي لزمان طويل يدخل عليه شعور الامتياز والحق الطبيعي والملكية الخاصة وحراسة المعبد في التنظيم!! فيحسب كل دعوة للتجديد والإصلاح في التنظيم مُوجَّهة إليه في شخصه، فيكون حرباً عليها. وفي العادة ينتصر (المُتفرِّغون) بطبيعة الحال في تلك الحروب التنظيمية بما يملكون من أدوات تنظيمية وامتيازات. ثم لا يكون منهم من بعد غير فاشل التجارب وقاتل الجمود!!
طبعاً الكلام هنا في حالة أن المُفرَّغَ مُفرَّغٌ من حزبه، بمعنى أن الحزب هو الذي يكفيه مَعاشه بموارد الحزب من اشتراكات أعضاء ونحوها.
أما إذا كان المُفرَّغ تَكفِيه مَعاشه ومسؤولياته تجاه أسرته وحركته واتصالاته ووو _ جهات خارجية من سفارات أو منظمات أو مراكز، فهذا موضوع آخر غير ما نحن فيه من كلام.
هذا النوع الأخير من التفرُّغ يدخل في العمالة واختباراتها لا في علل التنظيمات وأزماتها!!
ولسنا في حاجة إلى القول بأن غالب (شلة) الناشطين في الخارج الآن ممَّن يتزعَّمون أحزاباً هي إلى اللافتات أقرب منها إلى المؤسسات التنظيمية هم داخلون في هذا النوع الأخير.
